قائمة الموقع

خبر د. خليل الحية يتحدث لـ"شمس نيوز" في مقابلة شاملة

2014-04-15T09:55:53+03:00

تمديد المفاوضات بين السلطة وإسرائيل لتبييض وجه أمريكا والفلسطينيون هم الخاسر الوحيد

حماس لم تتغير في تعاملها مع المصريين والسياسة المصرية هي التي تغيرت

علاقتنا بالجهاد الإسلامي لا تتأثر بأحداث جانبية وهي أقوى من أي وقت


حاوره/ قاسم الأغا وأحمد أبو عقلين

تعج الساحة الفلسطينية بالتطورات والأحداث السياسية المختلفة، وتزداد سخونة يوما بعد يوم، غير منفصلة عن الواقع الإقليمي الذي يتأرجح بين مد وجزر ويلقى بظلاله على الواقع الفلسطيني الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من الحالة العربية والدولية التي تؤثر وتتأثر بمن حولها سلبا أو إيجابا.

فقطاع غزة يترقب وصول وفد فصائلي شكله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لوضع حد لثماني سنوات عجاف من الانقسام أتت على الأخضر واليابس، والعالم يتابع باهتمام نسبي ما ستؤول إليه المفاوضات المتعثرة بين السلطة وإسرائيل بوساطة أمريكية مع قرب انقضاء المهلة المحددة لها نهاية الشهر الحالي، فيما توغل إرهاصات الحصار المفروض على غزة استنزافا للسكان الذين بات لسان حالهم "عيّشني اليوم وموّتني بكرة"، وتتأهب الجارة بالجنب، مصر، إفراز نظام جديد قد يغير رئيسه معايير التعامل مع فلسطينيي القطاع وفصائله كما بات واضحا للعيان.

التطورات والأحداث الفلسطينية والإقليمية وأمور غيرها، قلّبت "شمس نيوز" صفحاتها مع الدكتور خليل الحية، النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، وعضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في مقابلة حصرية وموسعة وشاملة.

المصالحة ضرورة  لحماس وتحتاج لمسارات واعتبارات والفصائل كلها ستشارك


1-تداولت وسائل الإعلام نبأ حول زيارة مرتقبة لوفد فصائلي شكله الرئيس عباس لزيارة غزة من أجل بحث المصالحة، هل من موعد محدد ومؤكد لزيارة الوفد؟

أولا نحب أن نؤكد أن إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية هي بالنسبة لحماس ضرورة، سعت لها في محطات متعددة، وقدمت تنازلات كثيرة في سبيل ذلك، وعليه نحن من يوم أن أُعلن في الإعلام أن السيد محمود عباس قد شكل وفداً فصائليا لزيارة غزة، واللقاء بنا للمصالحة، رحبنا بهذا على لسان رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وتم الاتفاق على أن يكون مطلع الأسبوع المقبل هو موعد قدوم الوفد، وهذا الموعد في اعتقادي لن يتجاوز الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء.

2-هل لدى حركة حماس رؤية معينة ستقدمها لإنهاء الانقسام أم أن الأمور ستظل في إطار ما تم بحثه سابقا ؟

نحن نقول إن حالة الانقسام اليوم هي نتاج انقسام سياسي قديم وعميق في الساحة الفلسطينية، حين انقسم العمل السياسي الفلسطيني إلى قسمين مركزيين،  قسم يؤمن بمواصلة طريق المقاومة والحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه من براثن الاحتلال، وقسم آخر متنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية، ذهب إلى ناحية العمل السياسي والمفاوضات التي مر عليها منذ مدريد إلى اليوم زهاء 23 عاما، وهي تراوح مكانها ولم تحقق للشعب الفلسطيني ما يصبو إليه، بل بالعكس تراجعت القضية الفلسطينية إلى الوراء خاصة في عمقها وبعدها وثوابتها.

ولذلك حماس اليوم تؤكد أنه في موضوع المصالحة وإنهاء الانقسام  يجب أن نطبق بكل أمانة ما تم الاتفاق عليه، وما تم الاتفاق عليه في الشق السياسي لم يحظ بالتركيز إلاَّ في أحد مهمات الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أن من مهام هذا الإطار القيادي البحث في القضايا الكلية للقضية الفلسطينية بشكل عام،  لكن للأسف الشديد هذه المهمات للإطار القيادي لطالما تم القفز عنها، ولذلك، اليوم بعد هذه المسيرة الطويلة من الفشل لمسار المفاوضات ودخول القضية الفلسطينية في ظل هذا الواقع العربي المتحرك، نحن نحتاج إلى إعادة الاعتبار بشكل حقيقي للإطار السياسي للقضية الفلسطينية بأبعادها الوطنية والسياسية للتوافق على رؤية سياسية متكاملة تكون جامعة للعمل الفلسطيني المشترك إن كان في المقاومة وتثبيتها وتفعيلها وتطويرها بكل الوسائل أو كان في العمل السياسي أو الدبلوماسي العام الذي يجب أن يكون ضمن برنامج وطني متوافق عليه.

