شمس نيوز/ تمام محسن
تصوير/ حسن الجدي
يقول الفيلسوف المؤلف البريطاني ولتر ستيس "قد يحدث أحيانًا عند سماع الانسان للموسيقي أن يشعر بأنه قد وصل إلى حد الفرار من قضبان سجن الوجود، وكأنما هو قد تحرر من الكون بأسره" .. حسنًا ماذا عن قطاع غزة!
في الجيب المحاصر منذ أكثر من 11 عامًا قليلًا ما يجد فيه المواطنون متسعًا من الوقت لرفاهية الموسيقى، أو هكذا يعتقد الكثيرون، لذلك يسعى معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى لشغل الفراغ الفني في القطاع، وتنمية الكفاءات الموسيقية لدى الأطفال دون سن السادسة عشر، وهو واحد من خمسة فروع في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
تأسس فرع المعهد بقطاع غزة عام 2008، وانطلق بعشرة طلاب، لكنه تطور في غضون سنوات ليصبح عدد المنتسبين حوالي 150 طالبًا، ولعل ذلك يعكس تنامي الاهتمام بالموسيقى في قطاع غزة ودورها في صراعه اليومي ضد الحصار والاحتلال.
ويقول إسماعيل داوود، مدير إدوارد سعيد فرع غزة، إن المعهد تأسس مشروع بإشراف مؤسسة عبد المحسن القطان تحت مسمى "مدرسة غزة للموسيقى"، وبعد نجاح الفكرة انضوت المدرسة تحت معهد إدوارد سعيد كونه الجهة الأكاديمية الوحيدة المختصة بالموسيقي في فلسطين.
يشرف على تدريس الطلاب في المعهد مدرسون أجانب مقيمين في القطاع بالإضافة إلى أساتذة محليين، يتعلم فيه الطلبة العزف على الآلات الشرقية والغربية.
ويقول داوود، إن الموسيقى لم تعد شيئًا ثانويًا، وأن الجمهور الغزي بدأ يعي تدريجيًا دور الموسيقى في مخاطبة العالم والتعبير عن معاناته اليومية، مضيفًا "الموسيقى رسالة حب وسلام ورسالة تضامن واستقرار وجود لا للعداء والتفرقة، رسالة سماوية إنسانية".
يقدم المعهد برامج تعليمية تمتد إلى 9 سنوات دراسية، تدمج بين الموسيقي الغربية والشرقية، يتعرف فيها الطالب على جميع أنواع الآلات بالإضافة إلى مساقات دراسية حول نظريات وتاريخ الموسيقي وغيرها، ثم وبمساعدة المشرفين يختار الطالب آلة موسيقية واحدة تناسب مهاراته.
لكنه يشير في الوقت ذاته إلى، أن غالبية الطلبة المسجلين لدى المعهد ينتمون للأسر ذات الدخل المرتفع نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، لكنه يؤكد أن المعهد يقدم منحًا للطلاب الموهوبين غير القادرين لاستكمال دراستهم.
وفي سعيه لملء الفراغ في الحالة الفنية في الأراضي الفلسطينية، ينظم كل فرع للمعهد الوطني مهرجان سنوي خاص به يحمل طابعه، وفي غزة ابنة البحر والتواقة للحرية يسمي مهرجانها السنوي "مهرجان البحر والحرية".
ويقول داوود "نخلق من خلال المهرجان نشاط فني موسمي لدى أهل غزة، بالإضافة إلى تقديم الفنانين المحليين للجمهور لغزي"، هذا بالإضافة إلى مهرجانات ومسابقات فنية أخرى ينظمها أو يشارك فيها المعهد طوال العام.
ويضيف، "معهد إدوارد يؤكد من خلال أطفاله أننا نتوق للحرية والعيش الرغد والمستقل.. لا نحب الحروب والعنف كبقية أطفال العالم".
أسيل سابا (14 عامًا) تدرس في المعهد منذ نحو ست سنوات، وتقول إن تعلم الموسيقى أمر "مهم وجميل" في الوقت ذاته.
اختارت سابا العزف على الناي وعلى الرغم من أن هذه الآلة ارتبطت تقليديًا بالحزن، لكنها تقول إنها تشعر بالراحة عند العزف بالناي.
وتضيف سابا التي تشارك العزف مع عائلتها، أن "الموسيقى شيء جميل .. وكل شيء متعلق بالموسيقى جميل".