قلم/ أكرم عطا الله
بوتيرة كبيرة عاد هذا الأسبوع الحديث عن قطار المصالحة الذي علق في كل المحطات ولم يتحرك منذ أن استدعى الفلسطينيون كل خبرتهم للتملص من أي تقارب بينهم مكتفيا كل منهم بما لديه، فقد ضربوا أرقاما قياسية في عدد الاتفاقيات التي لم تنفذ حتى أكثر من تلك التي عقدوها مع اسرائيل خدعوا أنفسهم بما فيه الكفاية ليكتشفوا الان الحقيقة المرة بأن ثمن ذلك كان أكبر من أن يتوقعه أحد.
لا شيء يمكن أن تقوله الفصائل المتنازعة على السلطة للشعب, جميعها عادت من معركة الإحتراق الداخلي بصفر اليدين فتكتشف أن المشروع الذي تقاتل من أجله تهاوى إلى سقف اسمه صفقة القرن. ولم يكتشفوا مسبقا أن كل ما حدث من إنهيار كان يراكم عجزا و فشلا سيؤدي بنا إلى ما هو أسوأ، هذا ما حصل في ذروة ملهاة خلافاتهم لنكتشف أننا بلا رصيد. الجسد الفلسطيني كأنه دخل في مرحلة التحلل و العلاقات مع العرب فقدت احترامها لأن الفلسطيني قدم النموذج الأسوأ, أما على الصعيد الدولي فعاصفة ترامب كانت تكفي لأن يحني الجميع رأسه.
ماذا تبقى لدى السلطة و حركة فتح لتقوله بعد هذا المسار السياسي الذي وصل إلى ما وصل إليه؟ و بالمقابل ماذا لدى حركة حماس لتقوله بعد هذه الجربة المكلفة دما و وجوعا؟ صحيح أن الإسرائيلي كان له الدور الأكبر في إفشال كل منهما و وضع كل عصيه القوية في دواليب عرباة المحاولة فقد أغلق أمامهما كل الطرق و جعل ظهر كل منهما للجدار بكل ما يملك من إمكانيات. ولكن الحقيقة أن الأداء الذي قدمه كل منهما لم يكن مدعاة سوى للشفقة ولا يتسع هنا المجال للحديث عن تركيب المؤسسة وعمل اجهزة الأمن و غير ذلك لكن النتيجة أن كل من الحركتين فقدتا قوة الخطاب أمام الشارع.
أمام هذا الواقع السياسي الذي تجمد منذ سنوات و بلا انجازات و بلا تجديد ولا انتخابات ولا شيء كان لا بد وأن تظهر محاولات, ولكن تلك المحاولات السابقة كانت خلال فترة المكابرة و الشعارات العارمة في لحظة لم تكن ناضجة ولم يكن المناخ مهيئا لها, و هذا ما يجعلنا ننظر بجدية مختلفة هذه الأيام للمحاولات الجديدة بعد كل هذه الأحداث التي كسرت رأس الجميع, فقد انسدت جميعها أمام السلطة في ذروة الهجوم السياسي و انغلاق المسار و صلف ثلاثي الإارة الأميركية و هروب العرب و الأوروبيين و شعورها بالوحدة والعري, و كذلك حركة حماس التي تبدو فقدت كل شيء و ظهرها للجدار ولا أفق لها ولا حل لمأساة غزة و اتضح أن أي حل سيشكل مدخلا لتصفية القضية أو مدخلا لصفقة القرن.
هذا هو الواقع بكامل عريه و ان ياره فهل يمكن أن يشكل مناخا ليتدك كل المتخاصمين بالساحة أن لا بديل عن المصالحة ؟ جواب العقل يقول نعم و بقوة و يجعلنا أكثر تفاؤلا في حراك المصالحة ولكننا في منطقة فقدت عقلها و هنا الخوف, فهل ينتصر الصراع بين العقل والواقع؟ وهل هناك شيء مختلف هذه المرة ..؟
المقال يعبر عن رأي كاتبه
نقلا عن / نبأ برس