لذلك نحن نقول، اليوم حتى تنجح المصالحة ونعلي شأن القضية الفلسطينية ولا تحدث لقضيتنا انتكاسات ولا تراجعات في الشأن الإداري، إنهاء الانقسام يجب أن يسير في مسارين حقيقيين، مسار إعادة الاعتبار لترتيب أوراق السلطة الفلسطينية، وهو ما يتعلق بالانتخابات والحكومة والأجهزة الأمنية، ومسار منظمة التحرير الفلسطينية ببعدها الإداري والسياسي، هذان مساران يجب التركيز عليهما كي لا نبقى عرضة للتآكل والابتزاز إن كان من العدو الصهيوني أو حلفائه وعلى رأسهم أمريكا.

3-في السابق كانت المصالحة تدار بوجود وسيط وراعي مصري، وغالبا لم تكن تحقق الأهداف المرجوة، فهل يمكن اليوم من خلال لقاءات ثنائية من دون وسطاء أن نحقق ما عجزنا عنه سابقاً ؟

دعني أقول إنه في السابق لم يكن فشل أو تأخر تحقيق المصالحة هو بسبب الوسيط، الوسيط قام وقدّم ما عليه، لكن لم يكن في يده أوراق الضغط على هذه الجهة أو تلك، والوسيط كان يعلم العقبات أمام المصالحة، سواء كانت داخلية أو خارجية، الوسيط لم يمارس الدور المطلوب في الضغط على الأطراف أو يواجه على الأقل الأطراف المانعة، خاصة التعنت الأمريكي والرفض الصهيوني للمصالحة، والرئيس محمود عباس قالها بشكل علني: نحن تمارس علينا ضغوط كي لا ننجز المصالحة سواءً علنياً أو داخلياً".

اليوم أمام حالة الإرباك التي تشهدها المنطقة، وأمام حالة انشغال كل دولة بحالها، وأمام الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني، إن كان على صعيد حصار قطاع غزة، واستهداف الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ومحاولة إقصاء المقاومة عن الفعل ومحاولة الاستفراد بالشعب الفلسطيني بالضفة الغربية المحتلة، واستعار التنسيق الأمني والاستيطان والاستفراد بالشعب الفلسطيني في أراضينا المحتلة عام 48 بتهجيره، واللحظات الأخيرة لتهويد القدس والضغط على اللاجئين الفلسطينيين في الشتات ليتناسوا قضيتهم، أمام هذا باعتقادي أن الحالة اليوم والظروف تضطر الجميع للمصالحة خاصة أن الأمور التي يمكن أن يراهن عليها إخواننا في حركة فتح ومن معهم أو السيد محمود عباس، بأن يحصل تقدم بالمفاوضات التي لم تأت للشعب الفلسطيني بحلول، باءت بالفشل.

وأحب أن أقول أيضا لكم بأن المهاتفة التي جرت بين رئيس الوزراء إسماعيل هنية وبين عزام الأحمد، تمت بمعرفة المصريين، حيث تواصلنا معهم ووضعناهم في الصورة حتى يبقوا معنا، لأننا لا نبحث عن وسيط آخر، بل بالعكس لا زالت مصر هي الوسيط ، ظروف مصر اليوم ربما تسمح أو لا تسمح، هذا الأمر هم وحدهم من يقدّرونه، وما زالت الرعاية المصرية هي القائمة لهذه المصالحة.

4-لماذا إذا تأخرت المصالحة كل هذا الوقت، في حين أن الشعب ينتظر بكل شغف إنهاء الانقسام لتنفيس جزء من كرباته؟

لأن أحد  أسباب تأخير المصالحة أن محمود عباس  كان يريد أن يحسن شروطه التفاوضية ويأتي للشعب الفلسطيني بحلول، ويقول له أنا أتيت لكم بدولة، وعلى الجميع أن ينصاع إليّ، وثانياً، كان عباس ينصاع للابتزاز الصهيوني والأمريكي، حيث كانوا يهددونه" إذا ذهبت إلى حماس ستفقد برنامج المفاوضات ولن نتفق معك".

اليوم محمود عباس يعلن أنه وصل إلى طريق مسدود، والمراهنة على أمريكا وإسرائيل للوصول إلى حلول باءت بالفشل، وليس أمامه خيار، وهذا يصادف حالة القناعة لدى حماس وإصرارها على ضرورة إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، باعتقادي هذه الأجواء كلها تضعنا جميعاً أمام الوصول إلى إنهاء الانقسام لاعتبارات عامة كثيرة.

5-ما هي هذه الاعتبارات التي تفضلت بالحديث عنها؟

أولا، إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، وإعادة الاعتبار لآليات مواجهة العدو الصهيوني وفي مقدمتها المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة  المسلحة.

وثانيا، إعادة الاعتبار لثوابت الشعب الفلسطيني، اليوم نرى أن هذه الثوابت بدأت تتآكل، ونرى أن مفهوم الثوابت اليوم أصبح مختلطا ومختلفا عليه بين برنامج المقاومة وبرنامج التسوية.

فنحن نتكلم في مشهد واحد، عندما نتحدث عن اللاجئين، نتحدث أن لديهم قضية، ولهم حقهم الكامل في العودة إلى أرضهم وديارهم التي هُجروا منها قسراً وتعويضهم على سنين التهجير واللجوء، وللأسف برنامج التسوية اليوم عندما يتكلم عن اللاجئين يقسمهم إلى أقسام ويصنفهم إلى فئات، منها التعويض، ومنها من يريد العودة بلم الشمل، بموافقة العدو الصهيوني، ومن سيعود إلى الضفة الغربية، ومن إلى قطاع غزة، وهذا ليس حق العودة الذي مات عليه الكبار ونشأ عليه الصغار ومن أجله قاتل المقاتلون واستشهد الشهداء وأُسر الأسرى وجُرح الجرحى.. إذن، اليوم ثوابت الشعب الفلسطيني تحتاج إلى إعادة اعتبار من جديد حتى تصبح محل اتفاق عليها.

