شمس نيوز/ تمام محسن
منذ إعلان الرئيس الأمريكي "المفاجئ" سحب قوات بلاده من سوريا، سعى رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو جاهدًا تبديد قلق الإسرائيليين وقال إن "الانسحاب لن يغير سياستنا الثابتة".
ولم تكتفِ "تل أبيب" بتوجيه رسائل شفهية للجمهور الإسرائيلي "القلق"، ونفذت الليلة الفائتة، ضربات جوية عنيفة على أهداف قرب العاصمة السورية دمشقة وذلك بعد أيام من الإعلان الأمريكي.
في الوقت الذي قالت دمشق إن "أضرار العدوان اقتصرت على مخزن ذخيرة وإصابة ثلاثة جنود بجراح"، قال المرصد السوري الذي يراقب الحرب إن عددًا من الصواريخ أصابت مستودعات أسلحة لحزب الله أو قوات إيرانية.
وبحسب موقع "نيوزويك" الأمريكي، فإن الغارة نفذت بعد دقائق من صعود مسؤولين من "حزب الله" إلى طائرة إيرانية في دمشق كانت متجهة إلى إيران، وأنهم أصيبوا في الضربة، التي كانت "عملية اغتيال" استهدفتهم.
وكانت "إسرائيل" ترى في الوجود الأمريكي على الأراضي السورية حصنًا في مواجهة التواجد الإيراني وثقلًا موازيًا للنفوذ الروسي الكبير، ومن شأن انسحاب 2000 جندي هو مجموع القوات الأمريكية في سوريا أن يثير مخاوف "تل أبيب".
ويرى وديع أبو نصار، المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي، أن هناك ارتباط مباشر بين قرار الانسحاب الأمريكي والضربة الإسرائيلية الأخيرة قرب دمشق.
وقال في حديث لـ"شمس نيوز" :"بغض النظر عن الانسحاب الأمريكي، إسرائيل تريد إرسال رسالة للجميع بأنها ستواصل الحفاظ على مصالحها بالطريقة التي تراها مناسبة".
وأشار إلى، أن "إسرائيل" أوحت أكثر من مرة أنها لا تعتمد على الأمريكان في الإقليم، فهي تبادر بتوجيه بعض الضربات اعتمادًا على مصالحها فقط، لكنه يستدرك بالقول :" لا شك أن الإسرائيليين والأكراد هم الأكثر خسارة من الانسحاب الأمريكي، فبالنسبة لإسرائيل ستصبح جراء ذلك أكثر عزلة بالإضافة إلى خسارتها الدعم الأمريكي العسكري والاستخباراتي في سوريا لكنها ستواصل حماية مصالحها"، وفق قوله.
معركة انتخابية مبكرة**
ويجمع المحللون أن نتنياهو يبحث عن تحقيق انجازات عسكرية في المنطقة قبيل الانتخابات العامة المبكرة المقررة في أبريل المقبل، خاصة بعد تسلمه حقيبة الجيش خلفُا لأفيغدور ليبرمان الذي استقال على خلفية وقف اطلاق النار في غزة والذي وصفه بـ"التنازل للإرهابيين".
وقال هاني حبيب، المحلل السياسي والكاتب في صحيفة الأيام المحلية لـ"شمس نيوز"، إن القصف في سوريا رسالة قوية من حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو وهي تتوجه إلى انتخابات مبكرة بالقول إن وزير الجيش الحالي (نتنياهو) قادر على الايفاء بالالتزامات أمام الناخبين الإسرائيليين.
وأضاف حبيب، " نتنياهو يريد القول إنه مستمر في ضرب التموضعات الإيرانية وحزب الله في المنطقة ويبدد مخاوف الناخب الإسرائيلي بشأن الانسحاب الأمريكي والتعقيدات التي وضعتها روسيا على إسرائيل بعد اسقاط الطائرة الروسية".
وشنت "إسرائيل" عشرات الضربات على سوريا منذ اندلاع الحرب في 2011، على ما قالت إنه مواقع لحزب الله ومصالح إيرانية وأيضا على قوافل الأسلحة إلى الحزب اللبناني.
لكن العمليات الإسرائيلية في سوريا باتت أكثر تعقيدًا منذ إسقاط المضادات السورية طائرة عسكرية روسية عن "طريق الخطأ" بعد غارة إسرائيلية على البلاد في 17 سبتمبر/أيلول.
وأعلنت روسيا منذ تلك الحادثة عن تدابير أمنية جديدة لحماية جيشها في سوريا منها تعزيز المضادات الجوية للنظام السوري ببطاريات أس-300 وأجهزة تشويش على اتصالات الطائرات الموجودة على مسافة قريبة.
أين الروس الآن؟
في هذا السياق، يرى الخبير العسكري يوسف الشرقاوي، أن القصف الإسرائيلي في سوريا جاء بتنسيق مع الروس الذين "يسعون للتفرد بالحصة السورية وطرد الإيرانيين وعناصر حزب الله"، وفق قوله.
وقال الشرقاوي، "روسيا تريد طرد حزب الله من المنطقة بتركه لإسرائيل. وأن نتنياهو يحاول تكريس قواعد جديدة في الشمال مفادها "ضرب بدون رد" "، محذرا ان ذلك من شانه أن يشكل خطورة على حزب الله وتآكل صورته في المنطقة.
وفي شأن ذلك، قال أبو نصار إنه" لا يمكن القول إن روسيا خصم فوري لإسرائيل فهي لديها مصالح لذلك تغمض عينيها عن الضربات الإسرائيلية ضد سوريا. وفي الضربة الأخيرة الذي صد الهجمات هو الجيش السوري والروس لم يفعلوا شيئا".
فيما قلل المحلل شرقاوي، من أهمية بطاريات أس- 300 في هذا السياق وقال إن "الروس يحاولون حفظ وجه النظام السوري، واسرائيل قادرة على ضرب من داخل الأراضي المحتلة".