غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر ألم يتعبوا من المصالحة ..!!

بقلم / أكرم عطا الله

ذات مرة نشر الدكتور صائب عريقات المكلف بملف التفاوض مع اسرائيل كتاباً بعنوان "الحياة مفاوضات" وهي تجربة فريدة من نوعها أن تفاوض على قضية لعقود تلك كانت ذروة الملهاة التي صممتها اسرائيل لتخدير العالم والعرب والفلسطينيين وتقوم باستكمال جريمة سرقة باقي الأراضي الفلسطينية هذا ما حدث.

قد تكون المكتبة العربية على موعد مع كتاب جديد بعنوان "الحياة مصالحات" بعد التجربة المشابهة التي استنزفت عمر الشعب وأعطت خبرة هائلة لمتحاوري المصالحة التي لم تنجح بعد شأنها شأن المفاوضات مع اسرائيل، يا الله كم هم بارعون في الفشل، تلك تجربة تستحق التأمل كيف يجلسون وجهاً لوجه ويتناقشون في قضايا أشبعت بحثاً ولديهم هذه القدرة على التملص والاستدراكات حتى بعد أن يوقعوا اتفاقات عوة بالتواريخ الملزمة.

خلفنا اتفاق بمواعيد ثابتة رقم توقيعه تحت رعاية وسيط دخل بكل قوته حدد موعد فتح المعابر وتمكين الحكومة وصرف الرواتب وانهاء اللجنة الادارية لعملها، هل كان هذا يحتاج الى معجزة لتطبيقه وسط حفلة العجز القائمة؟ فلا المعابر فتحت ولا الحكومة تمكنت ولا الموظفين تسلموا رواتب ولا اللجنة الادارية أنهت عملها وما فعله رابين صاحب مقولة أن لا مواعيد مقدسة وما فعله كل ورثته بنا نعيد انتاجه بأيدينا على جلودنا ما هذا؟

في الأمر خطأ كبير يبدو أنه أبعد مما هو قائم وسر كبير يبدو أنه يستعصي على الرؤية فاذا كانت المفاوضات مع اسرائيل محكومة بالفشل لأننا أمام مشروعين متصارعين على قطعة أرض واحدة وكل تقدم لأي منهما على حساب الآخر ففي الحالة الفلسطينية يفترض أننا أمام مشروع وطني واحد وبلد واحد ونظام واحد وشعب واحد ولمجرد المقارنة بين ما يحدث في المفاوضات مع اسرائيل وبين المصالحة فتلك وحدها مصيبة ولكنها الواقع الذي يتجلى أمامنا.

أزمة المصالحة تكمن في الجهد الاسرائيلي غير المباشر الذي يتكرس لإفشالها من خلال تهيئة بيئة الاستعصاء التي يخلقها دوماً لكن الأزمة الأكبر التي تجعل من مشروع الافشال الدائم هو طبيعة العقل السياسي الفلسطيني الذي لم يبلغ سن الرشد السياسي بعد ويريد كل شيء لأنه وريث ثقافة التفرد والاقصاء التي تسود في المنطقة العربية.

أزمة المصالحة في عدم الاعتراف بالشراكة التي يفرضها واقع تعدد الشعب الفلسطيني متعدد الألوان والأحزاب وبينما قامت حركة حماس بطرد السلطة والتفرد بحكم غزة وهنا كانت الجريمة الأولى ترى السلطة أن عودتها مشروطة بالتفرد بحكم غزة وحدها وهنا الأزمة التي تقول أننا لم نذهب لمصالحة بعد بل الى صراع ارادات جديد فحماس تريد أن تعود السلطة كحكومة مدنية بينما تستمر هي بالحكم الأمني لأنه بعد أن تحدثت عن تمكين السلطة قمعت مظاهرات واستدعت نشطاء للتحقيق هذا في ظل المصالحة والتمكين "بالأمس فقط منعت حفل اعلان انطلاق فضائية طيف الإلكترونية المتخصصة بالمرأة بحجة عدم ترخيص الفعالية " أما السلطة تريد العودة كأن لا شركاء في هذا الوطن لذا فان النقاش لا يدور عن الشراكة كأن قدر غزة أن يحكمها لون واحد أو حزب واحد وفي هذا وصفة كبيرة لإدامة الأزمة.

لذا ليس من المصادفة أن تتعثر المصالحة أو تسير بسرعة السلحفاة فالمصالحة تحتاج الى وعي مختلف وثقافة مختلفة أولها الايمان بالشراكة في هذا الوطن والايمان بالشراكة في هذا المشروع الثقيل والاعتراف أن لا أحد وصياً على الشعب فمن العبث القتال على من يحكم شعب دون أخذ رأيه كأنه قاصر غير قادر على اتخاذ القرار فهو أقدر على معرفة من يحكمه وأقدر على اختيار حكامه وهذه طبيعة الأشياء أن يحكم الشعب نفسه بنفسه.

ان حرمان الشعب من ممارسة حقه في اختيار قيادة فهذه جريمة من جرائم العصور القديمة وفهم فوقي ديكتاتوري لأساسيات السياسة وانقلاب في المفاهيم والمعايير لأن من يعتقد أن من حقه أن يحكم أو أنه وصياً على الشعب يحتاج الى دروس في علم السياسة ويحتاج أكثر الى أن يتم عزله لأن من يقدم نفسه أمنياً على مصالح الشعوب وحرصه على تطبيق القانون ويفعل هذا فهو غير مؤتمن.

مصالحة ومصالحة وحوار واتفاق واتفاق آخر وحوار خوفاً من الانهيار تلك لم تفعلها حتى الشعوب الأكثر تخلفاً وأحزاب العصر الحجري هل أن أحجية السلطة معقدة الى هذا الحد وتلك لو أعطيت لطالب متدرب في علم السياسة يستطيع أن يقدم اجابة لها وهي استشارة الشعب أو أن الصندوق كفيل بإنهاء هذا النزاع التاريخي وكلا المتصارعين مع السلطة يدركان ذلك وواضح أن هناك من يخشى الانتخابات ويخشى محاكمة الشعب لأن ما فعلوه بهذا الشعب سيدفعه لاتخاذ قراراً قاسياً يوم الحكم لذا يفعلون كل شيء ويستمرون بالمصالحة دون أن يكلوا أو يتعبوا دون الوصول لنتيجة تلك هي التجربة الطويلة والتي على الشعب أن يفكر بكسر حلقتها لأن استكانته وترك القوار الصناع الأزمة زاد من وطأتها وزاد من تعقيداتها وجعل من الحل واحدة من عجائب الزمان...!!!

المقال يعبر عن كاتبه

نقلا عن نبأ برس


"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".