وأيضا إعادة الاعتبار لمؤسسات الشعب الفلسطيني، سواءً العامة كمنظمة التحرير، أو الخاصة والإدارية كموضوع السلطة، هذا ما نسعى إليه في المصالحة.

6-هل تعتقد أن الأجواء الحالية مناسبة لبحث وتحقيق الاعتبارات السابقة التي ذكرتها؟

الأجواء باعتقادي مناسبة للجميع، لأن مراهنات بعض الناس تقريباً تبخرت، سواءً المراهنة على العلاقة مع أمريكا والاحتلال الإسرائيلي، أو المراهنة على التسوية، ونحن قلنا ولا زلنا نؤكد أننا جاهزون لتنفيذ ما تم الاتفاق علية بكل أمانة وبروح الاتفاق التي نريدها ونصبو إليها.

7-هل ستقتصر لقاءات وفود المصالحة على حماس وفتح فقط، أم أن فصائل أخرى ستشارك؟

نحن نؤكد على أن الفصائل الفلسطينية الوازنة بعد حماس وفتح وفي مقدمتهم الجهاد الإسلامي والجبهات، وغيرها، هم جزء مهم جداً في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني، وبالتالي اللقاءات مستمرة معهم، ونحن بالمناسبة نرتب للقاء تحضره كافة الفصائل مع وفد المصالحة القادم من الضفة الغربية، نحن نقول أن اللقاء ما دام يجمع بعض الفصائل فهذه الفصائل لا بد أن تكون حاضرة، وتم الحديث مع حركة فتح وعزام الأحمد أنه لا بد أن تكون الفصائل موجودة في هذا اللقاء الوطني الشامل، لأننا نحن سنذهب للمصالحة في إطار وطني وليس فقط حماس وفتح، ومن وقع على اتفاقية المصالحة في عام 2011 كل الفصائل، والكل الوطني لابد أن يكون في صورة ما سيتم إنجازه، ويكونوا شركاء معنا في هذا الموضوع، خاصة وأن هؤلاء هم شركاء في الإطار القيادي الذي يجب أن يتفعل ويأخذ دوره بشكل طبيعي.

المصالحة لن تكون غطاء للمفاوضات والتنسيق الأمني وتمديد التفاوض لتبييض وجه أمريكا

8-لكن السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس لا زالا يريان في المفاوضات طريقا لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، فكيف سيكون مفاوضات ومصالحة في نفس الوقت؟

أنا قلت إن إنهاء الانقسام هو أحد أهداف إعادة الاعتبار للمشروع الوطني، ونحن لا نذهب للمصالحة لإعطاء  الغطاء للمفاوضات والتنسيق الأمني، نحن نقول اليوم و قلنا بالأمس وسنقولها غداً، نحن نطالب حركة فتح ومحمود عباس بوقف المفاوضات العبثية التي لم تجر للشعب الفلسطيني إلا مزيداً من التراجع وقضم القضية الفلسطينية ومزيدا من الاستيطان وتهويد القدس .

وثانياً، نحن نطالب بكل وسائل المطالبة بوقف التنسيق الأمني، السلطة الفلسطينية يوم أن نشأت لم تكن حتى في موقف ورأي من أنشأها لمصلحة العدو الصهيوني، لا يعقل أن تكون السلطة قائمة من أجل تحقيق مصلحة الأمن الصهيوني مقابل المال الذي يُدفع للرواتب، هي يجب أن تكون رافعة للمشروع الوطني، ويجب أن تكون مظلة وطريقا لتنفيذ المشروع الوطني، وليست مظلة وطريق لتحقيق الأمن الصهيوني، فإذا ما تبددت وتبدلت أهداف السلطة الفلسطينية، أصبحت عبئاً على الشعب الفلسطيني ومقاومته وسعيه لإنهاء الاحتلال.

9-هناك حالة مد وجزر في موضوع ذهاب السلطة إلى مؤسسات الأمم المتحدة، وبالمقابل لا زال هناك أصوات تتحدث عن لقاءات واسعة وصفقة لإحياء عملية التسوية بعد عيد الفصح، برأيكم إلى أين تتجه الأمور؟

 للأسف الشديد، لم تمر على شعب يقاوم احتلالا في التاريخ حركة وطنية حقيقية أخذت مساراً واحداً وقطعت كل البدائل، إلا سلوك منظمة التحرير الفلسطينية في مسار المفاوضات والتسوية، منظمة التحرير الفلسطينية أسقطت كل الأدوات وهي تتعامل مع الاحتلال، وفي مقدمة ما أسقطته المقاومة المسلحة، وحتى المقاومة الشعبية التي يتحدثون عنها لا يجيدونها ولا يتعاملون معها بحقيقة وإيجابية، إنما هي بمثابة فزَّاعة يتم الحديث عنها هنا وهناك.

