شمس نيوز/ توفيق المصري
قبل عدة أشهر، طُرد كامل أبو شباب (57 عامًا) من شقة سكنية كان يقطنها، لعدم قدرته على إيفاء الإيجار، فوجد نفسه وأسرته المكونة من عشرة أشخاص مكدسين داخل غرفة من الصفيح والخشب.
ويحاول أبو شباب يوميًا تدفئة "بيته الصغير" الذي بناه على قارعة طريق بالقرب من أبراج الندى شمال قطاع غزة، بإشعال جذوع الأشجار.
أبو شباب وأكثر من نحو 300 عائلة ممن دمرت منازلهم كليًا إبان العدوان الإسرائيلي صيف 2014، بدأوا ما وصفوها ب"نزوح داخلي" بعد أن طردوا من المنازل المؤجرة، فيما لجأ نحو 100 عائلة منهم إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وذلك بعد تخلف المنظمة الدولية عن صرف مخصصات الايجار منذ عدة شهر.
يقول أبو شباب لـ"شمس نيوز" ولم يتمالك نفسه: "استشهد ابني خلال الحرب الأخيرة على غزة، ودمر بيتي، وزوجتي مريضة كلى ولا يوجد لنا أي مصدر دخل، ونحن نعيش الأن في الشارع كلجوء وتشريد الحرب الأخيرة".
عائلة رزق سحويل ( 42 عامًا) أيضًا وجدت نفسها في الشارع تواجه برد ديسمبر بعد أن تراكمت مستحقات الايجار عليهم.
يستعيد سحويل الذي لجأ مع عائلته إلى غرفة من الشوادر والصفيح أقامها قرب منزله المدمر في بيت حانون، أحوالهم في الحرب الأخيرة على غزة، بل أصعب، حيث اضطروا للمكوث بمدارس "الأونروا". "لكن الفارق أننا مشردين اليوم في الشوارع ولا حدا حاسس".
ويقول لـ"شمس نيوز"، "8 أفراد طردوا من الشقة لأن صاحبها لم يستطع تحملنا دون دفع الإيجار للشهر السادس، فخرجت إلى الشارع فلم أجد أحدًا يؤويني ويحتضني أنا وأسرتي في هذا الجو البارد، ووجدت نفسي مكرهًا على بناء غرفة من الشوادر وألواح الصفيح".
يتابع والمشهد يصف نفسه بتكدسهم داخل غرفة ينامون داخلها متلاصقين: "تعرف "الأونروا" أنني أعيش الأن أنا وعائلتي بفعل عدم صرف مخصصات الإيجارات في الشارع.. ففكروا كيف وضعنا وكيف يعيش هذا العدد في غرفة صغيرة من الصفيح والبلاستيك".
موجة نزوح داخلي**
وتوافد عشرات من أصحاب البيوت المهدمة مع عائلاتهما إلى مدرسة "حفصة" التابعة للأنروا في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، برغم محاولات الشرطة منعهم من الوصول إلى المدرسة. لكنهم خرجوا بعد ساعات.
وقال المتحدث باسم المدمرة بيوتهم، محمد أبو شباب، إن الخطوة تلك بمثابة "جرس انذار" لإدارة الأونروا ومهلة لتسوية أوضاعهم قبل الوصول لـ"خطوة اليأس" باللجوء للإقامة الدائمة بمدارسها الأسبوع المقبل.
وأوضح أبو شباب خلال اتصال مع "شمس نيوز"، أن إدارة الأونروا توقفت عن صرف مخصصات بدل الإيجار للشهر السادس على التوالي وبدون ذرائع ومقدمات عن 1612 أسرة من أصحاب المنازل المدمرة كليًا، معتبرًا أن كل الحجج والذرائع المتعلقة بالأزمة المالية انتهت.
ولفت إلى، أنه سيتم اتخاذ خطوات تصعيدية ضد قرارات "الأونروا" التي وصفها بأنها "مدمرة" لهذه العوائل التي تعاني في ظل الأجواء الباردة بفعل إلقائهم في الشارع.
وأردف، أن "أصحاب المنازل المدمرة خرجوا من المدارس وسيعودون إليها، وهم لاجئين لا مكان لهم ومدارس الأونروا هي المكان الآمن لهم، ونحن سندخل آسفين ونعلم أن عمليات تجري لإجراء امتحانات نهاية الفصل، ومضطرين مهما كلفنا من ثمن".
وعن تداعيات عدم تلقي الأسر المهدمة منازلها لمخصصات الإيجار، قال المتحدث: "إن الوضع الإنساني سيء للغاية فهناك موجة نزوح داخلية بين أوساطها، ترجع لطرد أصحاب الشقق مع تراكم الإيجارات وكتب عليهم كمبيالات، مما اضطرها للجوء إلى أحد أقربائها، وبذلك أصبحت عائلة أو عائلتين تسكن في شقة واحدة، وبعض الأسر لجأت إلى إقامة بيوت من البلاستيك والصفيح والخيام من أجل الإقامة لأنها طردت من منازلها".
واعتبر أبو شباب، أن إدارة الأونروا بفعل قطعها لبدل الايجارات دفعت 300 عائلة إلى حركة "النزوح الداخلية" من كل مناطق قطاع غزة.
وقال: "الأن نحن نعيش أجواء الحرب التي كانت عام 2014.. عائلات مكتظة في منزل ومدارس، بما يؤثر نفسيا على أطفال هذه العائلة".
وأضاف: "نحن أمام مأساة اجتماعية وكارثية خاصة ونحن نعيش فترة امتحانات على أطفال الأسر، وبين هؤلاء الأسر المهدمة منازلها ما بين 3 إلى 4 آلاف طفل يتجرعون مرارة حركة النزوح الداخلية والسكن في الخيام والبيوت البلاستيكية والصفيح".
الأموال نفذت**
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، سامي مشعشع، إن لجوء أصحاب البيوت المدمرة إلى مدارس الأونروا سيعرقل العملية التعليمية، مشيرًا بالقول: "نحن بشق الأنفس افتتحنا العام الدراسي، ولا نريد أي إجراء قد يعرقل هذه العملية التعليمية".
وأضاف في تصريح خاص لـ"شمس نيوز"، أنه "بعد إتمام الإجراءات المتعلقة بــ1000 موظف يعملون على ميزانية الطوارئ وبعد التقليص في مستوى الخدمات المقدمة، نفذت الأموال، فالأموال المرصودة للاستمرار في توزيع المواد الغذائية لمليون إنسان يحتاج لهذه المساعدات لأنها منقذة لحياته كل 3 أشهر".
ولفت مشعشع إلى، أن هذا الهدف الأساسي من الميزانيات المتبقية لميزانية الطوارئ، مضيفًا "وبالتالي لا نستطيع الاستمرار في دفع بدل الإيجارات لأن الأموال نفذت وبالكامل".
وأكد مشعشع على، أنه إذا تحسن الوضع المالي للوكالة " سيعاد النظر" في ملف الإيجارات للأسر المهدمة منازلها كليًا، منوهًا أن الأونروا أحدثت "تقدمًا ملموسًا" في الإعمار حيث تمكنت من إعادة بناء عشرات ألوف البيوت التي تضررت كاملاً أو جزئيًا.