بقلم: ماهر أبو طير
اعترفت اسرائيل يوم أمس بمسؤوليتها عن تدمير مفاعل نووي سوري، في شرق دير الزور، إثر الغارة التي شنتها طائرات اسرائيلية عام 2007، وهي ليست الغارة الاولى على مفاعل نووي عربي، اذ سبقتها غارات إسرائيلية على المفاعل النووي العراقي عام 1981.
وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قال أيضًا، إن على المنطقة بأكملها استيعاب الدرس من الضربة التي نفذتها إسرائيل في عام 2007 ضد ما يشتبه في أنه مفاعل نووي سوري، وأضاف في بيان إن «الدوافع لدى أعدائنا تنامت في السنوات الأخيرة، ولكن قدرة قوات الدفاع الإسرائيلية تنامت أيضًا».
إسرائيل، لا تقبل أن تكون هناك اي قوة نووية عربية، سواء لأغراض عسكرية، أو حتى سلمية، ومن المعلومات المؤكدة أنها سعت إلى منع دول عربية بكل الطرق، من امتلاك مفاعلات نووية، حتى لتوليد الطاقة، وحرضت الإدارة الأميركية، ضد هذه الدول، واتصلت بالروس أيضًا، لمنع تقديم أي مساعدة لهذه الدول، واستبقت كل وفد رسمي عربي ذهب بحثًا عن المفاعلات النووية في دول عديدة، بحملة اتصالات ليست سهلة، في محاولة لمنع الحصول على المفاعلات النووية، وكانت بعض العواصم الاجنبية، تضع العواصم العربية في صورة الممانعات الاسرائيلية.
ما يراد قوله هنا، أن إسرائيل التي تمتلك في الأساس قوة نووية عسكرية، تسعى بكل الطرق لمنع العرب من الحصول على السلاح النووي، أو حتى المفاعلات لأغراض سلمية، وهي في الحالتين السورية والعراقية، وجهت ضربات عسكرية، لكن سرًا خاضت أكثر من حرب، ضد عواصم عربية سعت لامتلاك مفاعلات نووية للطاقة، او لأغراض سلمية، بسبب تخوفاتها من استعمال هذه المفاعلات لاحقًا لغايات أخرى، أو حتى التوطئة لوجود أسلحة نووية، برغم أن العملية ليست بهذه السهولة، أو البساطة، لاعتبارات تكنولوجية.
العالم المنافق، لا يقف في وجه إسرائيل، لا من حيث امتلاكها لسلاح نووي، وعدم توقيعها على اتفاقات كثيرة، تخص السلاح النووي، ولا من حيث اعتراضها على خرق أجواء دول عديدة، وتنفيذ عمليات عسكرية، ضد دول عربية، مثل العراق وسوريا.
ما الذي يمكن ان تقوله رسالة إسرائيل التي يتحدث عنها ليبرمان، إضافة إلى كل هذا التاريخ الوحشي لإسرائيل ضد العالم العربي، وقتل كل هذه الأعداء، واحتلال دول عربية؟
كشف هذه المعلومات بعد أحد عشر عامًا، لم يجر لمجرد ايصال رسالة إلى دول عربية واقليمية، بل لغايات استعراض القوة في هذا التوقيت بالذات، ضد المنطقة، وتحديدًا ضد دول عربية، إضافة إلى إيران، لكن هذه الرسائل في المجمل قد لا تحط في بريد الدول، بالطريقة التي تتوقعها اسرائيل، لأن كل المنطقة مفتوحة على صراعات أوسع، قد لا تضمن ذات اسرائيل إلى الأبد، قدرتها على إدارتها أو التحكم بنتائجها، خصوصًا، أننا نرى أن المنطقة اصبحت مثل الرمال المتحركة، تتحرك سريعًا، وتتغير معادلاتها يوميًا، ولدينا أدلة كثيرة على ذلك.
المؤسف أن كل الممارسات الإسرائيلية، سواء العسكرية، او حتى تسريب المعلومات، يراد منها في المحصلة، إتعاب الروح المعنوية للمنطقة، والقول لشعوبها، أنهم ضعفاء، لا وزن لهم ولا اعتبار أمام اسرائيل وقوتها، وأن إسرائيل متفوقة، بما يستهدف تعميق اليأس والانهاك والتراجع والتخلي عن الاهداف، وهذا أمر بحد ذاته بحاجة إلى معالجة، والوقوف في وجهه بكل الطرق، لأن الهزيمة المعنوية أخطر بكثير، من قصف مفاعل في بغداد، أو دير الزور، ومن حروب اسرائيل السرية، في مجالات متعددة في هذا العالم.
صحيفة الدستور
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"