وبالعكس، منظمة التحرير الفلسطينية أخذت على عاتقها كسر إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة ومواجهة العدو الصهيوني، وبالتالي هي تذهب للعدو ضعيفة ومعادية للجزء الأكبر من قناعات الشعب الفلسطيني.

10-لماذا برأيكم ما زالت السلطة ضعيفة أمام إسرائيل والولايات المتحدة؟

محمود عباس يقف أمام الأمريكان والصهاينة ضعيفا لأنه هو يعلم وهم يعلمون أنه ليس له فعل على الأرض، وكل حركات المقاومة في شتى الشعوب كالتجربة الأيرلندية والتجربة الفيتنامية، كانت هناك مفاوضات، وعندما كان يشكو الأمريكان للفيتناميين من نقاط ضعف عندهم كان الوفد يطالب الثوار بتشديد الضربات على الجيش الأمريكي، للأسف الشديد اليوم منظمة التحرير الفلسطينية تقدم مبادرات لإراحة العدو الصهيوني، وهذا خلل في آليات التعاطي حتى مع برنامج وسلوك المفاوضات والتسوية.

نحن نقول، المفاوضون الفلسطينيون ضعاف، لأن المفاوضات تنشأ بغير تفاهم وإجماع وطني، ولأن من يفاوضون لا يذهبون بغطاء وطني، ولا يذهبون بخيارات هم يؤمنون بها وخاصة خيار المقاومة بكافة أشكالها، وفي المقابل، العدو الصهيوني يستفيد ويستغل كل مناورة في برنامج المفاوضات ليكرس الحقائق على الأرض، إن كان في الاستيطان أو في تهويد القدس أو كان في التغول على الفلسطينيين داخل أراضينا المحتلة عام 48، العدو الصهيوني يتحرك خطوات على الأرض ليثبت وقائع، ولو جئنا نقول ماذا فعل العدو الصهيوني بهذه الملفات الثلاثة، سنجد فرقاً كبيراً ما بين بداية مدريد وحتى اليوم من ناحية الاستيطان وغول الجدار والقدس وتهويدها وطرد الفلسطينيين وتهجيرهم من أراضي الـ48، والعدو يتقدم حتى في العالم العربي، والسلطة باتت مسوغا ومسهلا لذلك داخل الدول العربية، من الذي يسوّق للاحتلال الصهيوني داخل الدول العربية؟ بدلاً من أن تطالب السلطة بمحاصرة الاحتلال وتفعيل سياسة التطبيع؟

محمود عباس ردد مراراً: نحن لا نقاطع الاحتلال ولا نطالب بعدائه ونحن نريد أن نعيش بسلام، هذه العبارات يتم تسويقها في المجتمع الدولي وتسوق في المجتمع العربي والمجتمع الإسلامي، وفي بعض الدول كانت السلطة تطالب بإقامة علاقات مع إسرائيل!! فهل يعقل أن تتحول السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى مسوّق للاحتلال أمام العالم العربي والإسلامي؟ .

11-هل ترى إذا أن المفاوضات ذاهبة إلى طريق مسدود؟

للأسف الشديد هذه المفاوضات تجري في ظروف غير متكافئة وبأهداف غير متكافئة، لذلك الاحتلال يستغل حالة الضعف والانقسام الفلسطيني في المشروع السياسي بين المفاوضات والمقاومة، ليثبت الوقائع على الأرض، لذلك نحن نتوقع أن الاحتلال الصهيوني غير جاهز في أي لحظة من اللحظات لأن يقر ويعطي الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة، فهو لا يرى فيمن يفاوضه أهلا لأن يُعطى.

 العدو الصهيوني اليوم يرى السلطة أضعف من أي فترة سبقت، ويرى أن خيار المقاومة يتصاعد، وبلا شك، إن ظروف المقاومة الفلسطينية اليوم أحسن من فترة اتفاق أوسلو، والشعب الفلسطيني بات أكثر قناعة بأن خيارات التسوية لا تجدي، والاحتلال يرى أن القيادة الفلسطينية اليوم هي أضعف من قيادة الرئيس أبو عمار عشرات المرات والظروف المحيطة اليوم في المنطقة تدعو العدو إلى أن لا يعطي أي اتفاق، وأمريكا في المنطقة ليست كما كانت قبل 15 عاما، لذلك كل المؤشرات الموضوعية والواقعية والعملية وتقدير واقع الحال في المفاوضات تقول إنها ذاهبة إلى الطريق المسدود.

12-لماذا إذا إسرائيل مصممة على تمديد المفاوضات 9 أشهر؟ ماذا سيفيد هذا التمديد؟

أنا أرى بأن المؤشرات تدل على الذهاب لتمديد المفاوضات، لأن أمريكا لا تريد أن تفشل، وأيضا لكسب مزيد من ترويض النفوس وتهيئة الناس لينسوا مسيرة المفاوضات شيئاً فشيئاً، لأن الإعلان عن أن المفاوضات قد فشلت أمر صعب لفريق أوسلو وللإدارة الأمريكية.

