قائمة الموقع

خبر جموع 'مسيرة العودة'.. لا غربة في هذا المشهد المكلل بالحنين !

2018-03-30T13:18:03+03:00

شمس نيوز/ صابرين عزيز

"وصلنا الحدود في لهفةٍ، سنقف على الجبل لرؤية سمسم ونجد وبئر السبع، سنرى كل شيء هناك" كانت براءتنا سيدة الأحلام، نحن الفلسطينيون اللاجئون المهجرون، والجميل أنّ من أوصلني إلى ما أحنُّ عائلة غزّية الأصل، لا تربطني بها أي صلّة سوى الأرض الفلسطينية التي نشتاق..

جموعٌ.. جموع؛ لا غربة في هذا المشهد المكلل بالحنين، آلاف الشبان، الشيوخ، النساء، الأطفال يحلمون بالعودة، بالتخلص من السلك الحديدي الهش الفاصل بينهم وبين الأرض، يحملون الحلم ويتركون خلفهم سرّة الهجرة، عائدون عراةً من سبعين عامًا مضت، إلى الأرض والجدّ.

عندما وقفنا بين الجموع، أخذنا نرفع أقدامنا عن الأرض، لعلنا نطير، كنّا أخف من ريشة وأثقل من جرح، هذا الوطن كبير جدًا، حتى أنه أكبر من أحلامنا، عرفت الآن لماذا يتساقط الشهداء كأوراق الخريف فيه دون خسارة، عانقنا أنا والعائلة المواطنة الهواء وأرسلناه إلى بلادنا خلف الحدود، هل استطاع البئر المهجور استقبال ما أرسلته إليه؟!

مشينا وسنابل القمح على جانبي الطريق تتراقص وتصفق، ربما كانت تنشد "عاد الوطن" وتبتهج رغم ما لاقته من تخريب إثر ركضنا نحو الحدود، مئات كنّا نهرب من غزّة والمخيم ولعنة اللجوء إلى بلادنا، تاركين خلفنا كرت المؤن والقوشان، متجاهلين الشاحنات المكدّسة بالحنطة والشعير، وأخرى حملتنا عند هجرتنا إلى خيمات الغربة.

أمتار بيننا وبين الجبل الآخر، الجبل المعدّ من قبل الاحتلال على أراضينا المحتلة للتصدي من رشقات الأحلام التي نبثها، من أعلامنا الفلسطينية المنتشرة دون غيرها، نقف نحن للنظر إلى الجانب الآخر، بحسرةٍ لعلنا اجتزناها يومًا ومررنا بسلام دون أن ينفجر رأس أو قدم أحد منّا كما رأيتُ بجانبي، دون أن يصرخ شاب آخر" استشهد" دون أن تحرق عيوننا إثر قنبلة غاز يطلقها الجنود أو طائراتهم.

عدّت بعدما فقدت الأمل، اليوم فقط، في رؤية بلدتي المحتلة "سمسم"، أخذت حلمي ووضعته في الحقيبة علّي أستطيع إخراجه بعد يومين، وسرت إلى الخيام، كانت مسنتان من اسدود تنكتان " أحلى من رحلة النور" ترد الأخرى:" شو النور، ولك هاي بلدك، يااه لو نرجع".

أخذت بالعودة إلى لجوئي "غزّة" مرّة أخرى، بعد أن رأيت وقاحة الجند الإسرائيلي يسرح في أراضينا المحتلة، ويطلق النار علينا ونحن عزّل إلا من أحلامنا، تيقنت وقتها أن الحلم أثقل من رصاصة.

هذا الوطن قدمُ جريح تفجرت بعد رصاصةٍ من المحتل، رأس شهيد، دمعة، حتى أنها الرجل العجوز الذي كان يمشي ذهابًا وإيابًا بيننا وهو يقول "عائدون" وظنه الآخرون مجنون، والأرض فيه أم شهيد وجريح، جبل لا يثنيها عن إرسال آخر لرؤية ما يشتاق موت واحد منهم.

اثنان وأربعون عامًا على يوم الأرض، ستة شهداء آنذاك، في الـ76، وثمانية آخرين حتى كتابتي المقال، يرحلون بأمنيةٍ واحدة" العودة" مسيرات من الجنوب حتى الشمال في غزّة، إصابة المئات، ثم عوّدة، عوّدة لا بد منها للأرض، بعد أن تنبت كل أقدام الجرحى ورؤوس الشهداء، عوّدة أقرب من الروح.

اخبار ذات صلة