غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بقلم: رونين بيرغمان

خبر قبل أن نصبح مجاذي

يديعوت – مقال افتتاحي – 17/4/2014

بقلم: رونين بيرغمان

تُعد قيادة الجبهة الداخلية نفسها للحرب القادمة بسلسلة وسائل إحداها التحذير بالهواتف الخلوية من سقوط صواريخ. وبين فينة وأخرى في السنة الأخيرة، وفي الرحلات إلى الخارج خاصة، يُبعث هذا النظام حيا ويرسل إلى هاتفي الخلوي مجموعة من الأرقام الغريبة، وقد وجدني هذه المرة في استراليا التي ربما تكون الدولة الأكثر سكينة في العالم التي ليس من المعقول أن يحدث فيها سقوط صواريخ. بيد أنه فيما يتعلق بإسرائيل يمكن أن نلاحظ في جنة عدن هذه في الأشهر الأخيرة حالة تحذير حقيقي واضح.

كانت استراليا دائما واحدة من أكثر الدول وداً في العالم لإسرائيل بفضل التأليف بين البعد الجغرافي وجماعة ضغط يهودية عظيمة القوة وعقلية مستقلة برائحة بريطانية لكن دون تأثير جماعة الضغط العربية. وبدأ شيء ينكسر حتى هنا.

في 10 شباط أذيع في قناة "إي.بي.سي" المحلية تقرير "عدل بارد كالحجر" عُرف بأنه "تحقيق خاص"، ووصف تنكيلا منهجيا من جهاز الأمن الإسرائيلي بأولاد صغار: اعتقالات جماعية لأولاد دون سن العاشرة تحت جنح الظلام، واستعمال كلاب صيد، وتعذيبات جسمية ونفسية فظيعة تشمل ضربات كهربائية وغير ذلك. والحديث عن وثيقة تلفزيونية مقنعة جدا يبدو أنها تعتمد على شهادات ميدانية ويقويها إسرائيليون منهم أعضاء "نكسر الصمت" ومحامون يمثلون معتقلين فلسطينيين. وتُتمم خطبة دانييلا فايس خلاصة "التحقيق" – وهي أن إسرائيل لا تستعمل فقط وسائل عنيفة على الفلسطينيين بل تستعمل طرق قمع لأولاد بغرض طرد السكان الفلسطينيين من المناطق. ونشرت أصول التقرير بصورة موازية في الصحيفة الواسعة الانتشار "الاسترالي".

الحديث في واقع الأمر عن تقرير كاذب فظيع يتصل في أعماقه بشهوة اليهود لدم الأولاد مما كان موجودا في معاداة السامية في العصور الوسطى. يوجد الكثير مما تتهم به إسرائيل فيما يتعلق باحتلال المناطق لكن حتى نحن غير متفرغين لكل نقل. بيد أن التقرير المنشور أثار عاصفة كبيرة لم تهدأ منذ ذلك الحين ونشرت في الأسبوع الماضي مذكرات بوب كارل وزير الخارجية الاسترالي السابق التي زادت الوقود على الموقد أيضا. فقد وصف كارل السياسة الاسترالية الخارجية فيما يتعلق بإسرائيل بأنها "مخجلة"، و"ليكودية"، و"مثل جزر المارشال" تخضع لتأثير حاسم بأمر تقريبا من جماعة الضغط اليهودية المحلية الثرية.

وأصيبت الطائفة اليهودية في استراليا بصدمة. وأخذت وسيلتا إعلام مركزيتان وقفتا إلى جانب إسرائيل في أحلك ساعات الانتفاضة أيضا، تنشران اتهاما شديدا جدا يتعلق بالأولاد الفلسطينيين، وكل جهود رؤساء الطائفة لمنع النشر ذهبت أدراج الرياح. ويمكن أن نتحدث أيضا عن الرد المتلعثم غير الحازم بقدر كاف للجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية اللذين لم يستطيعا أدراك كبر الضرر. لكن ليس هذا هو الدرس المركزي. إن الدرس المهم هو أنه حتى في أماكن مناصرة جدا أخذ الأمر كله يصبح ضدنا. وليست المشكلة في التسويق بل في المنتوج وهو الاحتلال. فما عاد يمكن بيع العالم هذا المنتوج بعد الآن. وحينما يكون الحديث عن منتوج فاسد من البداية تحدث ظاهرتان مصاحبتان شديدتان أخريان وهما أن كل منتوج يأتي من ذلك المنتج، أعني إسرائيل، ينسب فورا إلى نفس المصنع الإشكالي ويمكن أن تلصق بالمنتوج الفاسد أيضا أمور لم توجد ولم تكن مثل التحقيق مع الأولاد.

إن هاتين الحادثتين في استراليا يجب أن تكونا مثالا لعدم التسامح مع الاحتلال، وتوجه المجتمع الدولي نحو إسرائيل يُذكر بقدر كبير بمعاملة نظام حكم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقد انهار هذا النظام في 1992 بعد أن أصبح مجذوما ومنبوذا، لكن كان يمكن أن نلاحظ في منتصف ثمانينيات القرن الماضي إشارات واضحة إلى أن العالم قد ضاق ذرعا ببساطة بالاستبداد العنصري للأقلية البيضاء. ووجد آنذاك غير قليل من الخبراء والصحفيين والساسة الذين تنبأوا بأن نظام الفصل العنصري سينتهي إلى الانهيار، لكن رؤساء دولتين زعموا خلاف ذلك وهما جنوب أفريقيا وحليفتها إسرائيل.

يحسن أن نقرأ الإشارات هذه المرة قراءة أفضل قبل أن نصبح نحن أيضا مجاذيم.