غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

عن السلام الاقتصادي وصفقة القرن

السلام

بقلم: سامر سلامة

أعلن مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير أن صفقة القرن ستعلن في غضون الأشهر الثلاثة القادمة بالرغم من أن مسؤولي الإدارة الأميركية قد أعلنوا في مرات سابقة أن الصفقة ستعلن قريباً.

ومنذ أكثر من عام وحتى الآن تم الإعلان عدة مرات عن نية الإدارة الأميركية إطلاق الصفقة إلا أنهم يجدون ما يكفي من المبررات لتأجيلها.

وبعيداً عن جدية الإدارة الأميركية أو بمعنى آخر قدرتها على الإعلان عن تلك الصفقة، التي يرفضها كافة الأطراف بما فيها الطرف الإسرائيلي الذي لا يزال يتستر وراء الرفض الفلسطيني في محاولة خبيثة لعدم مواجهة الرئيس ترامب الذي يقدم الدعم اللامحدود لإسرائيل، فإنه يبدو أن الصفقة تأخذ طابعا أو بعدا اقتصاديا أكبر بكثير من البعد السياسي.

فالمتتبع لتصريحات المسؤولين الأميركيين وخاصة عرابي صفقة القرن يستطيع أن يستنتج وبشكل واضح أن الصفقة تركز على السلام الاقتصادي بشكل كبير جداً وإن لم يكن بشكل كامل.

وإن المؤشر الأكبر على هذا البعد هو الرئيس الأميركي نفسه ذو الخبرة الطويلة في عالم المال والأعمال التي انعكست بشكل واضح وكبير على معظم سياساته الخارجية.

فترامب بدأ الحرب الاقتصادية على الجميع وفي كل الاتجاهات، بدأ مع جارته الأقرب كندا مروراً بحلفائه الأوروبيين وصولاً إلى حلفائه الخليجيين ناشراً حربه الاقتصادية الهوجاء لتصل إلى الصين وروسيا واليابان.

كل ذلك مؤشر واضح على أن عقلية الرئيس الأميركي منحصرة في الاقتصاد وجمع الأموال بصفته رجل أعمال ناجحا متناسيا نفسه كرئيس لأكبر دولة في العالم.

كل ذلك أثر بشكل كامل على عقول أعضاء إدارته التي تلقفها داعمو إسرائيل لتبني هذه السياسات الاقتصادية في صياغة ما تسمى صفقة القرن متماهين مع تطلعات نتنياهو وحكومته المتطرفة.

وتأكيداً على ما سبق فإننا إذا تابعنا تصريحات وتغريدات وكتابات مساعد الرئيس الأميركي والممثل الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات فإننا نلاحظ بشكل كامل أن عراب الصفقة لا يتحدث عن حلول سياسية وإنما عن إنعاش حياة الفلسطينيين وتمكينهم اقتصاديا وفتح أسواق إسرائيل أمامهم.

ولا تتوقف وعودات غرينبلات على ذلك وإنما يتعداها بتمكين الشباب الفلسطينيين من استغلال إمكاناتهم الكامنة وتطويرها ونقلها إلى العالمية في محاولة لإغراء الشباب للانخراط في مخططاتهم الاقتصادية المشبوهة على حساب الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.

كما أن الرئيس الأميركي نفسه وفي إطار وصفه لأهمية الصفقة فإنه يستعرض المنافع الاقتصادية للصفقة في محاولة لإغراء الفلسطينيين للانخراط فيها.

وما سياسة المقاطعة التي أعلنها الرئيس ترامب ضد السلطة الفلسطينية وقطع كافة أشكال المساعدات المالية عن السلطة ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ما هي إلا سياسة اقتصادية عقيمة تنطلق من رؤية اقتصادية محدودة اعتقاداً منهم أن القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني سيأتون زاحفين للتعاطي مع صفقتهم المشبوهة.

وقد كان أخيراً وليس آخراً لتصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان عبر مقالته الأخيرة التي خاطب من خلالها فلسطينيي الداخل الفلسطيني حيث دعاهم إلى الاندماج بشكل أكبر في الأعمال الاقتصادية وشجعهم على الانفتاح الأكبر على الدول العربية ما هو إلا تأكيد آخر على محاولة جميع أطراف وعرابي صفقة القرن للترويج للسلام الاقتصادي وكأنهم يقولون لنا مسبقا أن الاقتصاد هو الحل الوحيد المطروح حاليا ضمن صفقة القرن.

ولا نريد أن نذهب بعيداً فإن ما يخطط لغزة وما يعرض من امتيازات بفك الحصار وإدخال الأموال بالحقائب وإقامة ميناء عائم وسط البحر ومطار في العريش أو إيلات ما هي إلا مؤشرات على كيفية عمل العقلية الأميركية الحالية وانحصارها فقط في البعد الاقتصادي.

إنني أعتقد أنه لا داعي لانتظار إعلان صفقة القرن فإن المكتوب يقرأ من عنوانه كما يقال بالعامية العربية.

ويبدو أن الإدارة الأميركية قد تماهت في خططها مع حكومة الاحتلال التي تريد للشعب الفلسطيني أن يعيش في معازل وكنتونات محاصرة ولكن في ظل انتعاش اقتصادي كبير وهذا الانتعاش لن يكون للفلسطينيين من سلطة أو سيطرة عليه بل سيعتمد على الدعم اللامحدود من الخارج أو من إسرائيل حتى إذا فكر الفلسطينيون بتغيير رأيهم سيجدون أنفسهم بين ليلة وضحاها فقراء لا يملكون شيئا.

ومن هنا فإنه لا بد من العمل الجاد على بناء اقتصاد فلسطيني مقاوم وقادر على تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة لكي لا يبقى الشعب الفلسطيني تحت رحمة المساعدات الخارجية أو رحمة ما يقدمه الاحتلال من تسهيلات كما يدعي دائما.

صحيفة الأيام

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".