قائمة الموقع

خبر على غزة أن تخفي جراحها الآن !

2018-02-16T20:50:57+02:00

باتت غزة ليلة جديدة وهي تئن تحت وطأة الحصار الذي يأبى مقترفوه أن يعترفوا بضربه عليها، فمن عجائب القدر أنهم يظهرون بصورة الرحيم الخائف من نتائج هذه المعاناة على الشعب في غزة.

فتارةً تستمع لخطابٍ بات عاديا من كثرة التكرار حول شفقة أحد الوزراء أو المسؤولين في حكومة الاحتلال على الوضع المعيشي الصعب في قطاع غزة وسعي حكومته للتخفيف عنهم، فيما يضفي بعضا من المبررات التسويقية لخطابه المنمق والمعد مسبقا في إحدى دوائر التوجيه الاعلامي الاسرائيلي، والتي تعمل وفقا لمخطط عام، هذه المبررات من قبيل تخوفات بانفجار سكان القطاع فجأة ما قد يؤدي لتضرر مصالح اسرائيلية (لا نعلمها نحن ولا هو) تعطي بعض المصداقية لخطاب مزيف من الأساس، وكأن "اسرائيل" فاعل خير بأبناء وطن هي أصل مشاكله.

وتارة أخرى، يرعى المصالحة جارنا الحريص على مصالحنا، لكنه من باب الصدفة ليس أكثر، لا يستطيع أن يتخذ قرارا واضحا بتخفيف المعاناة عمن يشاركهم حدوده المغلقة في وجههم، ويعلق على شماعة خلافهم ثياب ظلمه لهم أثناء ممارسته هوايته المفضلة في محاربة الارهاب، حتى قبل أن يتوه عناصر "داعش" في صحراء سيناء، ولكن اعلامه لا ينسى بين الفينة والأخرى أن يحملنا جميل فتح المعبر بدعوى الانسانية.

أما السيادة فباتت عاجزة أمام تجوّر حكام الإمارات الجنوبية عن تقديم العون للشعب، لكنها صريحة في قولها أنها تتعمد فرض الحصار على المرضى، والموظفين والكهرباء، بدعوى أن الشعب لا يستحق الحياة طالما لم يثر على المتمردين، حكمٌ عامٌ بالإعدام، رغم أنهم يُدينون القتل كثيرا، ولا يحاربون إلا في نطاق منظمات حقوق الإنسان.

فيما ولاة أمورنا تائهون، حائرون، بين المدائن سائحون، عن الخلاص يبحثون، نسوا بأن الشعب مفتاح الحلول، وتواردوا بئر الظالمين دون كلل، وتبدلت مواقفهم في العلن، وتنازلوا ثم تنازلوا حتى باتوا يتعرقلون بلا عمل، ولجوا بحر السياسة في غير أوان المد، ولدغهم العقرب من نفس ذات الجحر دون ملل، هم أهل الدين والوطن، لكن تآمر عليهم العالمين، وخانهم لمعان الزائفين، ولم يبق من أثرهم سوى هذا السلاح وشباب للشهادة مخلصين.

بعد هذه المقدمة البائسة، لا بد أن نعلم جميعنا أن خطابنا الإعلامي المستهلك لا يصب في مصلحة قضيتنا، ولا في صمود شعبنا، اليأس عدوى تصيب الأقرب فالأقربين، ومظاهر المناشدات والصياح والبكاء، رغم أن معظمها حقيقي، لا تجلب سوى مزيدا من طوابير اليائسين والمحبطين، ولا تجند غير المستسلمين الجاهزين لكل خيارات التنازل من أجل الحياة، وأي حياة.

إن السياق الذي تنتهجه مؤسسات إعلامية حزبية وغير حزبية في غزة لعرض الأزمة ورغم اختلاف هدفه المرجو والدوافع ورائه، هو تقريبا عين السياق الذي تنتهجه مؤسسات إعلامية حكومية وحزبية وغير حزبية في رام الله أو حتى "تل أبيب"، بل أحيانا بات يصب في خدمة مخطط ترامب لتحقيق أهدافه على المدى غير البعيد.

الهدف المعلن عنه بكل صراحة، تخلي المقاومة وعلى رأسها حماس عن السلاح تحت مسمى فرض السيادة الكاملة، ولم يعد من الممكن تحقيق ذلك بأي وسيلة كانت دون إحباط الشعب ودفعه نحو اليأس مستغلين إعلامهم وسذاجة إعلامنا للأسف، فيما باتت المعادلة التي تروق للجميع من أجل الخلاص، طالما أنكم لا تستخدمون سلاح المقاومة وهو أساس المشكلة، فما الهدف من بقائه، لما لا نلقيه ونستريح، لماذا تصرّون على معاناتنا !

هذا السلاح الذي حافظ عليه أبنائنا الشهداء بدمائهم علينا أن نحفظه كإعلاميين ومثقفين بأقلامنا ووعينا، وألا ننجر وراء مخطط أعداء الوطن والقضية بنشر روح الهزيمة في صفوف شعبنا.

غزة، ليست وحيدة في معاناتها، هناك من يتألم أكثر منّا آلاف المرات وعلى مرأى جميع العالم، فهل حرّك مُدّعوا الانسانية والرحمة والعدل من أجلهم ساكنا حتى يحركوا من أجلنا؟ وهناك قريبا من ألقى السلاح وغير الدين وخان الوطن من أجل رضى الكبار، فهل رضو عنه حتى يرضوا عن غزة؟

المطلوب من أهل غزة شعبا وحكومة ومسؤولين وإعلاميين أن نربط على الجراح أكثر من أي وقت مضى، أن نعض على الوجع، وأن نخفي تألّمنا، أن نبرز صبرنا واستعدادنا للتضحية من جديد، فهم لم يأخذوا منا بحروبهم، فهل يفعلوها بحصارهم!

المطلوب أن نستعصم بالله وحده، ولا نشكو همنا إلا إليه، الذي ما ودّعنا وما قلى، وإن الله لمع الصابرين. 

بقلم: عمر محمد


 

اخبار ذات صلة