شمس نيوز/ علاء الهجين
"جاكيت شبابي فقط بـ 40 شيكل، ترنج حريمي 35 شيكل، تنزيلات كبرى عنا اليوم"، بتلك العبارات المغرية والجاذبة نوعًا ما، يحاول صاحب بسطة الملابس في شارع عمر المختار محمد نعيم "33 عامًا" جذب واستقطاب الزبائن لشراء بضاعته، لكن بالرغم من التخفيضات الكبيرة التي أعلن عنها صاحب البسطة إلا أن الرواد عليه قلائل جدًا.
ففي الوقت الذي تكتظ فيه الأماكن الحيوية "كمنطقة الرمال وشارع فهمي بيك وميدان فلسطين" بالمارة، يظن البائعون أن فرصتهم بالبيع آتية، إلا أنهم يُصدمون بأن معظم المارة ينظرون إلى البضائع المعروضة ويواصلون سيرهم، وبعضهم يسأل عن سعرها ويمشي في حال سبيله دون شراء أي قطعة منها.
الشاب محمد نعيم ليس الوحيد الذي يعلن عن تنزيلات على بضائعه، إنما يوجد مئات المحلات في محافظات القطاع مماثلة له، وأحيانًا تعرض بأقل من سعر التكلفة، لكن المستهلك يعزف عن الشراء بسبب جيوبه الفارغة من الأموال.
الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي عصفت بمواطني قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي والذي تمثل بمواصلة خصم جزء من رواتب موظفي السلطة في غزة منذ أكثر من 9 شهور، وإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكر، تلك الأمور جعلت القطاع في عداد الموت السريري.
نعيم قال، إنه قبل 9 شهور كان ينتظر تقاضي موظفي السلطة رواتبهم، وكان يبيع عن شهر كامل خلال فترة قصيرة، وكان عمله جيدًا، لكن بعد خصم جزء من رواتب الموظفين الذي كان يعول عليهم كثيرًا في تجارته، ضعف البيع بشكل كبير، لأن الكثير منهم عزف عن الشراء، وكل واحد منهم لديه أسبابه.
وأوضح لـ شمس نيوز"، أنه كان يبيع العديد من قطاع الملابس المتواجدة لديه، وكان يجني ربحًا وفيرًا، يساعده في إعالة أسرته المكونة من 5 أفراد، لكنه في الوقت الحالي تمر عليه أيام لا يبيع بها سوى قطعة أو اثنتين، وهو يفكر حاليًا بإغلاقها والعمل بمهنة أخرى حتى يستطيع توفير لوازم واحتياجات منزله.
وأضاف: "على الرغم من انخفاض الأسعار والعروض اليومية، وأحيانًا نتمسك بالزبون ولدينا نية لبيعه حتى بأقل من سعر التكلفة، إلا إن المستهلكين يعزفون عن الشراء بسبب الوضع المعيشي السيء الذي يعانون منه في الفترة الحالية".
وتدل كافة المؤشرات على أن عام 2017 كان الأسوأ اقتصاديًا على المواطنين في قطاع غزة، حيث وصلت نسبة البطالة لـ 46.6%، في قطاع غزة وهي الأعلى عالميًا، وتعطل نحو 243 ألف شخص عن العمل، ووصول نسبة البطالة بين الخريجين لـ 67%، في الفئات العمرية من 20-29 عامًا.
موظف السلطة، أبوعدي" 38 عامًا" من حي الزيتون قال، إنه بعد خصم نحو 30% من راتبه الشهري، بات لا يستطيع توفير أدنى احتياجات أفراد أسرته، المكونة من 6 الأفراد، وجميعهم يذهبون إلى المدرسة، إضافة إلى أنه يقطن بشقة بالإيجار.
وأوضح أبو عدي لـ "شمس نيوز"، أنه بات يتقاضى من مجمل راتبه 1400 شيقل، ويدفع 800 شيقل منهم بدل ايجار، ويتبقى 600 شيقل ويحاول أن يتعايش بهم وأفراد أسرته حتى نهاية الشهر، وأحيانًا كثيرة يستلف من أصدقائه بعض المال ويرجعها لهم عند تلقيه الراتب في الشهر التالي.
وأضاف: "أنا لا أستطيع تلبية مطالب أفراد أسرتي وخاصة الضرورية منها، هذا الأمر يجعلني أعزف بشكل كبير عن شراء الملابس، حتى لو كانت بنصف سعرها، لأني أفكر بكيفية توفير مستلزمات منزلي".
بدوره، أكد المختص بالشأن الاقتصادي، الدكتور معين رجب، أن "الأوضاع المعيشة والإنسانية في قطاع غزة دخلت مرحلة الخطر الشديد، والأعباء على المواطنين تزداد بشكل كبير وملحوظ، حتى باتت مقلقة للجميع".
وقال رجب، لـ "شمس نيوز" عزوف المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود والموظفين الذين قطعت أو تقلصت رواتبهم من قبل السلطة الفلسطينية أو الحكومة في غزة، أمر طبيعي نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تلك الأسر، وتعدد المواسم الدينية والاجتماعية التي تحتاج الكثير من الأموال.
وأكد، أن اقتصاد قطاع غزة، يشهد مرحلة انهيار حقيقية، نتيجة الحصار الإسرائيلي، المتمثل بإغلاق المعابر ومنع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة، ومنع أو تعقيد عملية تصدير المنتجات الفلسطينية إلى الخارج، وبالتالي ضعفت السيولة النقدية في القطاع، مما أثر سلبًا على التاجر والمستهلك معًا.