قائمة الموقع

خبر الرئيس الأميركي «محظوظ» مع العرب!

2018-06-30T06:17:39+03:00

بقلم: محمد ياغي

تخيلوا لو أن الرئيس الروسي، الصيني أو الفرنسي هو من اعترف بأن القدس عاصمة لإسرائيل ومن يطالب الفلسطينيين بقبول "أبوديس" عاصمة لهم بدلاً من القدس الشرقية التي تم احتلالها العام ١٩٦٧.

أو لو أن أحد هؤلاء الرؤساء هو من قال إن أسس الإرهاب كامنة في عقيدة المسلمين (الإرهاب الإسلامي بحسب تعبير ترامب ـ الرئيس الأميركي) وليس في أفكار جماعات متطرفة كل ما يميزها عن المجموعات المتطرفة التي سبقتها أنها حظيت بدعم أميركي خلال سنوات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق.

تخيلوا لو أن أحد هؤلاء الرؤساء منع دخول مسلمي ست دول عربية الى بلاده لأنهم في تقديره سيجلبون الدمار لبلاده.

أو لو أن أحدهم أعلن بأن العرب ليسوا أكثر مجموعة "غبية وضعيفة" لا تمتلك سوى الأموال، وأن عليهم تسليمها أو تسليم جزء كبير منها لبلاده مقابل حمايته لها.

تخيلوا أيضاً وعلى المستوى الشخصي، لو أن هذا الرئيس الروسي أو الصيني أو الفرنسي، متورط أيضاً في فضائح جنسية وليس فقط في نزوة عابرة. وبأنه ربما فاز بموقعه كرئيس بدعم من دولة أُخرى. وبأن هذا الرئيس لا يمكنه أن يكمل جملة واحدة دون أخطاء لغوية أو معلوماتية بسبب ضحالة ثقافته.

وتخيلوا أيضاً، لو أن جوهر سياسات هذا الرئيس قائم على دعم الجماعات المحافظة في بلاده الكارهة لكل ما له علاقة بالعرب والمسلمين والمؤيدة لأسباب أيديولوجية فقط لإسرائيل حتى لو كان تأييدها يتعارض مع مصالح بلاده.

تُرى ماذا كان العرب عندها سيقولون أو يفعلون؟

في تقديري كانت الدول العربية ستسحب سفراءها من روسيا أو الصين أو فرنسا.

كان إعلامها سيكرس غالبية وقته لتأليب الرأي العام وحشده ضد هذه الدولة.

ربما أيضاً كانوا سيقاطعون هذه الدولة تجارياً وربما سيسيرون أو سيتغاضون عن تسيير غيرهم للتظاهرات في الشوارع ضد هذه الدولة.

لكن عندما تكون أميركا "ترامب" هي هذه الدولة المارقة التي تعادي العرب والمسلمين، فإن كل شيء مختلف: العرب الرسميون سيجدون التبرير لسياساته وسلوكه المهين لهم ولشعوبهم.

شاهدنا كيف فُتِحت الأبواب في العواصم العربية لمبعوثيه الذين يبشرون سياسياً بتصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يعرف "بصفقة القرن".

وعملياً من خلال حصارهم المالي للأنوروا، وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وعن طريق دعمهم للاستيطان، وممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية.

"ترامب" وليس أميركا "محظوظ" لدى العرب الرسميين. لو كان أوباما، الرئيس الأميركي السابق، هو من فعل أو قال كل ما فعله أو قاله ترامب لاختلفت أيضاً سياسات العرب الرسميين ومواقفهم أيضاً.

هل تذكرون حجم الانتقادات العربية الرسمية لسياسات أوباما في الملف السوري:

رئيس ضعيف لا يستحق قيادة دولة "بقوة وعظمة" أميركا. أو ليس هذا جوهر ما قاله العرب.

هل تذكرون الاتهامات له بالتواطؤ مع الإخوان المسلمين في العالم العربي؟ ألم يعارض بعضهم اتفاقه النووي مع إيران؟

لكن عندما تتعلق المسألة بـ "ترامب" فإن الرجل له "حظوة": تأييده للاستيطان في فلسطين، سياساته التي تسعى لتقاسم المصالح في سورية مع الروس، سياساته الاقتصادية التي تهدف الى تقوية أميركا على حساب بقية دول العالم، وكراهيته وحتى احتقاره للعرب والمسلمين، مقبولة جميعها عليهم.

لماذا كل ذلك؟

للبعض، ما زالت أميركا سواء قادها "ترامب" أو أي شخص آخر، هي المانح الأكبر لخزينتها.

وللبعض الآخر، أميركا هي الضامن لأمنها. ولمن تبقى، أميركا هي أحد أهم مصادر شرعيتهم السياسية.

لكن كل ذلك، لم يمنع العرب الرسميين من معاداة أميركا أو الاختلاف معها علناً عندما كان يقودها أوباما.

هنالك لغز يجب تفكيكه فيما يخص سِر الاحتفاء العربي الرسمي بالرئيس ترامب:

قد يكون السبب أن الرجل يكره الديمقراطية ويرغب في تدميرها في بلاده مثلما يكرهها العرب الرسميون.

وربما لأن الرجل يحكم وفق قرارات تنفيذية رئاسية ليتجاوز القضاء والكونغرس الأميركي كلما أتيحت له الفرصة لذلك مثلما يفعل الكثيرون من العرب الرسميون.

وقد يكون السبب أيضاً، أنه يرى الصراع في العالم العربي مثلما يراه العرب الرسميون: صراعاً مع الإسلاميين والإيرانيين فقط.

أما ما يخص إسرائيل، حتى لو اختلفوا معه بشأنها، فإن الاتفاق معه حول القضية الأولى والثانية كافية لتجاهل الخلاف معه حول إسرائيل، وحتى لتحويل هذا الاختلاف الى نوع من الاتفاق لضمان استمرارية سياساته تجاه إيران والإسلاميين.

الرجل فعلاً "محظوظ" لدرجة لا يمكن توقعها:

رغم الهجوم الإعلامي الأميركي المستمر عليه منذ انتخابه والتحقيق في قضايا خاصة لها علاقة بارتباط حملته الانتخابية بالروس وفي سلوكه الشخصي والمالي "المشين والمشبوه"، إلا أن الرجل حقق إنجازات أو في طريقه لتحقيقها منها أن الاقتصاد الأميركي اليوم، وفق الصحافة الأميركية، أفضل مما كان عليه الحال قبل بضع سنوات.

ومنها أن كوريا الشمالية ربما تقبل بالتنازل عن أسلحتها النووية. وأن أجندة المحافظين الأميركيين الداخلية ربما تتحقق بعد أن يعين "ترامب قاضياً جديداً منهم في المحكمة العليا بعد استقالة أحد القضاة المعارضين لسياساته فاتحاً الطريق بذلك لحصول المحافظين على الأغلبية في (5 من أصل 9) في أهم هيئة قضائية أميركية.   

صحيفة الأيام

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة