بقلم : حمدي فراج
حالة سخط ، مشوبة بموجة عاتية من أحزان الناس في فلسطين والوطن العربي اجمالا ، تستطيع تلمسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونحن نطوي العام الميلادي 2018 نحو العام الجديد ، ذلك ما فعلناه تقريبا قبل عام عندما كنا نطوي العام القديم 2017 مفعمين بالاماني والتطلعات نحو العام الجديد .
أحدهم ، وصل به الامر ان يصف وسائل التواصل بأنها وسائل الانفصال الاجتماعي ، عندما ضغط احدهم على رقم 7 بدلا من 9 في المصعد ، ليجد نفسه في منزل جاره ، جلس وهو يعالج جهازه الخلوي ليجد زوجة جاره تتابع المسلسل من على جهازها ، ولج بعد قليل زوجها ، فاعتقد انه أخطأ في منزله ، اعتذر وغادر .
السخط والاحزان تتجاوز الخاص الى العام ، ليس فقط من باب ان مجموع الافراد في وسط ما ، قرية ما ، مدينة ما ، دولة ما ، توازي وتساوي المجتمع كله ، بل أن مفاعيل الثورة تعتمل في قلوب الملايين من ابناء الوطن العربي ، من العراق الى السودان الى اليمن الى الاردن الى مصر الى السعودية الى لبنان الى البحرين الى سوريا الى فلسطين الى ليبيا الى تونس ....الخ ، وعذرا على من سقط اسمه سهوا ، فالعام الجديد كفيل باستحضاره ، لطالما ان ثماني سنوات من ثورات ذلك الربيع لم تشفع حتى لأبنائها وبناتها من ان تحمل لهم خبزا كريما ، وحرية اجتماعية تحمي المرأة من ان يبطش بها اقرب مقربيها من الذكور ، زوجا وابا واخا واحيانا ابنا ، تحت مسمى الشرف العربي .
نفس الاسباب التي ادت الى انفجار الشوارع العربية قبل ثمانية اعوام ، تتراءى امامنا من جديد ، الفقر والجوع وانعدام الدفء والبطالة والفساد ، حتى وصل الامر في تونس على سبيل المثال ان يتكرر "البوعزيزي" من جديد ، في مصور صحفي هذه المرة يشعل النار في جسده رغم انتصار الثورة . في فلسطين ، حالة من التواصل الانفصامي ، او من الانفصام الانفصالي ، لم تبتدأ بقانون الضمان ولم تنته بحل المجلس التشريعي ، ولا بحالة التغول الاحتلالي بالسطو العلني على ما تبقى لنا في الضفة ، اما في الشطر الاخر من الوطن ، فبعد ثلاثين جمعة مسيرات ، سقط فيها نحو ثلاثمائة شهيد وعشرات الاف الجرحى ، ما زالت العقوبات على غزة مستمرة من العدو والصديق على حد سواء ، ما زالوا يخرجون ، وما زالوا يسقطون ، وما زالوا يدفنون احبائهم و يرتقون جراحاتهم بما تيسر من معدات طبية شحيحة ويتقاسمون لقمة عيش عزيزة ، ولسان حالهم ما قاله الشاعر الكبير تميم البرغوثي : نحن في غزة بخير ، طمئنونا عنكم .