شمس نيوز/تمام محسن
شجي صوت الفنانة الفلسطينية ريم بنا هذا الصباح على غير عادته حين تقول "أمر عبر الحلم ...أمر عبر الموت الآخر ..كي أدنو إليك"، مع نبأ رحيلها فجرًا إلى أبديتها.
اختارت الفنانة الفلسطينية الثائرة ريما بنا، الرحيل فجرًا، بعد صراع طويل مع مرض السرطان التي احتل جسدها قبل تسع سنوات إلى أن هزمت سرير المرض فجر اليوم.
وكان أعلن فراس البنا، شقيق الفنانة الراحلة على صفحته في فيسبوك، نبأ وفاتها :"أبناء الراحلة بيلسان، قمران، أورسالم، ووالدتها زهيرة صباغ، أخوها فراس وآل بنا و صباغ، وأصدقاؤها ومحبوها وأبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ينعون ببالغ الحزن والأسى رحيل محبوبتهم الغالية، الفنانة والمناضلة ريم جميل بنا عن عمر يناهز ال51 عامًا".
وكتبت والدتها الشاعرة الفلسطينية زهيرة صباغ، على موقعها على "فيسبوك": "رحلت غزالتي البيضاء..خلعت عنها ثوب السقام.. ورحلت..لكنها تركت لنا ابتسامتها..تضيء وجهها الجميل.. تبدد حلكة الفراق".
ونعى وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، رحيل بنا :"لن أقول عن ريم بنا.. رحلت .. ولكنني سأقول إن هذه الأخت الفلسطينية الغالية اختارت أن تحلق فجر هذا اليوم مع الملائكة في سماء الوطن".
وأضاف: "صعدت ريم بنا نحو الأبدية وهزمت سرير المرض، وبقيت لنا الذاكرةوبقي الصوت يغني فلسطين، وسيظل يغني فينا فلسطينرغم رحيل الجسد".
ريم التي كانت تعد نفسها لهذه النهاية الحتمية، حين تدهورت حالتها الصحية في شكل طارئ الأسبوع الماضي، وكتبت في صفحتها " بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي .. فكان علي أن أخترع سيناريو ..
فقلت ...لا تخافوا .. هذا الجسد كقميص رثّ .. لا يدوم ..حين أخلعه ..سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق ..وأترك الجنازة "وخراريف العزاء" عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام .. وسأجري كغزالة إلى بيتي ...سأطهو وجبة عشاء طيبة ..سأرتب البيت وأشعل الشموع ...وانتظر عودتكم في الشرفة كالعادة ..أجلس مع فنجان الميرمية ..أرقب مرج ابن عامر ..وأقول .. هذه الحياة جميلة ..والموت كالتاريخ ..فصل مزيّف".
ولدت ريم في السادس من ديسمبر للعام 1966 بمدينة الناصرة شمال فلسطين المحتلة. درست الموسيقى والغناء في المعهد العالي للموسيقى في موسكو. استطاعت خلال مسيرتها الفنية أن تحتل قلوب المضطهدين حول العالم.
وأصدرت بنا 13 ألبوما من أبرزها "مرايا الروح" عام 2005 الذي كرس للغناء عن الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين العرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتميزت أغانيها بامتزاج أسلوب الغناء الشرقي والكلمات العربية مع الألحان الغربية.
تلقت خلال مسيرتها الفنية في العقدين الأخيرين عدة جوائز أبرزها تكريمها كشخصية العام وسفيرة السلام في إيطاليا عام 1994، وشخصية العام من وزارة الثقافة التونسية عام 1997، كما فازت بجائزة فلسطين للغناء عام 2000 وبجائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2013.
استطاعت ريم بصوتها الثائر والحالم أن تصل إلى قلوب الشعوب العربية المضطهدة، وتلقى العالم نبأ وفاتها بحزن بالغ وغردوا عبر صفحاتهم في فيسبوك.
وكتب الفنان التشكيلي السوري ياسر الغربي : ريم بنّا ..الحنجرة التي استنشقت آخر انفاسها هذا الليل .. سيبقى صداها مدوٍّ في القلوب والضمائر الحيةّ.. سيبقى صوتك حيّ .. حيّ حيّ".
وكتبت محمد عليان والد الشهيد بهاء عليان: " لم اكتب شيئا عن ريم البنا، بل رحت أبحث عن أعمالها واستمع إلى صوتها، واقرأ كلماتها الأخيرة. غافلتها بعد سويعات من الرحيل، لأنهل منها حاجتي إلى القوة والأمل والحب".
أما الكاتب الفلسطيني أنور حامد، فقال:" يا ريم ! وطن بأكمله كان يصحو كل صباح، يفتح عينيه ليطمئن أنك كسبت الجولة مرة أخرى. كنا ندرك أن الرحلة الطويلة، المشوار القاسي أنهكك، ولكننا نستمع إلى كلمات منك ترسم ملامح أيام وأغنيات وفرح آت فنكذب قوانين الأزل ونتزود بجرعة أخرى من إيمانك العنيد. لم يفاجئني الخبر، مع ذلك طوحتني الصدمة يا ريم، يا ابنة الدلعونا، يا حورية الشجن ... كم هي الدروس الجميلة التي تعلمناها من شموخك، وقوتك وإصرارك على أن تنتصر الأغنية في هذه المعركة غير المتكافئة...".