والأمريكيون ذاهبون خلال شهور قصيرة  إلى انتخابات تكميلية  للكونغرس، وهذه معركة جديدة يسعى الحزبان الجمهوري والديمقراطي في أمريكا من خلالها إلى كسب الأصوات، وبالتالي حزب أوباما وكيري لا يريد أن يذهب لانتخابات تكميلية بالفشل، لذلك الإدارة الأمريكية الحالية تحتاج إلى وقت مناسب لتجتاز الانتخابات التكميلية، وبعدها ستذهب الإدارة الأمريكية لعملية لملمة أوراقها ومغادرة البيت الأبيض، وبالتالي لا جدوى من التمديد إلا تبييض وجه أمريكا.

13-فمن هو الطرف الخاسر من تمديد المفاوضات إذا؟

أمريكا وإسرائيل لا تريدان لا الفشل ولا الوصول إلى نجاح في مرحلة غليان تعيشها المنطقة، ولا يعرفون إلى أين يذهبون .. الطرف الأكثر خسارة  هو الطرف الفلسطيني، وللأسف محمود عباس لا يغادر لا بشخصه ولا بفريقه مربع التسوية!!فهل يقول للشعب الفلسطيني فشلت؟؟ هو لا يريد أن يقول فشلت، بل يريد أن يقول مددناها أشهرا إضافية واستطعنا أن نخرج 26 أسيرا، لكن الخسارة حتى في برنامج التسوية أنه سيمنع السلطة من الانضمام إلى مؤسسات دولية، بغض النظر عن أهميتها، وإسرائيل ستبقى في منأى عن أي استحقاق لجلب قادتها للمحاكمة.

أنا أقول إن مسار التفاوض يسير باتجاه ترويض الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج للقبول بأي فتات يُعطى له، لأنه لو جئنا نتحدث عن كل ثابت من ثوابت الشعب الفلسطيني سنجد أن المنظمة والمفاوض خالفا ما كنا نتحدث عنه في الستينيات، هل اليوم المنظمة تتحدث عن ثوابت الشعب الفلسطيني كما كنا نتحدث عنها في الستينيات والسبعينيات؟ بالتأكيد لا، وبالتالي هناك عملية ترويض للشعب الفلسطيني للذهاب والجري خلف الحاجات اليومية وليس خلف الأبعاد الاستراتيجية.

14- كيف ستنعكس هذه الأمور على القضية الفلسطينية، ما دام الخاسر الوحيد دائما هم الفلسطينيون؟

نحن شعب له  قضية سياسية وطنية بامتياز، بصراع حضاري بكل أبعاده السياسية والقانونية والدينية والوطنية والإنسانية والاجتماعية، قضيتنا ليست مجرد تعويض لاجئ يوطّن في بلد آخر بعيداً عن أرضه، وليست قضية إنسانية أو قصة أموال تعطى لنا، قضيتنا قضية شعب هُجَّر من أرضه ونريد أن نعيده إليها، قضية عقدية، والقدس قضية الأمة العربية والإسلامية، وللأسف الشديد المسار التفاوضي الذي اختارته المنظمة ومن معها يريد تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية بامتياز بثوابتها إلى قضية إنسانية ببعض القشور السياسية، لذلك تم تقسيم القدس إلى قدسين!! لماذا تطرح قضية تبادل الأراضي ؟ لماذا لا يتم الحديث عن تفكيك الاستيطان؟ حتى مصطلح تفكيك الاستيطان الذي كان قبل سنوات لم يعد قائما، ولا حتى الحديث شفويا عن تجميد جزئي للبناء الاستيطاني.

ثوابت الشعب الفلسطيني اليوم تم تغيير مفهومها، ولذلك نحن نريد بكل أمانة أن تكف السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح ومن والاهم عن ترويض الشعب الفلسطيني في قضية ثوابته وأهدافه الاستراتيجية، ويجب علينا أن نعيد القضية الفلسطينية إلى جوهرها الحقيقي حتى نجمع الشعب الفلسطيني عليه، ونرى أن المقاومة والقضايا الاستراتيجية هي من يجمعنا، ولكن عندما نتحدث عن المسار السياسي والمفاوضات نفترق .

الحكومة في ضائقة مالية ونسعى جاهدين لتجاوزها

15- نسمع من أشهر طويلة عن أزمة مالية تعصف بحركة حماس، ما هي أسباب هذه الضائقة؟ وهل هذه الأزمة ستستمر لفترة أطول أم أنها في طريقها إلى الحل؟

نحن نريد أن  نطمئن الجميع، حماس كحماس ليست في ضائقة مالية، الذي يشهد إشكالية في استحقاقات المال هي الحكومة الفلسطينية في غزة بسبب الحصار المفروض علينا ظلماً وعدواناً، وبسبب إغلاق الأنفاق التي كانت عبارة عن شريان الحياة، وبالتالي الموارد المالية التي كانت تأتي للحكومة للقيام بمهامها ضعفت، ومن هنا جاءت الإشكالية.

نحن في حماس مساندون للحكومة الفلسطينية وداعمون لها، باعتبارها الحكومة الشرعية للشعب الفلسطيني، ونحرص أن نوفر لها كافة وسائل الدعم المعنوي والسياسي والمالي، وبالتالي، ونحن نتحدث عن الأزمة المالية يجب أن لا يغيب عن ذهن الشعب الفلسطيني أننا شعب ثائر مقاوم يقاتل من أجل وطنه، ولن تفرش لنا الأرض بالورود ولا بالرياحايين أو بالرواتب، ولا بغير ذلك، ومن يظن أنه يريد أن يقاوم ويحمل السلاح ليقاتل عدوا ويحرر أرضا ستبسط له الدنيا وتفتح له السدود فهو واهم .

