شمس نيوز / عبدالله عبيد
" بالروح بالدم نفديك يا أقصى .. بالروح بالدم نفديك يا قدس".. شعار يردده الفلسطينيون منذ احتلال العدو الإسرائيلي لمدينة القدس والمسجد الأقصى عام 1967م، ليظهر كل تجليات الفداء التي قدمها وما زال يقدمها الشعب الفلسطيني لأقدس مقدساته وهو المسجد الأقصى، فمع تزايد عنصرية المستوطنين وأفعالهم الإجرامية بحق القدس والأقصى وإغلاقه في الآونة الأخيرة، ازداد ضغط المقدسيين وتولد لديهم انفجار بدأ بعمليات استشهادية ضد المستوطنين والجنود الإسرائيليين تجلت صورها مؤخرا في هجمات الدهس التي باتت تؤرق قادة الاحتلال.
ونفذ اثنان من أبناء القدس المحتلة عملية دهس جريئة بعد ظهر أمس الأربعاء 5/11/2014، استهدفت عدداً من جنود ومستوطني الاحتلال في حي الشيخ جراح في المدينة، أدت لمقتل اثنين من المستوطنين، واستشهاد أحد المنفذين ويدعى إبراهيم عكاري، فيما لم يعرف مصير الآخر.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، أصيب ثلاثة جنود إسرائيليين في عملية دهس وقعت بمدينة الخليل، ولاذ منفذها بالفرار.
وكان الأسير المحرر معتز حجازي نفذ عملية بطولية، مساء الأربعاء الماضي 29/10، استهدف من خلالها المتطرف "يهودا غليك"، مما أدى إلى استشهاده بعد اشتباك مع قوات خاصة إسرائيلية.
واستشهد الشاب عبد الرحمن الشلودي مساء الأربعاء قبل الماضي (22/10)، بعد اصطدامه بمجموعة من المستوطنين جراء فقدانه السيطرة على سيارته في حي الشيخ جراح بالقدس حيث أطلق حراس القطار الخفيف الرصاص عليه من مسافة قريبة.
أتوقع الشهادة
وتذهب الحاجة أم محمد الشويخي (50 عاما) من حي السلوان بمدينة القدس، كل يوم للصلاة في المسجد الأقصى، حيث أنها في الآونة الأخيرة ومع تزايد الاقتحامات الإسرائيلية تم منعها كما المئات من الفلسطينيات والفلسطينيين من الدخول إلى الأقصى والصلاة فيه.
"أم محمد"، والدة لثلاثة أسرى في سجون الاحتلال، وهي إحدى المرابطات داخل المسجد الأقصى، تقول لـ"شمس نيوز": كان لا بد من تنفيذ عمليات فدائية داخل المسجد الأقصى ضد هؤلاء المستوطنين، حتى يتلقنوا درساً لا ينسوه أبداً، فعملية معتز حجازي الأربعاء الماضي، وعملية إبراهيم العكاري أمس، جاءتا في الوقت المناسب".
وتضيف الحاجة الخمسينية: لا أحد يتحرك نحو القدس والأقصى، فالعالم العربي ما زال نائما، لذلك علينا أن نخلع شوكنا بأيدينا ونقاتل المستوطنين والمغتصبين"، منوهة إلى أن عمليتي حجازي والعكاري، أدخلت الخوف إلى قلوب قادة الاحتلال وحكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو، حسب قولها.
وبيّنت الشويخي أنها تدافع عن الأقصى من خلال الرباط والصلاة فيه والدعاء له، مستدركة بالقول: لكن أتمنى أن أفدي الأقصى بدمي، وكل يوم أخرج فيه للأقصى أنطق الشهادتين، لأنني أتوقع الشهادة في أي لحظة من اللحظات".
الشرارة الأولى
أبو رائد خضير، والد الشهيد الطفل محمد، الذي اختطفه مستوطنون ثالث أيام رمضان الماضي ، قبل أن يقوموا بقتله وحرقه، في حي شعفاط بمدينة القدس، أعرب عن اعتقاده أن استشهاد نجله محمد كان الشرارة الأولى لهبة المقدسيين في وجه المستوطنين.
