بقلم: فهد الخيطان
إسرائيل تضرب مجددا في العمق السوري، والعنوان المستهدف هذه المرة كما السابق إيراني، في إطار ما يسميه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضرب "عملية التمركز الإيراني" في سورية. هجوم ليلة أول من أمس استهدف مواقع للجيش السوري تؤوي في داخلها مقاتلين تابعين للحرس الثوري الإيراني.
الهجوم يرفع من سقف التحدي بين العدوين اللدودين؛ إيران وإسرائيل، ويضاعف من منسوب القلق من مواجهة أكبر بينهما.
قادة عسكريون إيرانيون أعلنوا بعد الهجوم الإسرائيلي على قاعدة "تي فور" الجوية قبل أسابيع، أن العملية لن تمر من دون رد حاسم. لكن وفق تقارير لوسائل إعلام إيرانية، قررت طهران التأني في الرد لحين اتضاح قرار واشنطن النهائي بشأن انسحابها من اتفاق إيران النووي.
إسرائيل على ما تدل الوقائع، لا تضع في حساباتها مواقف الأطراف الأخرى حتى لو كانت واشنطن، وتتصرف في سورية وفق مصالحها المباشرة. قبل أيام، قال الوزير في حكومة نتنياهو، إفيغدور ليبرمان، إن إسرائيل غير معنية بالأطراف المتصارعة في سورية ولا بمستقبل النظام السوري، وكل ما يهمها هو منع إيران من بناء قواعد دائمة هناك.
بمعنى آخر، تل أبيب مستعدة للتعايش مع سورية تحت حكم الأسد والوجود الروسي فيها، لكنها لن تسلم بالنفوذ الإيراني على حدودها.
إسرائيل، كما أفادت عديد المصادر، أبلغت موسكو بموقفها هذا، والأخيرة لم تفكر أبدا باعتراض الهجمات الإسرائيلية ما دامت لا تستهدف قواتها.
هل سترد إيران على الاستهدافات الإسرائيلية المتتالية في سورية؟
الجواب برسم النقاش الداخلي الإيراني. الأكيد أن طهران لن تقدم على هجوم مباشر على إسرائيل، أو فتح جبهة مواجهة من الجنوب اللبناني. الكلفة ستكون باهظة، وقد تدفع باتجاه حرب أشمل تدخل واشنطن على خطها.
المرجح أكثر هو أن تعمد طهران إلى استهداف مصالح إسرائيلية في الخارج، أو تنفذ داخل إسرائيل بالاعتماد على حلفائها في فلسطين.
لكن ذلك لن يلجم تل أبيب عن مواصلة هجماتها في سورية مستقبلا. عمليا ستكون الأطراف المعنية أمام خيارات حاسمة، وأعني موسكو وتل أبيب ومن خلفهما واشنطن.
هل يكون المخرج بتقليص النفوذ الإيراني في سورية بالتفاهم مع موسكو المعنية بعدم رفع كلفة وجودها هناك واحتواء التصعيد قدر المستطاع لاستكمال سيطرة النظام السوري على كامل المناطق؟
قد يبدو من الصعب على إيران التسليم لإسرائيل بهذه النتيجة بعد كل هذه التضحيات في سورية. لكن البديل أكثر تعقيدا، وينطوي على احتمالات مواجهة لا تسعى إليها طهران.
يمكن لموسكو وحدها أن تجد خريطة طريق لتفاهم غير مباشر بين إيران وإسرائيل، يضمن للأخيرة عدم اقتراب قوات موالية لإيران من حدودها، واستبدال الوجود العسكري في سورية بالنفوذ السياسي؛ أي العودة للوضع كما كان قبل اندلاع الأزمة السورية.
لكن قبل ذلك، ينبغي على واشنطن المسكونة بأمن إسرائيل، أن تضع للإيرانيين شيئا على الطاولة، أقله عدم الانسحاب من الاتفاق النووي.
صحيفة الغد
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"