الحركة المقاوِمة لا بد أن تدرك أن أمامها عقبات، ولذلك نحن نتكيف مع هذه العقبات التي تفرض أمامنا ظلماً وعدواناً، لكن لا نتعامل معها معاملة العاجز المستسلم، بل نطرق كل الأبواب ونفتح كل السدود والحدود، ونعيد الاعتبار لكل العلاقات التي تفتر أو تضعف ونستنهض همم الخيرين من أنظمة وشعوب ومؤسسات لمد يد العون للشعب الفلسطيني لنثبته على أرضه ولنقوم بالواجبات المطلوبة منا.

16- هل أثرت الأزمة المالية على حماس في النواحي الاستراتيجية ؟

بلا شك أن حالة الانكفاء على الربيع العربي أثرت سلباً على مجمل القضية الفلسطينية، اليوم الناس انشغلت بنفسها وبواقعها الداخلي، ليس فقط في الدول التي كانت تشهد ربيعاً عربياً، إنما دول المنطقة بالكامل منشغلة بذاتها، دول الربيع العربي مشغولة بالوصول إلى أهداف الثورات، وهناك دول خائفة من امتداد الثورات إليها، فتقوم بإجراءات وقائية.

 هذا الوضع بلا شك، أشغل الناس عن القضية الفلسطينية، نشأ بعد الربيع العربي خلافات في المنظومة العربية الرسمية وخلافات في أطر العمل الشعبي والحزبي داخل هذه الدول، فانشغلوا عن القضية الفلسطينية في البعد السياسي .

وفي البعد المالي، الشعوب والأنظمة التي كانت تدعم جهاد الشعب الفلسطيني اليوم انشغلت بنفسها، فهناك أولوية لديها عن الشعب الفلسطيني .. بعض هذه الأنظمة والشعوب ما زالوا يمدون لنا يد العون، ولكن ليس كما كان في السابق، وبالتالي لا نغالي إن قلنا إن الأزمة المالية أثرت علينا، لكن ليس لدرجة أن نرفع الراية البيضاء ونستسلم، وإن شاء الله تعالى لن يفرح أحد بأن تيارا أو حركة بحجم حركة حماس يمكن أن تستسلم لحالة الحصار، فنحن من يوم أن نشأنا نمر بهذه الظروف.

17-ما هي إذا خطواتكم لمواجهة الحصار؟

 نحن نواجه الحصار بخطوات وبمنظومة ثلاثية، الخطوة الأولى، تثقيف الشعب وإعادة الاعتبار لقضيته الوطنية وتفهيم الناس أننا نحاصر ويُضيّق علينا بسبب خيارنا، نحن لم نسئ لأحد ولم نتدخل بأحد، بل نحن نحاسب اليوم، وحتى قبل الربيع العربي، ومنذ قبل 2006 حوصرنا من أجل خيارنا المقاوم.

ثانياً، نحاول على صعيد الساحة الفلسطينية أن نقوم بدور الشراكة، لأننا نؤمن بأننا كشعب يجب أن نعمل بروح الشراكة حتى بعد الانتخابات، وهذا بالمناسبة ليس بديلاً عن تحقيق المصالحة ، لأنه يجب أن يبقى القرار الفلسطيني قرارا يحمي الشراكة لكل مكونات الشعب الفلسطيني.

والحكومة في غزة تسعى بكل الوسائل لأن تتقدم لمن يملكون من التجار والصناع وأرباب المال وأصحاب الدخل بأن يدفعوا المستحقات المترتبة عليهم وبوسائل موضوعية ممكنة، إما بالقانون أو بطرق متفق عليها مسبقاً، فنحن لا نملك النفط، فمن أين ننفق على شعبنا ؟ نحن نقدم الخدمة للناس والناس يردوا لنا الخدمة بالاستحقاق الذي عليهم، وكل شعوب العالم تفعل كذلك.

وللأسف الشديد، يؤخذ من الشعب الفلسطيني ضرائب وجمارك لرام الله ونُحرم منها في غزة، ففي كل لتر وقود يدخل إلى غزة تتقاضى سلطة رام الله ضريبة مقابله دولارا واحدا، ولك أن تتخيل كم مليون دولار يدخل لخزينة السلطة فقط من الوقود، أنا لا أغالي إن قلت بأن السلطة يدخل عليها من وراء قطاع غزة من 50 إلى 70 مليون دولار شهرياً مقابل الضرائب والجمارك، كل ذلك نحن محرومون منه، ولو أن هذه الأموال دخلت للحكومة في غزة لعاش الناس برفاهية واستقرار .

أما في خارج فلسطين، نحن نحرص على أن نستفز ونستنهض همم الطيبين والخيّرين من حلفائنا وأصدقائنا ومحبي الشعب الفلسطيني بأن يمدوا يد العون لنا كحركة وكشعب وكحكومة.

