شمس نيوز/ وكالات
أبرز مقال نُشر في موقع "ميدل إيست آي"، أوجه شبه بين قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي للمتظاهرين الفلسطينيين عند السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزّة، وبين القمع الذي مارسته القوات الأميركية بحق المهاجرين غير الشرعيين من أميركا الوسطى يوم الأحد الماضي، على مستوى الخطاب السياسي اليميني في الحالتين.
ولفت الصحافي البريطاني، أوسكار ريكيت في مقال الذي نشره بعنوان "اليمين الأميركي يحظى بغّزة خاصة به على الحدود مع المكسيك"، وترجمه موقع "عرب 48"، إلى واقعة إلقاء الجيش الأميركي لقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المهاجرين المتظاهرين على الحدود الجنوبية، التي سبقها بعدّة أيام، تبرئة شرطي أميركي من حرس الحدود، قتل مراهقا مكسيكيًا مهاجرًا على الحدود عام 2012.
وأشار ريكيت إلى أن أي شخص مُطلع على الطريقة التي تتعامل بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في ظل الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، مع المتظاهرين الفلسطينيين السلميين في إطار مسيرات العودة وكسر الحصار، سوف يجدها متشابهة مع تعامل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع قمع المهاجرين على الحدود.
وشدد ريكيت بشكل خاص على تذرع الجيش الأميركي، باستخدام آلية القمع كـ"نتيجة" لإلقاء المهاجرين للحجارة باتجهاهم وتحصنهم بالأطفال، وهي ادعاءات لا دليل لها، بل إن الفيديوهات تُظهر أن المهاجرين ألقوا الحجارة فقط بعد أن قوبل احتجاجهم بالقنابل المسيلة للدموع.
وفي كلتا الحالتين، زعم أولئك المسؤولون عن العنف، بأنهم كانوا الضحايا، فقد أدرج ريكيت عدّة تصريحات لسياسيين يمينيين ومسؤولين أمنيين أميركيين، ادعوا من خلالها أن المهاجرين هم الذين بادروا بالهجوم على الجنود وحرس الحدود، وهو ما يتشابه بدرجة كبيرة مع ادعاءات المسؤلين الإسرائيليين بشأن قتل المتظاهرين السلميين واستهدافهم في قطاع غزّة، منذ انطلاق مسيرات العودة نهاية آذار/ مارس الماضي.
وصرح ترامب في عدّة مواقف، من خلال وسائل إعلامية أو على صفحته الرسمية بموقع "تويتر"، بأن المهاجرين من أميركا الوسطى القادمين إلى الولايات المتحدة، هم مجموعة من المجرمين الذين جلبوا معهم "أطفالا ليسوا أطفالهم" من أجل تحسين إمكانياتهم في قبول طلبات لجوئهم.
وقال ريكيت إن اتخاذ دور الضحية هذا، كأنه منقول عن الممارسات الإسرائيلية على نحو مطابق، فبالنسبة لليمين الأميركي وعلى رأسهم ترامب، فإن هؤلاء "ليسوا أشخاصًا يائسين، تجمعوا أمام سور مهيب للمطالبة بمعاملتهم بشيء من الإنسانية، وإنما رماة حجارة يستخدمون أطفالهم كدروع بشرية ومستعدون للقتال".
وبالتالي، "فلم يكن أفراد الأجهزة الأمنية المتواجدين على الحدود، جنودا تقف من خلفهم مؤسسة عسكرية ضخمة وبالغة الثراء والقوة، أطلقوا النار على أشخاص عزل، بل كانوا وطنيين معرضين للخطر، يسعون إلى دعم سيادة القانون وحماية حرية أمتهم واستقلالها".
وأشار ريكيت إلى أن هذه المبالغة "الهستيرية" في عرض الضرر وإنكار إنسانية الضحايا الحقيقين في الحالتين (غزّة والحدود مع المكسيك)، هي أداة يستخدمها القوي (القامع).
وتناول ريكيت الصلة السياسية بين الضحايا في الحالتين، فالمهاجرين من أميركا الوسطى بشكل عام، يهربون من العنف والفقر (كما في الشرق الأوسط)، بسبب ارتباط هذه الآفات بشكل مباشر برغبات الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية في المنطقة منذ سنوات طويلة، فهؤلاء الأشخاص لا يغادرون بلادهم لأنها دُمرت بأيديهم، بل بسبب التوسع الأميركي وتاريخه الطويل في الممارسات الاستعمارية والرأسمالية النيوليبرالية، تماما مثلما أدت "الخيانة التاريخية التي قام بها البريطانيون وما تبعها من سلطات استعمارية متسلطة على إرادة الشعب الفلسطيني"، إلى الوضع القائم عند السياج الحدودي الفاصل مع غزة.
وفي الحالتين الأميركية والإسرائيلية، فبالنسبة لترامب ونتنياهو ومؤيديهم، فإنه لا قيمة للسياق التاريخي والحالي الذي يُحيط بمهاجري أميركا الوسطى والفلسطينيين في قطاع غزّة المحاصر، والأنكى من ذلك، فإن هؤلاء يرفضون هذا السياق بشدّة ويحاولون تسويق واقعًا مختلفًا (غير حقيقي)، يتلخص بأن "الأجانب" الذين يحتشدون على الحدود، يريدون ممارسة العنف للإضرار بـ"الأمن والازدهار اللذين يتمتع فيهما الإسرائيليون والأميركيون".
وفي مفارقة أخرى وُمظلمة، لفت ريكيت إلى أن شركة عسكرية إسرائيلية تعاقدت مع الولايات المتحدة لتوفير تكنولوجيا لمراقبة حدودها مع المكسيك، وهي ذات الشركة التي تشغل هذه الأنظمة على الحدود مع غزّة.
وأشار كريكيت أيضا، إلى أن القوّة الليبرالية التي يُفترض أنها مناوئة لليمين في الدول الغربية، والمتمثلة بالديمقراطيين في الولايات المتحدة، تُمارس انتقائية في التعاطف الإنساني مع الضحايا، موضحا أن ذلك يُغذي اللامبالة الجماعية تجاه أشكال العنف التي تمارسها الأنظمة كل يوم، سواء في فصل المهاجرين عن أطفالهم في الولايات المتحدة أو الموت البطيء للفلسطينيين في غزّة بسبب الحصار.
وخلص كريكيت إلى القول إنه سوف يستمر حرمان الناس اليائسين من إنسانيتهم. كما في حالة المهاجرين على الحدود الأميركية المكسيكية، والفلسطينيين في غزة، وسوف يستمر الخطر غير الحقيقي الذي يشكلونه على الحكومتين اللتين تهاجمهم، بإحداث أزمات، فيما يحظى اليمين الأميركي بغزّة خاصة به.
المقال نقلاً عن موقع عرب 48