بقلم: ريهام قطب
السّيد سانتا كلوز تحيّة وبعد:
كنتُ صغيراً عندما سمعتُ بكَ أوّل مرّة، أخبروني أنّكَ تدخلُ البيوتَ من مداخنها حاملاً كيس ألعاب، فتمنيتُ من كلّ قلبي أن ألتقيكَ، وبالفعل انتظرتكَ تلك الليلة أن تهبط عليّ رغم أنّ بيتنا ليس فيه مدخنة! حتى أني لم أنتبه أن سطح البيت لا يتّسع لتركن عليه عربتكَ وأيائلكَ!
المهم أنكَ لم تأتِ ، فاعتقدتُ أنّ ما منعكَ هذه الأسباب اللوجستيّة التي لا تتوفر لدينا!
فأخبرتُ المعلمة التي حدّثتنا عنكَ كيف قضيتُ ليلتي محدّقاً إلى السّقف
فقالت لي: سانتا لا يهبطُ إلا من المداخن!
ولأني كنتُ طويلة لسان منذ نعومة أظافري قلتُ لها: البيوت التي فيها مداخن لا يحتاج أطفالها مزيداً من الألعاب!
فنظرتْ إليّ بدهشةٍ ثم قالت: اكتبْ لسانتا رسالة وضعها في جوربك وأخبره عن هذه الملاحظة!
فقررتُ أن أكتب إليكَ فعلاً،
طلبتُ من أمي أن تشتري لي هديّة، هي أيضاً قدّيسة، ولكنها قدّيسة حقيقية وليست مثلك، تصلي كثيراً، وتقرأ القرآن، وتدخل البيوت من أبوابها!
فقالت لي: سأشتري لك لعبة بعد أسبوع
فسألتها: ولِمَ بعد أسبوع؟
فقالت: لأننا لا نتشبّه بالآخرين
سألتها: من هم الآخرون، الذين في بيوتهم مداخن
فقالت: لا، الآخرون هم الذين يؤمنون أن سانتا موجود، وينزل من المداخن
فسألتها: وماذا عن العربة والأيائل؟
فابتسمتْ، وحدّثتني عن جبريل يأتي إلى مكة، ويأخذ محمداً صلى الله عليه وسلم على البراق إلى بيت المقدس، وحدّثتني عن المعراج، وعن آدم عليه السّلام في السّماء الأولى، وعن إبراهيم عليه السّلام في السّماء السّابعة، وعن موسى عليه السّلام يُساهم لتكون الصلوات خمساً بدل خمسين لأننا لا نطيق! ومن يومها آمنتُ بالبراق وكفرتُ بأيائلك!
كبرنا بما يكفي يا سانتا، وتوقفنا عن النّظر إلى السّقف، لأنّ الشيء الجميل الوحيد الذي سينزل من أعلى هو عيسى عليه السلام ! لن ينزل من المدخنة وإنما من السماء، ولن ينزل في بيوتنا وإنما عند المنارة البيضاء في دمشق، وأنه لن يحمل يومها كيس ألعاب وإنما رمحاً ليقتل به الدّجال، فوقتها لن يكون هناك وقت للعب!
كبرنا بما يكفي يا سانتا لنعرف أنّ المسيح عليه السلام لنا وليس لكم، وإلا لنزل في الفاتيكان أو في سانت بطرسبرغ! كبرنا بما يكفي لنعرف أن أيائلكم لا تطير، الشيء الوحيد الذي نراه في سمائنا هو طائرات الأف ١٦ والسوخوي التي جعلت أطفال حلب يطيرون
كبرنا بما يكفي لنعرف أنّ الروم هم الروم ولو صار عندهم اتحاد أوروبيّ، وأنّ الفُرس هم الفُرس ولو كفّوا عن عبادة النار! كبرنا بما يكفي لنعرف أنكم كذّابون، لأنّ طفل بيت لحم لا يرضيه أن يُقتل أطفال غزّة!
لا تأتِ إلينا يا بابا نويل فمعبر رفح مغلق، وبيوتنا ليس فيها مداخن، وداريا لم يبقَ فيها بيوتٌ أصلاً، والأطفال في خيم اللجوء على الحدود السورية التركية لا يحتاجون ألعاباً وإنما بطانيات كي لا يقتلهم البرد فقد مات عُمر
وفّر عليك عناء رحلتك، ولا تُتعب أيائلك، فلن ننتظرك، سنُحدّث أولادنا عن جبريل والبراق، وعن عيسى ابن مريم حاملاً رمحه لأن القديسين الحقيقيين لا يُوزّعون الألعاب على الأطفال، وإنما يُحاربون الدّجالين ليعيش الأطفال بسلام.