نسعى لشراكة وطنية مع كل الفصائل وعلاقتنا بالجهاد لا تتأثر بأحداث جانبية

18-كان هناك مساعي من حركة حماس للشراكة مع فصائل أخرى في إدارة شؤون قطاع غزة، ما مفهوم الشراكة بالنسبة لكم؟ وهل لا زال الأمر ساري المفعول؟

نحن تحدثنا عن الشراكة في عدة محاور، المحور الأول: إضفاء حالة من الشفافية والراحة للمواطن الفلسطيني والتداول السلمي، فمثلاً، نطالب بعمل انتخابات في النقابات، على أساس أن لكل نقابة خصوصية، وجاري التفاهم على هذا الموضوع، وفي موضوع الطلاب حماس بادرت، وقلنا يا جماعة ما رأيكم أن نعمل انتخابات على أساس التمثيل النسبي الكامل، إذن نحن نقوم بخطوات، بالإضافة إلى حرصنا على الحريات وحقوق الانسان التي نؤكد عليها.

أيضاً نحن تحدثنا مع الفصائل وقلنا لهم يا جماعة ربما تتأخر المصالحة وأنتم ترون بأنفسكم بعض الفصائل وهم يقولون لنا بالسر إن إخواننا في الضفة غير جاهزين، ونحن لا نتوقع أن تتم المصالحة، وأمام هذه القناعات نحن نقول إننا نريد المصالحة، ولكن إذا تأخرت المصالحة ما رأيكم أن نتعاون معاً في إدارة غزة، سواءً في بلدياتها أو في الحكومة وغير ذلك؟ نحن جاهزون لأن تشاركنا الفصائل في الحكومة وتشاركنا في البلديات إلى حين إجراء الانتخابات المطلوبة وإلى حين الاتفاق والمصالحة، ولكن موقف الفصائل للأسف سلبي، بعض الفصائل لا تريد أن تتحمل المسؤولية ويعلقوا ذلك على شماعة الانقسام، ويقولون لنا إذا شاركناكم في البلديات أو الحكومة فذلك يعني تكريس الانقسام.

19-البعض يتحدث عن وجود توتر في العلاقة بين حماس والجهاد الإسلامي على خلفية بعض القضايا الصغيرة، كيف ترد على ذلك؟

علاقتنا مع الجهاد الإسلامي لها خصوصية، فهي علاقة في المفهوم الاستراتيجي للنظرة وللقضية الفلسطينية ولبعدها الحضاري .. يعني نحن والجهاد الإسلامي ننظر للقضية الفلسطينية في بعدها الحضاري وآلية التعامل معها باعتماد برنامج المقاومة بكل أشكاله، ونكاد نكون متوافقين في مسألة والتنسيق الأمني وغير ذلك، هناك تفاهم وتوافق بيننا إلى أبعد الحدود، ولكن قد تحصل هناك بعض القضايا الجزئية والعلاقات الخاصة بين حماس والجهاد في جهة هنا أو هناك، قد نختلف، لكن نظل متفقين في القضايا الاستراتيجية، في القضية الفلسطينية بشكل عام ببعدها الحضاري وبعدها المقاوم والثوابت، وحتى في الأبعاد التكتيكية لبرنامج المقاومة .

ولا أغالي إن قلت إنه منذ الانتخابات عام 2006، وحتى اليوم العلاقة بين حماس والجهاد الإسلامي في أفضل ظروفها وتتصاعد نحو الإيجابية، رغم أنه قد تحدث عوامل احتكاك كوننا نعمل في ساحة مشتركة، لكن هذه العوامل في الميدان سواءً في المقاومة أو في المساجد أو في المؤسسات هنا وهناك، هي قضايا جزئية فردية وهامشية إذا ما قيست بالبعد الاستراتيجي، ومن هنا أنادي إخواني في قيادات وكوادر حماس والجهاد الإسلامي أن يكون الحكم في علاقتيها هو البعد الاستراتيجي وأن لا يتأثر هذا البعد الاستراتيجي بالقضايا الهامشية التي تطفو على السطح أحيانا.

نحن والجهاد الإسلامي أخوان في الدم، والأخوة ربما يختلف أولادهم على شارع أو على بيت أو على أي قضية تفصيلية لكن لا تؤثر هذه القضايا على علاقة الأخوين مع بعضهم البعض.

حماس لا تحدد الجهة المصرية التي تتعامل معها ولا تتدخل بالشأن المصري

20-العلاقة بين مصر وغزة وتحديداً حركة حماس يشوبها بعض الاشكاليات والفتور، ماهي توقعاتكم للمرحلة المقبلة في حال كان رئيس مصر المقبل هو عبد الفتاح السيسي أو أي شخصية أخرى تنظر إلى حماس نظرة مختلفة عن السابق؟

 أولاً، في المنطلقات والمبادئ وفي العمل على الأرض، نحن نؤكد بكل أدوات التأكيد أننا ننظر للعالم العربي والإسلامي أنه داعم لنا ولا يمكن وليس من أدبيات حماس بل وأدبيات الشعب الفلسطيني بشكل عام أن يسيء لأي شعب أو لأي جهة تحكم أي شعب عربي وإسلامي، لأننا لنا وجهة واحدة في الصراع مع العدو الصهيوني، وهؤلاء إخواننا وأشقاؤنا العرب شعوبا وأنظمة هم يفترض أن يكونوا داعمين لنا ومحتضنين لقضيتنا، وهذا ما نسعى له، وبالتالي نحن لنا هدف نسير عليه، وعلاقة مصر على مدار التاريخ مع فصائل المقاومة، كانت تتم من خلال البعد الأمني.

