قائمة الموقع

خبر قانون 'القومية الإسرائيلي'.. مقامرة الصعود مع الموجة اليمينية القومية

2018-07-24T07:30:56+03:00

شمس نيوز/ خاص

في مزيج غريب بين الأفكار والأيديولوجية، أقّر الكنيست الإسرائيلي ما يسمى قانون "القومية"، الخميس 19 يوليو الجاري، الذي يحصر "حق الهجرة المنتهية بالمواطنة لليهود"، كما ينص على أن "القدس الكبرى والموحدة هي عاصمة إسرائيل"، وأن "العبرية هي لغة الدولة الرسمية"، وهو ما يسقط مكانة العربية كلغة رسمية.

المحلل السياسي والكاتب حسين حجازي، فسر إقدام ما وصفها "النخبة الاسرائيلية الحاكمة وهي نخبة سياسية وأيديولوجية يرى الكثيرون أنها الأكثر ضحالة من الناحية الثقافية والفكرية، قياسا بذكاء وتفوق النخبة الاسرائيلية المؤسسة للدولة"، وفق وصفه، نوعًا من تبديل الجلد والتساوق مع ما يمكن اعتبارها في بعض الدول الأوروبية وبعد انتخاب ترامب في أمريكا، صعود الموجة اليمينية القومية الشعبوية.

وأضاف، في مقاله الذي نشر عبر صحيفة "الأيام"،  "هذه الدولة لا تنفك عن إحداث هذه الانتهازية في التماهي للمرة الثانية في تاريخها، محاكاة النبرة أو الريح الخارجية. المرة الأولى في الانحياز الذي قام به القادة الاسرائيليون الأوائل، إلى جانب التماهي مع النزعة لليبرالية الديمقراطية للغرب بعد الحرب العالمية الثانية. أما المرة الثانية اليوم فليس أدل عليها سوى المقامرة بالاصطفاف إلى جانب ترامب ورئيس الوزراء المجري ومن على شاكلتهم".

وخلص الكاتب بالقول: إن الذهاب إلى أقصى التطرف قد يرتد إلى عكسه، بأن يؤدي ذلك بالنهاية إلى تحديد هوية الدولة والأرض باعتبارها دولة الفلسطينيين والإسرائيليين من النهر إلى البحر. وفي التاريخ كان التطرف غالبًا يرتد إلى نقيضه.

ستؤدي إلى فناء الصهيونية !

بينما ذهب الباحث والأكاديمي في جامعة الاسكندرية عبد الفتاح ماضي، بالقول: إن الصهيونية تُحصّن نفسها – بهذا القانون- لأن هناك مقاومة فلسطينية باسلة ضدها، ولأن هناك رفضًا شعبيًا عربيا لمحاولات التطبيع والاستسلام.

وأضاف: كل الطرق تؤدي إلى فناء الصهيونية رغم ترسانة القوانين العنصرية، وقانون القومية الذي صدر مؤخرا يقدم فرصة لا مثيل لها لمحاصرة الدولة الصهيونية وطردها من كافة المنظمات الدولية.

وقدم الباحث، في رؤيته بعض الدلالات المتعلقة بهذا القانون، أبرزها: أن فكرة نقاء الدولة التي تقوم عليها "يهودية الدولة" فكرة عنصرية لا يمكن أن تكون قائمة في دولة حديثة وديمقراطية. ولهذا لم يذكر القانون كلمة الديمقراطية لا من قريب أو بعيد، لأنه في واقع الأمر يزيل ورقة التوت التي كانت الصهيونية تتستر بها، وأقصد هنا ادعاء أن ما أقامته هي "دولة"، وأن هذه الدولة "نظامها السياسي ديمقراطي".

وزاد في هذه النقطة: الدولة المعاصرة هي دولة القانون التي يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات ، وضمن حدود جغرافية محددة، أما النظام الديمقراطي فيعني حكم القانون والمواطنة الكاملة والمساواة والمشاركة وحق تقرير المصير لجميع مواطني الدولة بلا تمييز.

