غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر تقرير: 'الترقيع' ينزع فرحة العام الدراسي الجديد بغزة

شمس نيوز/ توفيق المصري

يوم أمس اصطحب أبو معين الزين (34 عامًا) طفلته رهف في مشوار كما وعدها، فمر بها بسوق عمر المختار وسط مدينة غزة، وابنته تظن أن والدها قرر أخيرًا شراء حذاء جديد لها، لكن ما إن وصلا إلى محيط مسجد العمري الكبير في نهاية السوق، لمنطقة تقابل بضع محلات اشتهرت بتصليح الأحذية والحقائب المدرسية على مدى أعوام، بعضها بعضًا، حتى تداركت الطفلة المصير.

"رهف" ذات العشر سنوات والتي ترتاد اليوم الصف الثالث الابتدائي، أحاطت بعينيها الخضراوتين دائرة حمراء على عكس لون بشرتها البيضاء، كاتمة فيها دمعة حينما مدّ والدها يده في كيس احتوى حذائها الأبيض الذي اشتراه لها قبيل عيد الفطر الماضي ولبسته في عيد الأضحى قبل أيام؛ ليصلحه وتلبسه أيضًا للمدرسة هذا العام.

يقول أبو معين لمراسل "شمس نيوز" بعدما طلب من "أبو خالد" تصليح نعل حذاء رهف بوضع لاصق وخياطته ودفع شيكلاً: "قبل ثلاث سنوات كنت أشتري لها على عيد الفطر والأضحى وللمدرسة، أما هذا العام فتكفيها واحدة".

يضيف وابرة ماكينة أبو خالد بدأت باختراق النعل محاولاً إعادته إلى هيئته الأولى: "ما دفعني  للجوء لصيانة الأحذية، قلة الدخل والوضع السيء جدًا، لكوني أعمل محاسبًا في شركة خاصة، وبالكاد أعتاش بما أتقاضاه أنا وأسرتي المكونة من 6 أفراد".

"أبو معين" وبعدما طال لبس طفلته لحذائها، اضطر للتحايل عليها لكونها أكبر أطفاله وأكثرهم فهمًا؛ فإلى جانبها 4 آخرين يصغرنها، صلّح أحذيتهم، متخذًا إجراءً تقشفيًا نتيجة الأوضاع الصعبة التي يعيشها وكل أهالي قطاع غزة، حيث اكتفى بشراء المفقود، والموجود فقرر تصليحه، "وحقائبهم المدرسية التي صلحت مرات ومرات، لو لم تذب لأصلحتها ثانية"، كما يقول.

وفي محل يقابل الذي ارتاده والد الطفلة رهف، يقف أبٌ آخر حاملاً 4 حقائب مدرسية قديمة، لتصليحها بعد أن كان لا يقبل على أطفاله الذهاب للمدرسة بأدوات مستخدمة، لكنه اضطر هذا العام بعد أن توقف عمله في مهنة الزجاج وتردي وضعه الاجتماعي ومستواه الاقتصادي الذي كان يعتبره متوسطًا.

يوضح عيسى أبو النيل (30 عامًا)، أنه كان لا يقبل في كل عام دراسي إلا أن يفرح أطفاله بملابس وحقائب وأحذية جديدة، معتبرًا أن الأشياء الجديدة تفرحهم وتشجعهم على بدء العام الدراسي بتفاؤل، "وفي الوقت الحالي ما عدت قادرًا على الشراء لـ 3 سيذهبون للمدرسة ورابع إلى الروضة، شنطٍ بـ150 شيكل على أقل تقدير؛ فلا عمل وكل المهن تأثرت بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، ما دفعني لتصليح حقائب أطفالي القديمة بتكلفة لا تتعدى 10 شواكل"، وفق قوله.

موسم لم يوفر ثمن علاج

وبالعودة إلى "أبو خالد" الذي أحاك حذاء الطفلة رهف، فيرى أن هذا الموسم أتى عكس توقعاته، بأن سوق تصليح الأحذية والحقائب سيشهد انتعاشًا وإقبالاً كبيرًا من أهالي قطاع غزة، الذين يعانون من قلة الدخل والنقود، ويدخلون أوضاعًا ضاعفت من نسبة الفقر.

زرنا أبو خالد وهو جالس على باب محله الواقع إلى الشمال من بوابة مسجد العمري الغربية، غير الزبون الذي التقطه أثناء حديثنا معه، ويقول: "كنا نفتح من السابعة صباحًا ونظل نعمل حتى الثانية ليلاً في مواسم سابقة، لكن اليوم فلا حركة نشطة، والناس تخشى الخروج من بيوتها وأن تدفع نقودًا لا تستطيع إرجاع غيرها في هذه الأوضاع، ومنها ما ينتظر المؤسسات والتبرعات".

يضيف وغصة تسكن قلبه وهو يسرد قصة زوجته المصابة بالسرطان: "منذ 4 شهور وزوجتي لم تأخذ جرعة الكيماوي، ولا يوجد علاج لهؤلاء المرضى، وهذا الموسم الذي جاء مخيبًا للآمال، وقلة الدخل ستؤثر عليها".

يتابع: "أشتري جرعة علاج لزوجتي اسمها (زوميتا) بـ1200 شيكل كل شهر، والتي من المفترض استلامها عن طريق وزارة الصحة الفلسطينية، وأعطي الأولوية لزوجتي عن المأكل والمشرب وأولادي ولبسهم والأعياد، وأفر ثمن جرعة الكيماوي من دمي في ظل عدم الإقبال والأسواق فارغة".

ويرى الأربعيني أبو خالد الذي يعمل في هذه المهنة ومكانه منذ 35 عامًا، أن موسم العام الحالي هو الأسوأ على الإطلاق، ويوافقه الرأي جاره ياسين حبوب 26 عامًا الذي يمتهن ذات المهنة في التصليح وصناعة الحقائب المدرسية متوارثًا إياها عن آبائه وأجداده.

ويعتقد أن بعض العائلات لجأت هذا العام للتصليح على يدها من أجل توفير أجرة التصليح، كما يرى أن سوقهم يشهد ركودًا لانتظار الكثير من العوائل لمن يقدم لها مساعدات، منتظرًا على أمل أن يكون اليوم أفضل من أمس.

وتوجه  قرابة مليون و300 ألف طالب/ة، صباح اليوم الأربعاء، إلى مدارسهم في محافظات الوطن كافة، إيذانًا ببدء العام الدراسي الجديد 2018 - 2019، وفي تحدٍ لكافة الظروف التي تحيط بهم في ظل الحصار على غزّة وتقليصات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".

ويلتحق قرابة 830 ألف طالب في المدارس الحكومية، والبقية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، يبدؤون بذلك العام الدراسي الجديد، والذي أعلن وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم أنه يُسمى "عام التعليم في القدس".