شمس نيوز / عبدالله عبيد
أوضح خبراء في الشأن السياسي أن سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإبعاد سكان مدينة القدس المحتلة إلى غزة، يدل على الحالة الهستيرية التي يعيشها وحكومته، لعجزه عن ضبط الأوضاع في المدينة القدسة، مشددين على أن الهبة الجماهيرية في مدينة القدس المحتلة، سببت له الحرج في الأوساط الإسرائيلية.
وأكد الخبراء لـ"شمس نيوز" أن الهدف الإسرائيلي من سياسة الإبعاد هو تفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين، موضحين في الوقت ذاته أن القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف وميثاق روما يرفضون هذه السياسة ويعتبرونها جريمة حرب.
وكُشف النقاب، أمس الجمعة، عن أن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بتأييد من رئيس الشاباك، يورام كوهين، يسعى إلى إبعاد مقدسيين إلى قطاع غزة، وأن حكومته تبحث في هذه الأثناء في شرعنة خطوة كهذه بادعاء أن من شأنها أن تؤدي إلى ردع الفلسطينيين في الجزء الشرقي من القدس والقضاء على الهبة في المدينة المحتلة.
ووفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإنه خلال مداولات طارئة عقدها نتنياهو، مساء الأربعاء الماضي، ساد شعور لدى المشاركين فيها بأنه يجب الإقدام على تنفيذ "عملية أمنية جديدة وفعالة. واعتبر المجتمعون أن "ما لا ينجح بالقوة، سينجح باستخدام قوة أكبر"!
وأضافت الصحيفة أن رئيس الشاباك كوهين، يقود الخط المتشدد، وأنه "مقتنع بتعصب بقوة ردع العقوبات البيئية (الجماعية): فرض عقوبات بالسجن وغرامات على الأهالي الذين يضبط أولادهم بإلقاء الحجارة، هدم بيوت، إبعاد إلى غزة، جباية ضرائب بالقوة".
وأفادت "يديعوت" بأن قيادة الشرطة الإسرائيلية تؤيد موقف كوهين، كما أن رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، يؤيده.
تخبط إسرائيلي
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حمدالله عفانة، أكد أن قرار نتنياهو بإبعاد السكان المقدسيين إلى قطاع غزة، يدلل على تخبط الحكومة الإسرائيلية وعجزها عن ضبط الوضع في القدس الشريف.
وقال عفانة لـ"شمس نيوز": نتنياهو يريد فعل كل شيء، وهذا الأمر يدل على تخبطه، وخاصة أن حكومته في جفوة من الصراعات الداخلية، ومن الاتهامات المتبادلة حول عجز الحكومة الإسرائيلية في معالجة ما يجري بالقدس من مقاومة الشبان الفلسطينيين".
وأضاف: ليست المرة الأولى التي تقوم بها حكومة الاحتلال بإبعاد الفلسطينيين عن وطنهم وأرضهم، وهذه سياسة منذ بدايات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، مبيّناً أن هذه السياسة وهذا النهج لم يكن له جدوى ولم يحل المقاومة الفلسطينية في مدينة القدس.
وأشار إلى أنه كان هناك في الانتفاضة الأولى إبعاد على جنوب لبنان والثانية إبعاد من كنيسة المهد، مشدداً على أن هذه استراتيجية إسرائيلية تسعى حكومة نتنياهو لتطبيقها، لردع الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية وثنيها عن حماية القدس والمسجد الأقصى.
واستدرك الخبير بالشؤن الإسرائيلية بالقول: لكن هذه السياسة فاشلة ولن تنجح ولن توقف المقاومة الفلسطينية في مدينة القدس، لأن الشعب الفلسطيني على مر التاريخ والزمان يواصل مقاومته بلا استسلام"، حسب قوله.
حالة مسعورة
من جهته، رأى الخبير في القانون الدولي، د. حنا عيسى، والأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن نتنياهو يعيش في حالة مسعورة نتيجة الهبة الجماهيرية في مدينة القدس المحتلة، والتي سببت له حالة من الحرج في الأوساط الإسرائيلية، مبينّاً ان نتنياهو يعيش الآن حالة هسيتيرية نتيجة ما يحصل بالمسجد الأقصى.
وأشار عيسى في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن هناك العديد من القرارات التي خرج بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، "فهو يهدد بهدم بيوت عائلات الشهداء منفذي العمليات الفدائية في القدس، ومن ثم يريدد إقرار إبعاد المقدسيين"، وأضاف: القانون الإنساني والدولي وقوانين حقوق الإنسان تجرم إبعاد مواطن من أرضه إلى أي مكان آخر".
وتابع: اتفاقية جنيف الرابعة التي تكفل للمواطن حرية الحركة وضعت بالأساس لضبط تصرفات المحتل، وبما أن القدس محتلة، فعلى الاحتلال الإسرائيلي تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني، في حماية المواطنين وممتلكاتهم"، منوهاً إلى أن ما يقوم به نتنياهو هو استخدام القوة والعنجهية، التي يتطرف بها منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 67.
وشدد الخبير القانوني على أن الإبعاد سياسة ممنهجة لدى الاحتلال، هدفها الأساسي تفريغ الأرض من سكانها، والتطهير العرقي، وهو أساس من أسس الاستراتيجية الإسرائيلية لتهويد المدينة"، عادا سياسة الإبعاد جريمة من جرائم الحرب حسب الاتفاقيات الدولية.
ولم يستبعد عيسى أن يقوم الاحتلال بتنفيذ هذه السياسة لأنه لا يقيم وزناً لأحد، لا للقانون الدولي ولا للاتفاقيات الثنائية، موضحاً أن دولة الاحتلال تستغل الأحداث هنا وهناك، للانقضاض على الفلسطينيين.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشطاين، يعارض العقوبات الجماعية، لأنه ليس مقتنعا بأن فرض مثل هذه العقوبات على أقارب وجيران ستحدث ردعا، بل ربما يكون مفعولها عكسيا، "تصاعد كراهيتهم والبحث عن الثأر". لكن الصحيفة أشارت إلى أن فاينشطاين أيد خلال العدوان الأخير على غزة إبعاد قياديين من حركة حماس في الضفة الغربية إلى غزة.
وعقد في وزارة القضاء الإسرائيلية، مؤخرا، مداولات بمشاركة كبار خبراء في القانون الدولي من الوزارة والجيش، وتوصلوا إلى الاستنتاج بأن "الإبعاد غير ممكن"، لأن خطوة كهذه ستضع إسرائيل في قفص الاتهام بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
على إثر ذلك، استدعى فاينشطاين البروفيسور يورام دينشطاين، وهو خبير في القانون الدولي ويحمل آراء يمينية. وبعد أن استعرض فاينشطاين الموضوع أمامه، رد دينشطاين: عليك ألا تفكر حتى في خطوة الإبعاد".
وطلب نتنياهو من فاينشطاين ردا حول ما إذا كان يصادق على إبعاد مقدسيين إلى غزة. وأجاب الأخير: "لا تضغط عليّ. وإذا ألزمتني بردٍ، فإن الجواب سيكون سلبيا".
وقالت الصحيفة إنه خلال المداولات التي أجراها نتنياهو أول من أمس، طرح الموضوع مجددا، وقال فاينشطاين: إن الموضوع معقد وشائك"، وسأله نتنياهو: "ما زلت تفكر في الموضوع إذاً؟"، فأجاب فاينشطاين: "نعم".