ومن بين الدلالات التي ذكرها ماضي أيضًا، "أن القانون يعد  خطوة متقدمة على طريق إسرائيل الكبرى. فالقانون لا يشرعن الاستيطان في الأراضي المحتلة فقط، وإنما يمهد الأرض لمزيد من الاحتلال والاستيطان". وينص على أن "الدولة تكون مفتوحة أمام الهجرة اليهودية وجمع الشتات"، و"تعتبر الدولة تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته".

وأشار إلى، أن "هذه النصوص لا تعني الأراضي المحتلة عام 1967 فقط وإنما تمتد إلى خارجها، وتمهد الطريق للأراضي التي ستحتل في المستقبل، أرض إسرائيل الكبرى التي تعتبر فلسطين مجرد الانطلاقة الأولى نحوها، كما نظّر لهذا زعماء الحركة الصهيونية منذ هرتزل".

سيوفر أرضية قانونية لاحتمالات ضم الضفة

وافقه الرأي، الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، بالقول: إن القانون الجديد سيوفر أرضية قانونية لاحتمالات ضم الضفة الغربية من الناحية العملية بعيدًا عن مواقف محكمة العدل العليا، التي ترى، كما ترى نخب عديدة في الدولة العبرية، أن عملية الضم من شأنها أن تشكل "مخاطر ديمغرافية" على هوية الدولة العبرية بالنظر إلى تزايد عدد السكان والمواطنين الفلسطينيين.

وأضاف حبيب، في حديثه، من الملاحظ في هذا السياق أن الكنيست مرر قانونًا مشابهًا أو مساندًا قبل يومين من إقرار قانون القومية بادرت إليه وزيرة العدل اييليت شاكيد، يسحب من المحكمة العليا صلاحية النظر بالتماسات الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة عام 1967، وتخويل "المحكمة المركزية" في القدس صلاحية مناقشة القرارات الإدارية لسلطات الاحتلال في المناطق المحتلة في قضايا التخطيط والبناء وتقييد سفر مواطنيها الفلسطينيين، مما يعكس أحد أهم الملفات المتعلقة بضم الضفة الغربية من زاوية ملف القضاء، وبحيث يتحكم هذا القضاء في محكمة القدس، باعتبار الضفة جزءًا من "إسرائيل".

وعند صدور القانون، قال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن إقرار الكنيست، الخميس 19 يوليو، قانون "القومية" يعد تطبيقا لرؤية تيودور هرتزل، الذي ينظر إليه على أنه الأب الروحي فكرة "الصهيونية".

وقال نتنياهو بعد تصويت الكنيست على القانون: "هذه لحظة فارقة بتاريخ الصهيونية ودولة إسرائيل، بعد 122 عامًا من قيام هرتزل بنشر رؤيته، حددنا بالقانون مبدأ أساس وجودنا، إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي".

وأضاف في الكلمة التي ألقاها في الكنيست، بعد التصويت الذي شارك بنفسه فيه: " عندما أتحدث في العالم، أردد أن هذه دولتنا، دولة اليهود، في السنوات الأخيرة هناك من يحاول أن يشكك بذلك، وزعزعة أركان وجودنا، لذلك قمنا بسن هذا القانون الذي يضم النشيد الوطني الخاص بنا، لغتنا وعلمنا... عاشت دولة إسرائيل".

ويحمل القانون الذي تم التصويت عليه اليوم اسم "قانون أساس: إسرائيل–الدولة القومية للشعب اليهودي".

وثيودور هرتزل (1860-1904) وهو صحافي يهودي، ولد في المجر "وهو مؤسس المنظمة الصهيونية وشجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ويعتبر الأب الروحي للدولة اليهودية".

وبحسب العديد من المصادر التاريخية، رفض السلطان عبد الحميد الثاني عام 1901 عرض هرتزل أن يسدد ديون الدولة العثمانية مقابل مرسوم يسمح لليهود بالإقامة في فلسطين.

في حينها وجّه السلطان عبد الحميد الثاني رسالته الشهيرة إلى هرتزل: " انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حيّ، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون، إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".

 

اخبار ذات صلة