فقد الغرب الأمل في إعادة الحياة الديمقراطية في مصر، ويجب في هذه الحالة إعادة العلاقة مع النظام الجديد لعبد الفتاح السيسي. فإذا لم تستطع الولايات المتحدة دفع مصر لبناء مؤسسات ديمقراطية وتحقيق آمال "الربيع العربي"، فهل تستطيع ذلك أوروبا؟
الجواب لا، ولكن ما هو الحل؟ سلام بارد مع القاهرة، هذا ما تقترحه صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها.
وما يدعو الصحيفة لهذا الاقتراح؛ هو أن سياسات عبدالفتاح السيسي منسجمة مع مصالح الغرب، مواجهة الإسلاميين، وعلاقات طيبة مع إسرائيل.
وتقول الصحيفة إن "آمال الربيع العربي لم تمت بعد، ولكن من الصعوبة القول إنها تزدهر، وبناء على هذا فيجب على السياسة الغربية تقبل هذه النتيجة المحبطة، والاعتراف أيضا أن أهداف الديمقراطية الإقليمية لا يمكن أن تتحقق سريعا".
وتضيف الافتتاحية "في الوقت الحالي ستجبر الولايات المتحدة للعمل مع حلفاء ناقصين في المنطقة؛ لوقف خطط أعداء مصممين ومتوحشين، وبالتحديد، يجب على الغرب الاعتراف بأن عبدالفتاح السيسي يحظى بدعم قطاع كبير، وعنصر رئيسي لمواجهة التطرف الإسلامي".
وتعلق الصحيفة أن "هذه نتيجة لم تكن مرغوبة، فحركة التغيير الديمقراطي في الشرق قامت بالإطاحة ببعض الحكام المستبدين، مثل ما حدث في تونس ومصر، ولكنها لم تلامس حكاما، كما في السعودية، الأكثر مأساوية، هو نظام بشار الأسد الذي استطاع معتمدا على العنف المحض البقاء، وأدى لرد فعل مروع ببروز تنظيم الدولة ".
ورغم كل هذا تجد الصحيفة أن "الغرب ومصر، التي تعتبر أكبر دولة في الشرق الأوسط من ناحية عدد السكان، لديهما مصالح استراتيجية مشتركة. فقد أطاح الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو العام الماضي، ووصل السيسي للسلطة في حزيران/ يونيو، وعلى ما يبدو فقد تحجر الحكم لنوع يشبه ما كان عليه الحال في عهد حسني – عنيد وقمعي ضد أعداء الدولة، ولكنه مستعد للعمل ودعم الاستقرار الإقليمي".
وتذهب الافتتاحية إلى أنه "لا أحد يشك أن الجيش سيطر على الحكم بدعم شعبي، بعد محاولة مرسي التلاعب بأجهزة الدولة (خاصة القضاء) ولصالح الإخوان المسلمين. وأدت (سيطرة الجيش) إلى حملة قمع ضد المعارضين الإسلاميين، وقتل أكثر من 1.000، وسجن عدد أكبر. وقد حاولت إدارة أوباما استخدام الدعم العسكري لمصر كوسيلة للتفاوض، لكنها لم تنجح في فتح مؤسسات مصر السياسية (..)، ورغم ذلك فسياسة القاهرة الخارجية منسجمة مع المصالح الغربية، فقد دعم السيسي الحكومة الليبية والقوات العسكرية لمواجهة هجمات المتطرفين، فيما تمر علاقات مصر بإسرائيل بفترة من التطبيع بعد مرحلة توتر أثناء حكم مرسي".
وتتابع "التايمز": "وبناء على اتفاق قيمته 700 مليون دولار أميركي ستقوم إسرائيل بتزويد مصر بالغاز الطبيعي في العام المقبل. ويعتبر هذا تغيرا كبيرا في ميزان القوة الاقتصادي في المنطقة، خاصة أن مصر هي التي كانت تبيع الغاز لإسرائيل، وهذا العقد الذي استمر 20 عاما قام مرسي بإلغائه عام 2012، وهو تحرك أشار لتدهور العلاقات بين البلدين. ولن تبكي إسرائيل على إلغائه؛ لأنها بدأت باستخراج الغاز من حقولها".
وترى الصحيفة أن "مصادر الطاقة ليست بالضرورة مهمة للسلام في المنطقة، وليست بديلا عن التفاوض لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، ومن هنا فمن المهم مواصلة مصر وإسرائيل علاقات وتعاون مشترك كما فعلتا في ظل مبارك وسلفه السادات".
وتختم بالقول "على الغرب مواجهة واقع غير مستساغ، بأن إعادة الديمقراطية إلى مصر لها حظ قليل من النجاح، وبدلا من ذلك فقد يكون له بعض النفوذ على نظام السيسي، ودفعه كي يحسن من سجله في مجال حقوق الإنسان. ولدى الرئيس أوباما كل الأسباب التي تجعله يرحب بمساعدة مصر في الحرب على الإرهاب في ليبيا وسيناء. فسلام بارد مع دولة استبدادية لا يعني أنه تحالف مبادئ، وهذا هو الموجود الآن، تكيتكيا".