شمس نيوز/ توفيق المصري

تصوير/ حسن الجدي

عند الثالثة عصرًا، أذِنَ وصول التيار الكهربائي للحاج حمدي حسونة أبو مجدي (55 عامًا)، بالنزول نحو عبق الحضارة والتاريخ، بين جدران "مخرطته" الواقعة أسفل منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ليمارس مهنة ورثها عن آبائه وأجداده.

يعمل أبو مجدي في مجال صناعة الزخارف الإسلامية واستنساخ مقتنيات الفراعنة، التي يأمل إقبال جمهور غزة عليها، بعدما أضحى عمله مقتصرًا على خراطة الطاولات ودربزينات الدرج ومحراب وزخارف مساجد، صنع لأحدثها في قطاع غزة أعمالاً رائعة ومميزة.

يمسك أبو مجدي بأداة حفر "إزميل" صنعها بنفسه لينتج من قطعة خشبية جلبها إليه أحد الزبائن، بعد أن استدل على فنان بإمكانه تحويل أخشاب "الماجوني" إلى تحفة فنية تميل إلى الطراز الإسلامي، ليبدأ أبو مجدي وبكل شغف وحب تشكيل هذا اللوح الخشبي ، باستخدام آلة كهربائية بجانب الأدوات اليدوية، مشتكيًا لمراسل "شمس نيوز" عن أزمة الكهرباء التي تعيق عمله.

بعد نحو ساعة من الزمن حتى ظهرت ملامح القطعة "مزهرية" التي كان يعمل بها، وأصبحت كأنها لوحة فنية من شجر عين الجمل.

ويقول أبو مجدي لمراسل "ِشمس نيوز" بعد أن اتجه لينفض الغبار عن قطع استنسخها طال ركنها في أحد زوايا محله، إنه يعمل على دمج هذا الطراز الإسلامي والفرعوني في ما يطلب منه من قبل الجهور.

مِعسلة ومزهريات وأوعية وديكورات غالبتها استخدمها الفراعنة قديمًا وصنعوها من الأخشاب، كلها مستنسخة وإلى جانبها زخارف إسلامية صنعها أبو مجدي جميعًا بيده، ليقول عبرها أن بإمكانه صنع الزخارف الإسلامية والأرابيسك الذي يتم جلبه من مصر بدقة وجودة عالية.

ويعزو قلة إقبال الجمهور الغزي على اقتناء أو استخدام مصنوعاته، لتردي الأوضاع الاقتصادية ونظرًا لارتفاع تكلفة هذه القطع لكونها تحتاج جهدًا ووقتًا كبيرين بالعمل وتتميز بالجودة والحرفية العاليتين، حيث يتراوح سعر الوعاء الفرعوني الصغير نحو 20 شيقلاً، ومزهرية كالتي صنعها الفراعنة قديمًا من الأخشاب 500 شيقلاً، أما سعر هون القهوة الذي أنتجه على الطراز الإسلامي "البدوي" 500 شيقلاً.

يجتهد أبو مجدي لإنتاج عينات جديدة مختلفة عما يعهدها أهالي قطاع غزة بل والعالم أجمع؛ إلا أن السوق الخارجي مليء بمثل هذه المصنوعات لكنها لا تتميز بالحرفية التي تتميز بها القطع التي ينتجها أبو مجدي، كما أن عمله بات يقتصر على سكان غزة فقط و حسب الطلب، دون إمكانية تصدير الزخارف التي يصنعها، كما يذكر.

الحاج حسونة الذي تعود أصوله لمدينة بئر السبع المحتلة، يوضح أنه مالك أقدم مخرطة للأخشاب، وانه الأقدم من بين الصانعين للزخارف الإسلامية والأدوات الفرعونية في الوقت الحالي، بعد أن ورث المهنة عن جده ووالده وطور عليها من يدوي إلى ماكينات ثم إلى اتوماتيك.

أما أدوات أبو مجدي التي لا تنتج القطع دون حرفيته في صناعتها عبر ماكينة يدوية ومخرطة هايدروليك وماكينة نسخ نصف اتوماتيك إلى جانب أدوات عادية كالمنشار والرابوخ والفارة، يحتفظ إلى جانبهم بفريزة ومنشار اشتراهم والده عام 1970، ومخرطة فصلها والده للعمل عليها يدويًا في العام 1965.