قائمة الموقع

خبر الشعب يضع القيادات والفصائل أمام مسؤولياتها

2018-04-02T06:35:10+03:00

بقلم: طلال عوكل

الثلاثون من آذار هذا العام، مختلف عما سبق منذ أن أصبح ذلك اليوم محطة يعبر من خلالها الفلسطينيون، كل الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، عن تمسكهم بحقهم في الأرض، واستعدادهم للدفاع عنها، وكان نموذجهم الشهداء الستة الذين سقطوا في المثلث العام 1976.

منذ توقيع اتفاقية أوسلو، تحول مفهوم الأرض من أرض فلسطين التاريخية، إلى الأراضي المحتلة منذ العام 1967، استناداً إلى ما قرره المجتمع الدولي. 

غير أن خمسة وعشرين عاماً مضت، أثبتت أن إسرائيل لا تقبل العمل إلاّ وفق مقولة رددها الأوائل، أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. 
تصادر إسرائيل الأرض كل الأرض، ولكنها فشلت في أن تصادر وجود الشعب الفلسطيني، صاحب الأرض، وتسعى دولة الاحتلال إلى مواصلة التوسع، سعياً وراء تحقيق حلم الصهيونية الأول، من "الفرات إلى النيل أرضك يا إسرائيل" وهو الشعار الذي يرسمه علم إسرائيل.

اليوم وبعد أن اتضحت بالكامل سياسة التحالف الأميركي الإسرائيلي والتي تعمل على مصادرة الحقوق الفلسطينية بما في ذلك الأرض التي احتلتها العام 1967، وهو الحد الأدنى الذي قبل به الفلسطينيون لإقامة دولتهم وممارسة حقوقهم عليها، يقرر التحالف الأميركي الإسرائيلي العودة بالصراع إلى بداياته الأولى. 

وبصراحة هذه هي طبيعة الأمور وصحيحها، فالتاريخ يصحح الاعوجاجات الطارئة التي تقع في مسيرته.

يوم الأرض هذا العام، هو يوم كل أرض فلسطين التاريخية من رفح إلى الناقورة ومن البحر إلى النهر، ولذلك كان هذا اليوم مختلفاً، وسيظل يختلف حسب الظروف في الأعوام المقبلة. 

في تفاصيل المشهد يذهب البعض إلى قراءة الأبعاد الأخرى، التي ينطوي عليها النشاط الفلسطيني في الثلاثين من آذار، وبما يتجاوز قضية التمسك بالأرض وبحق العودة إليها.

تستطيع إسرائيل بما تملك من قوى تدميرية غاشمة أن تجتاح الأراضي الفلسطينية كلها، وأن ترتكب ما شاءت من المجازر، ولكن عليها أن تخشى من اجتياح ملايين الفلسطينيين لأراضيهم المحتلة، كلها. 

لن يذهب الفلسطينيون من هذا المكان لا إلى ما بعد النهر ولا إلى ما بعد رفح، فالمسيرة الشعبية السلمية التي انطلقت من كل أنحاء قطاع غزة، ومن الضفة، وأراضي العام 1948، وحتى من الشتات ليس لها سوى وجهة واحدة لن تنفع كل السياسات والمجازر الإسرائيلية في دفع وفصل قطاع غزة، والتخلص من المسؤوليات التي يرتبها عليها القانون الدولي كدولة احتلال، فالشعب الفلسطيني كله موحد خلف حقوقه حتى لو اختلفت القيادات فيما بينها على قضايا دون وطنية وهامشية بالقياس للقضايا الوطنية الكبرى. 

لا حاجة لأن يبرر الفلسطينيون في الضفة وفي الأراضي المحتلة العام 1948، أشكال وأثمان مواجهتهم للاحتلال فهم على اشتباك دائم، ويومي معه.

السؤال الكبير كان مطروحاً على غزة، التي أمعن الاحتلال في حصارها وخنقها، ودفعها نحو الانفصال أو الموت، وحصر الاشتباك معها بالوسائل الحربية التي يجيد استخدامها المحتل الإسرائيلي.

ما كان يكفي في مثل هذا اليوم أن يخرج أهل القطاع، في مسيرات، مهرجانات خطابية داخل المدن، وأن يصدروا البيانات والتصريحات، فهذه لا تعبر عن الرسالة بالقوة المطلوبة. 

كان على سكان القطاع أن يبدعوا كما أبدع شعبنا في مرات كثيرة، لكي تأتي رسالتهم، بقوة الالتزام بالأرض وبالحقوق. 
ليست حماس من خرجت يوم الثلاثين من آذار إلى الحدود، فلقد خرج السواد الأعظم من فصائل ومنظمات مجتمع مدني، ونشطاء وشباب ونساء، وعائلات بكاملها، مدفوعين بطاقة هائلة لمواجهة المحتل، وكسر حصاره، وتحدي سياساته التوسعية.

غزة في الثلاثين من آذار اختارت أن تنحي جانباً ما تملك فصائلها من وسائل المقاومة العسكرية، إلى ما تم الاتفاق عليه من أولوية المقاومة الشعبية السلمية، وبكل الاحتياطات اللازمة التي لا توفر للاحتلال الذريعة لارتكاب مجازره. 

خرج أهل غزة وهم على دراية كافية، لما يخطط الاحتلال في مواجهة مئات الآلاف الذين ابتعدوا عن الحدود بمسافة كافية لا تسمح بإلقاء حجر، وخرجوا وهم يعرفون أن عليهم أن يدفعوا ثمن هذا الانقلاب في أشكال مواجهة المحتل.

وخرج أهل غزة إلى الحدود، وهم على الأرجح يدركون أن الأمم المتحدة لن تنجح في إنصافهم وإدانة مجازر الاحتلال، فهم على دراية بأن الولايات المتحدة تقف بالمرصاد، لمنع صدور أي قرار أو بيان حتى لو أنه يكتفي بالدعوة لتشكيل لجنة تحقيق محايدة.

وخرج أهل غزة، وهم يدركون طبيعة الأوضاع العربية، التي لا توفر لهم الحماية والدعم الكافي في مواجهة احتلال عنصري استيطاني توسعي مجرم. 

خرجوا وهم يعرفون معنى المثل القائل "لا يحكّ جلدك إلاّ ظفرك"، وكان ما كان. ولكن رغم المجزرة التي أودت بحياة سبعة عشر شهيداً وما يربو على ألف وخمسمائة مصاب، بالرصاص الحي المتفجر، لكنهم، نصبوا خيامهم وأعلنوا استمرار حالة التحدي، والتحضير ليوم المسيرة الكبرى في ذكرى النكبة.

كان الدم الفلسطيني دائماً، أداة وحدة، فهل سيكون هذه المرة أداة لإعادة توحيد الصفوف الممزقة؟ مرة أخرى بعد مرات كثيرة كان آخرها، الحراك الشعبي الذي أفشل مخططات المحتل في المسجد الأقصى، مرة أخرى يثبت الشعب الفلسطيني أنه يتحمل مسؤولياته الوطنية، ومستعد لحماية حقوقه، والارتقاء فوق الجراح وفوق حسابات القيادات والفصائل، وقادر على حماية الكرامة والهوية الفلسطينية. الشعب قام ويقوم بدوره وينتظر أن تقوم قياداته وفصائله بدورها وأن تنفذ ما يترتب عليها من واجبات وطنية

الأيام

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة