شمس نيوز/تمام محسن
يمر المشهد السياسي في "إسرائيل" بمرحلة حساسة وحرجة، أعقبت خروج وزير الجيش أفيغدور ليبرمان من الحلبة وإعلان استقالته من وزارة الجيش، والدعوة إلى تبكير الانتخابات العامة.
واستقال ليبرمان الأربعاء الماضي، من منصبه، مؤكدًا أن حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يرأسه سينسحب معه من الائتلاف الحكومي. وعزا ليبرمان استقالته إلى "ما حصل من وقف لإطلاق نار مع كل عملية التسوية مع حماس هو خضوع للإرهاب ولا وصف لذلك سوى الخضوع للإرهاب".
ومن المتوقع، أن تقرر الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، موعدًا لإجراء انتخابات مبكرة، بعد انهيار محادثات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير التعليم اليميني نفتالي بينيت، الجمعة. وكان بينيت قد هدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم يُمنح حقيبة الجيش بعد استقالة ليبرمان، لكن نتنياهو رفض مطالب بينيت.
ومن المحتمل أن يتسبب انسحاب بينيت من الائتلاف في ترك نتنياهو دون الحصول على الحد الأدنى من 61 مقعدا اللازمة للحكم، مما يجعل الانتخابات لا مفر منها وإنهاء حكومة استمرت ما يقرب من 4 سنوات.
خيارات نتنياهو**
ويرى محللون، تحدثوا إلى "شمس نيوز"، أن المشهد في "إسرائيل" يشهد تصدعًا كبيرًا قد يؤدي إلى انهيار حكومة اليمين في وقت قريب والإعلان عن انتخابات مبكرة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، أحمد رفيق عوض، إن التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة أحدث "هزة سياسية" في الائتلاف الحكومي وهو ما حمل ليبرمان إلى الاستقالة.
وعقب وقف إطلاق النار شهدت مدينة "تل أبيب" المحتلة، مظاهرات احتجاجية للمستوطنين، ردد فيها المشاركون هتافات غاضبة من ليبرمان ونتنياهو.
فيما يرى المحلل السياسي، عمر جعارة، أن استقالة ليبرمان كانت لأسباب سياسية وشخصية، "إذ انه شعر بالعجز عن تنفيذ رغباته من خلال منصبه كوزير للجيش، وأن اقتراحاته غير مقبولة لدى المستويات العليا للجيش والمؤسسات الأمنية".
وأضاف، أن انسحاب ليبرمان "مناورة لكسب بعض الأصوات في الانتخابات المقبلة".
وسواء أكانت استقالة ليبرمان للأسباب أمنية بررها بوقف إطلاق النار مع غزة أو سياسية في محاولة إنقاذ فرصته وحزبه بتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات القادمة فلقد نجح في وضع نتنياهو أمام خيارات "صعبة" خصوصًا في ظل تهديدات بينيت.
ما هي خيارات نتنياهو؟
يوضح المحللون، أن خيارات نتنياهو المقبلة تنقسم بين سيناريو الانتخابات المبكرة، أو الانصياع لإنذار "البيت اليهودي" وتعيين بينيت وزيرًا للجيش، أو تشكيل حكومة بـ61 صوت لكنها "ستكون حكومة ضعيفة ومعرضة للابتزاز".
ويرى الكاتب عوض، أن "نتنياهو لا يرغب في حل حكومته. لكن كل من الوزراء أو المعارضة يرغب في حلها ويتحينون الفرصة للانقضاض على منصب رئيس الوزراء".
وأشار إلى، أن حكومة نتنياهو الحالية لم تعد قادرة على العمل معًا بسبب خلافات حول قضايا عدة: كالموازنة وقانون التجنيد بالإضافة إلى التوترات الأمنية مع غزة.
وفي حال قرر نتنياهو الذهاب لانتخابات مبكرة، فيجب على الحكومة اختيار موعد للانتخابات في غضون ثلاثة إلى 5 أشهر، بموجب القانون، ما يجعل من مارس/ آذار أو مايو/ أيار الوقت الأكثر ملاءمة للانتخابات. وسيكون من غير المرجح إجراؤها في أبريل/ نيسان بسبب الأعياد اليهودية خلال هذا الشهر.
بطاقة نتنياهو الرابحة**
على رغم من انخفاض شعبية نتنياهو أخيرًا إلى أنه، وفق المحللين، ما زال الخيار المفضل للجمهور الإسرائيلي. وكان أظهر استطلاع للرأي أن 74% من الإسرائيليين غير راضين عن أداء نتنياهو في التصعيد الأخير في غزة.
وقال جعارة: "صورة نتنياهو تضررت كثيرة بسبب موافقته على إطلاق النار بدون تصويت (المجلس الوزاري المصغر) الكابينت"، لكنه أشار إلى أنه لا يزال يحصد أعلى النسب في استطلاعات الرأي.
ولطالما طرح نتنياهو نفسه للجمهور الإسرائيلي كـ"سيد الأمن"، من خلال اللعب على فوبيا فُقدان الأمن المسكون في العقلية اليهودية، لكن ما لبثت أن تزعزعت هذه الصورة بفعل التوترات الأمنية في الجنوب منذ انطلاق مسيرات العودة في مارس الماضي، بالإضافة إلى التصعيد العسكري الأخير.
ويراهن نتنياهو، وفق المحللين، على ميراثه السياسي وإنجازاته على صعيد السياسة الخارجية، وخصوصًا الاختراق السياسي الذي أحدثه على الساحة العربية. إذ شهد العام 2018، تطورًا متسارعًا غير مسبوق في العلاقات بين "إسرائيل" والعديد من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، التي لا تربطها بـ"إسرائيل" معاهدة سلام والتي لطالما وضعت شروطًا للتطبيع.
وقال عوض: " نتنياهو يملك أوراق قوية للمنافسة لولاية رابعة، فليس هناك شخصية على الساحة الإسرائيلية يمكن أن تملأ. له إرث سياسي كبير وهو رجل متفق عليه بين جمهور اليمين".