واعتبر خضير خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أفعال المستوطنين العنصرية بمدينة القدس، والاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى، وإغلاقه لأول مرة هو ما جعل المواطن الفلسطيني يتحرك تجاه الأقصى والدفاع عنه، مضيفا: لذلك العمليات التي نفذت مؤخراً كانت نتيجة أفعال اليهود الحاقدة والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني خصوصاً في القدس والمقدسات".
وبيّن أنه كل أسبوع يقوم بزيارة المسجد الأقصى ويصلي فيه، ويرابط مع المرابطين، لافتاً إلى أنه تم منعه وغيره من دخول المسجد عدة مرات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الشهيد محمد أبو خضير قد قُتل بتاريخ (3/7) من العام الجاري، على يد مستوطنين بعد أن خطفوه من منطقة المحطة في شعفاط، ولم يتمكن أحد من نجدته واللحاق به، وقاموا باقتياده إلى مكان لحرقه وتعذيبه وقتله بالرصاص الحيّ وإلقائه بأحد الأحراش القريبة من القدس.
أثر إيجابي
من جهته، أكد الخبير المقدسي د. جمال عمرو، المتخصص بشؤون الاستيطان أن الفلسطينيين بدأوا بالانفعال لما يحدث بالمسجد الأقصى والقدس، مشدداً على أن هذا أثر إيجابي للاتجاه نحو الأقصى الذي يعتبر بوصلة الأمة.
وقال عمرو لـ"شمس نيوز": الشعب الفلسطيني يباد كل يوم، والقدس على وجه الخصوص تتعرض للتهويد والسرقة، من خلال الاقتحامات المتكررة وإغلاق أبواب الأقصى، وهذا كفيل بأن يقوم أفراد بالثأر من خلال عمليات ضد الإسرائيليين".
وأضاف: هذا مؤشر على أن الشعب الفلسطيني صاحب كرامة، ولا يدافع عن كرامته فحسب، بل عن كرامة الأمة كلها التي انتهكت وسحقت"، موضحاً أن عمليات الدهس جاءت في الوقت الصحيح، وأصبح المستوطنون وحكومة اليمين المتطرف حيارى أمام مثل هذه العمليات.
ولفت الخبير المقدسي إلى إمكانية تزايد العمليات الفردية بمدينة القدس، مردفاً بالقول: تاريخ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن كرامته مشهود له، وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، وبالتالي هذه العمليات تأتي في إطار الدفاع عن النفس المكفول في الشرائع السماوية والدولية".
تولد الانفجار
في السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن عمليات الدهس الأخيرة أتت في سياق "شدة الضغط تولد الانفجار".
وأوضح شلحت لـ"شمس نيوز" أن ما يجري في القد سيولد أكثر من انفجار، محملا المسئولية لحكومة الاحتلال التي تمضي في إجراءاتها التعسفية وتشدد حصارها وقمعها ضد الشعب الفلسطيني.
وأعرب عن اعتقاده أنه "إذا استمر هذا الحال، فستكون هناك عمليات كثيرة على غرار عملية العكاري والعمليات الماضية، مشيراً إلى أن مدينة القدس تخوض معركتها بشكل منفرد، "يعني الحراك في الضفة وغزة مازال في غير المستوى مطلوب"، بحسب تعبيره.
وبيّن شلحت أن جميع السيناريوهات مفتوحة على جميع الاحتمالات، "وما يجري في القدس غير منحصر في هذه العمليات، فهناك تظاهرات شعبية ونداءات للدفاع عن المقدسات والوقوف في وجه مخططات التهويد، وهذه التحركات لا تقل أهمية عن العمليات الفدائية، وهي توجه رسالة قوية بأن الشعب الفلسطيني غير وارد في حساباته أن يخضع أو يرفع الراية البيضاء".