بقلم: عبد الحميد المجالي
تبدو الصورة مقلقة جدًا، رغم أنها محيرة ولم تشر إلى أي اتجاه تسير فيه وإليه منطقة الشرق الأوسط في الأسابيع والأشهر المقبلة. فالمنطقة مليئة بالمواقع القابلة للانفجار في أي لحظة وتنتظر من يقوم بعمل طائش أو مخطط له لقلب المعادلة القائمة وخلق وضع جديد.
المنطقة أمام قضيتين رئيستين لا تنفصلان عن بعضهما البعض في الاهداف والنتائج، وإن اختلفتا في التسميات والأسباب.
الاولى: رفض إسرائيل لما تسمية ترسيخ التموضع الايراني في سوريا.
والثانية: التبعات المتوقعة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني.
كلا القضيتين موضوعتان على النار، وليبدو أن اللاعبين فيهما يرغبان في التأجيل. وكلا القضيتين فيهما أطراف ثلاثة مباشرة، هي إسرائيل والولايات المتحدة وإيران. وكلا القضيتين أيضا كل منها يصنف من ذلك النوع الذي يؤدي إلى حرب عند أول تطور أو حركة غير محسوبة من أي طرف من الأطراف الثلاثة. وكلا القضيتين أيضا لهما ابعاد دولية واقليمية تؤثر وتتأثر بها سلبا او ايجابا، وأكثر المناطق تأثرًا هي منطقة الشرق الاوسط.
في القضية الأولى تبدو إسرائيل مصممة على حسم هذه القضية قريبا، لأنها تقول إن الانتظار سيضاعف من التواجد الايراني في سوريا ويعقد بعد ذلك المشكلة على إسرائيل. وقد قال وزير الدفاع الاسرائيلي قبل يومين، أن الثمن الذي ستدفعه اسرائيل الآن من الحرب لحسم هذه القضية، سيكون باي حال اقل بكثير من الثمن الذي ستدفعه في المستقبل.
وتؤكد أنها لا تريد التصعيد، ولكنها تستعد لأي سيناريو. ويبدو أنها تعول على روسيا بالدرجة الاولى لأقناع إيران بالانسحاب من سوريا لتجنب وقوع الحرب، كما تعول على قدرتها العسكرية المتفوقة على القدرة العسكرية الايرانية في سوريا ولبنان كنوع من اسباب اجبار إيران على حل هذه القضية سلميا ودون حرب.
اما إيران فتبدو انها في مأزق في تعاطيها مع هذه القضية. فهي ليست قادرة على الرد عسكريا على الهجمات الاسرائيلية المتوالية والمستمرة على مواقعها في سوريا، لان ذلك يعني ردا اسرائيليا قد لا تحتمله طهران. كما ان الرد الايراني قد يؤدي الى وقوع حرب شاملة ليست مضمونة النتائج. ولذلك فهي تكتفي بالتهديدات الاعلامية، وتعول كذلك على اتصالات خلفية ربما مع روسيا في الاساس لاحتواء الموقف. غير ان كلا الطرفين الاسرائيلي والايراني في حالة انتظار لما قد تسفر عنه التطورات في المستقبل القريب.
اما قضية الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي مع إيران فهي أكثر تعقيدا وخطورة. واقل ما قيل فيها على لسان الرئيس الفرنسي المنغمس في هذه القضية منذ فترة، ان الانسحاب الامريكي من الاتفاق قد يؤدي الى وقوع حرب.
والحرب التي يقول عنها ستكون بسبب ان إيران ستعمد كما تقول، الى استئناف تخصيب اليورانيوم وبدرجات اعلى مما يقربها من امتلاك سلاح نووي، وهذا الامر يعتبر خطا شديد الاحمرار في واشنطن وتل ابيب وغيرها من العواصم.
هذه القضية ايضا على النار. فواشنطن ستعلن موقفها من الاتفاق بعد عدة ايام، وموقفها غير واضح حتى الان، وان كانت الدلائل تشير الى قراراها بالانسحاب، الا إذا نجحت المساعي الاوروبية بإقناعها بمقترحات بديلة.
وبهاتين القضيتين فان منطقة الشرق الاوسط تقف على مفترق طرق ليس معلوما في اي اتجاه ستؤدي بها التطورات المقبلة والقريبة زمنيا. هل الى حرب ستكون بالتأكيد مدمرة تدفع فيها أطراف عديدة اثمانا فادحة؟ ام الى حلول دبلوماسية توقف السير المتسارع نحو الحرب في منطقة اتعبتها حروبها وحروب الاخرين على ارضها. هذا الشهر ملئ بالقرارات الحاسمة مثلما هو ملئ بالانتخابات المتنوعة في بلدان عدة، لكن العلاقة الثلاثية الصراعية الجوهر بين الولايات المتحدة وإيران واسرائيل، تبقى هي العامل الملتهب الذي قد يأخذ المنطقة الى جحيم الحرب.
صحيفة الدستور
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"