الآن نحن في حماس وكل فصائل المقاومة نتعامل مع بوابة المخابرات المصرية، وحماس تعاملت مع هذه الجهة التي فرزها النظام المصري طوال الوقت وفي كل العهود سواءً أيام مبارك أو أيام المجلس العسكري أو أيام مرسي أو حتى اليوم، نحن لم نفرض على النظام المصري أو الشعب المصري جهة معينة للتعامل معنا، كانت الاستخبارات العسكرية  والمخابرات والخارجية تتعامل معنا في كل العصور. الآن بعد الثورة حدث تطور في البعد السياسي داخل النظام المصري، هل التعامل مع القضية الفلسطينية تعامل أمني أم تعامل سياسي؟

وبالتالي نحن كفصائل ونحن كحماس لا نحدد الجهة التي تتعامل معنا في النظام المصري، بل هو الذي يفرز لنا من نتعامل معه، والرئاسة المصرية هي التي تحدد العلاقات.

21- هل علاقتكم مع الرئاسة المصرية أثرت على العلاقة مع مكونات الشعب المصري؟

 لا .. نحن لم نجتمع مع الرئيس مرسي أي اجتماع دون أن تحضره المخابرات المصرية والخارجية، ولم نختلي به ولا مرة واحدة. ما جرى بعد أحداث 30 يونيو، أن مصر هي التي غيرت في طريقة وآليات تعاملها معنا، مصر حتى في عهد مرسي كانت تشن علينا حملات التشويه من خلال وسائل الإعلام ويكيلون علينا الاتهامات، التي بدأت باتهامنا بقتل بقتل الجنود المصريين في رمضان قبل عامين، وكنا نلتقي بالمخابرات والاستخبارات والرئاسة ولا أحد كان يوجه لنا هذه الاتهامات!!

نحن نقول إن الحالة المصرية تغيرت أولوياتها وتغيرت ظروفها، نحن اليوم ظُلمنا كشعب فلسطيني عامة، وكشعب غزة وكحركة حماس خاصة.

22- كيف تردون إذا على الاتهامات الموجهة لكم بالتدخل في الشأن المصري؟

 نحن لا نتدخل في الشأن المصري، وقلنا بكل الوسائل والعبارات وفي الإعلام، إننا لم نتدخل أبدا، وكل يوم يشهد قادة مصريون سابقون وحاليون أن حماس لم تتدخل في مصر. نحن ندفع ثمن امتدادنا الفكري للإخوان المسلمين التي نتفق معها كمدرسة للإسلام الوسطي الذي يحمل كل مكونات الإسلام ومكونات المجتمع بكل أركانه. والعالم جرّب جماعة الإخوان المسلمين من 80 سنة، فلماذا اليوم استفاقت بعض الأنظمة أو بعض الجهات ليجرموا هذه الجماعة؟ هذا شأنهم هم أحرار، لكن أنا أقول إن الإخوان اليوم يظلمون ونحن اليوم نظلم بظلمهم، وتشن علينا الحرب ويريدون أن يصنفونا إرهابيين ويمنعونا من ممارسة أعمالنا في مصر، نحن لم نمارس أي عمل في مصر إلا بعلم ومعرفة الجهات المصرية الرسمية سواء في حلنا أو في سفرنا أو ترحالنا وفي أماكن سكنانا وفي الفنادق التي كنا نجلس فيها، لذلك، هذا الظلم الواقع علينا بتصنيفنا جماعة إرهابية، لا يخدم النظام المصري ولا يخدم الشعب المصري و تطلعاته.

23-مصر أيضا لا تنفك عن تشديد حملتها على الأنفاق التي تعتبر شريان حياة سكان قطاع غزة، من المستفيد من ذلك برأيكم؟

نحن ندرك أن تدمير الأنفاق وخلق مساحة آمنة ما بين الحدود الفلسطينية والمصرية له أهداف أخرى أبعد من كونها أهدافا مصرية داخلية، هي أهداف تخدم بلا شك العدو الصهيوني، المسافة الآمنة هذه تخدم إسرائيل بالدرجة الأساسية، لأن العدو الصهيوني كان يطالب النظام المصري في كل عهوده بوقف تهريب السلاح لغزة، ويبدو أن هدم الأنفاق هو أحد خطوات وقف إمداد المقاومة، يجب على الأمة جمعاء والشعوب أن يدعمونا كشعب فلسطيني بجميع أدوات القوة العسكرية لمواجهة الاحتلال.

نحن كحماس لسنا البادئين، ولسنا من يسيء العلاقة مع مصر لا سلطات حاكمة ولا شعب ولا غير ذلك، إخواننا المصريون غيّروا من سياساتهم، ونأمل أن يعيد الأخوة المصريون هذه السياسة التي نشأت بعد أحداث يونيو 2013 ونحن جاهزون لكل ما يحسن هذه العلاقة لخدمة شعبنا وقضيتنا الفلسطينية، نتأمل في المرحلة القادمة أن يعيد الأخوة المصريون بكافة شرائحهم سواءً السلطات الحاكمة أو الأحزاب وغير ذلك العلاقة مع حماس، لأنهم بالتأكيد يدركون أن حماس لم تغير نفسها، وإنما الذي تغير السياسات المتبعة في مصر .

اخبار ذات صلة