شمس نيوز / عبدالله عبيد
"منذ شهر تقريبا وأنبوبة الغاز عند الموزع، وكلما سألته عنها يقول لي إن هناك أزمة غاز، وتتكرر هذه الاسطوانة يومياً بيني وبين التاجر"، كان هذا لسان حال المواطن أنس أحمد ( 44 عاماً)، من مدينة غزة، والذي يشتكي من نفاد الغاز في منزله.
وعبر أحمد في حديثه لمراسل "شمس نيوز" عن استيائه وتذمره الشديدين جراء هذه المشكلة التي يعاني منها معظم سكان قطاع غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ثمانية أعوام.
ويضيف: الموزع يقوم بتعبئة أنابيب السائقين على الفور، ويترك المواطن الغلبان لأسابيع وأشهر كما حالي"، منوهاً إلى أن هذا الأمر نتج عنه مشكلة كبيرة لدى المواطن الغزي، في ظل الأزمات المتراكمة عليه.
ويتسائل المواطن "أحمد" عن دور الجهات المتخصصة في التخفيف من أزمة الغاز كهيئة البترول وأجهزة الحكومة، قائلاً " أين الحكومة من هؤلاء التجار والموزعين، الذين يزيدون الطين بلة ويثقلون كاهل المواطن".
ويشهد قطاع غزة أزمة كبيرة في غاز الطهي منذ أكثر من عامين، نتيجة تقليص الاحتلال للكميات الواردة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، مما اضطر بعض المواطنين للجوء إلى أساليب قديمة للتغلب على الأزمة.
ويسمح الاحتلال بإدخال 200 إلى 250 طن فقط يومياً من غاز الطهي، وهي كميات لا تغطي احتياجات سكان القطاع، الأمر الذي زاد من تفاقم الأزمة.
المواطنون يتذمرون
لم يكن "أنس أحمد" الوحيد الذي يعاني من تلك المشكلة والأزمة التي فاقمت وضع المواطن الغزي بشكل كبير، ليبيّن المواطن خالد معاذ (35 عاماً) أنه عندما يأخذ أنبوبة الغاز الخاصة به لأحد محلات توزيع الغاز في منطقته، يسأله الموزع عن ثمنها، فإذا دفع له مباشرة يقوم بتعبئتها، وإذا تأخر فإنه يؤخر التعبئة.
وقال معاذ لـ"شمس نيوز": أحيانا أدفع لتاجر الغاز ثمن الأنبوبة فورا فيقوم بتعبئتها بسرعة، وأحيانا أخرى لا يكون معي الثمن، فأقول له سأدفع بعد يومين أو ثلاثة، فيقول لي: لما تجيب حقها بتاخذها"، معرباً عن استيائه الشديد من هذا الأمر.
ويوضح أن هذه المناكفة التي تحصل بينه وبين موزع الغاز في منطقته لا تقف عليه وحده فقط، بل يعاني منها جميع أبناء الحارة التي يقطنها، مشيراً إلى أن الحصة الأكبر من الغاز تذهب لسائق التاكسي ومكاتب سيارات الأجرة، حسب قوله.
وتزداد أزمة غاز الطهي بقطاع غزة في فصل الشتاء، رغم الأزمة المتواصلة منذ عدة أشهر نتيجة الكميات القليلة التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.
التجارة شطارة
وفي طريقنا لشمال قطاع غزة دخلنا أحد محلات توزيع الغاز، فرفض صاحب المحل الحديث إلينا في بادئ الأمر، إلى أن اشترط عدم نشر اسمه، ليقول: الحصة الأكبر لمن يدفع أكثر، وهذا الأمر ليس علي وحدي فقط، فجميع موزعي الغاز في قطاع غزة يعملون هكذا، وكما تعلمون التجارة شطارة".
وأضاف موزع الغاز لـ"شمس نيوز": حجج المواطن كثيرة ونعاني منها نحن أصحاب محلات التوزيع، فكثير من الزبائن يدفع لنا ثمن اسطوانة الغاز الخاصة به بعد أشهر، ونقوم بمطالبته بها ويتركنا إلى حين ما تفرج عليه"، معتبراً أن الأولوية تكون لمكاتب السيارات التي تدفع نقداً وأكثر من السعر الطبيعي للاسطوانة.
وعن الجهات الحكومية المراقبة لهذا الموضوع، يوضح أن هيئة البترول تقوم بالتفتيش على تلك المحلات بين الفينة والأخرى، "وأحياناً يضعون رجلاً منهم في المحل ليقوم بمراقبتنا، وبعدما يغادر نعود كما كنا" بحسب موزع الغاز.
توفر الكثير
أما خليل أبو علي، سائق تاكسي، فيوضح أن سيارته تعمل على البنزين، ولكن في ظل أزمة النفط والسولار قام بتحويلها إلى غاز، للتخفيف من المشكلة قليلاً.
ويوضح أبو علي متحدثا لـ"شمس نيوز"، أنه ورغم أزمة الغاز التي يعاني منها سكان قطاع غزة، إلا أن تشغيل السيارة على اسطوانات الغاز يوفر له الكثير من كمية البنزين التي يحتاجها، خاصة وأن أسعار البنزين تزيد يوماً بعد يوم.
ورغم تفاقم مشكلة الغاز، إلا أن السائق آنف الذكر لا يدرك هذا الأمر، كونه يقوم بشراء أنبوبة الغاز يومياً من موزع صديق له، مضيفاً: أنبوبة الغاز متوفرة يومياً لدي، وهكذا لعائلتي، لذلك لا توجد مشكلة بالنسبة لي، كل ما يعنيني هو أن لا تتوقف سيارتي عن العمل".
مشكلة الغاز
الحاج محسن الخزندار، صاحب محطة نفط غزة "الخزندار وأولاده"، يرى أن مشكلة الغاز سببها حكومة رام الله، التي لا تقوم بإدخال الكميات اللازمة للقطاع يومياً، لأنها تعتمد على شركة "باز" التي تشتكي من قلة سيارات النقل، مقترحاً عليهم الاعتماد على شركة أخرى في نقل كميات الغاز لقطاع غزة.
وأشار الخزندار خلال حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن هذه المشكلة تتفاقم في غزة نتيجة ما يقوم به بعض سائقي سيارات الأجرة، من خلال تحويل سياراتهم من بنزين إلى غاز.
ويقول: لدي من المخازن ما يسع لـ1000 طن من الغاز، ولكن ما يصلني 20 طناً فقط، وهذه الكمية لا تفي باحتياجات المواطن والسائق في نفس الوقت"، مشيراً إلى أن الأولوية يجب أن تكون لأصحاب البيوت لا لمكاتب السيارات، "ولكن موزعي الغاز يقومون بالبيع لسائقي السيارات بسعر مضاعف".
أزمة كبيرة
بدوره، بيّن محمود الشوا، رئيس جمعية مسئولي البترول والغاز في غزة، أن كميات الغاز الواردة من الطرف الإسرائيلي لا تفي باحتياجات سكان قطاع غزة، لافتاً إلى أن الكمية التي يتم إدخالها يومياً تصل من 200 إلى 250 طن.
وبالنسبة لسائقي سيارات الأجرة الذين حوّلوا سياراتهم إلى غاز، شدد الشوا في حديثه لـ"شمس نيوز" على أن هذه أزمة كبيرة يصعب حلها.
وأضاف: الكميات التي تصل إلينا لا تفي باحتياجات المواطنين، فكيف ستكفي للسائقين ومكاتب السيارات المنتشرة في غزة؟".
ونوه رئيس جمعية مسئولي البترول والغاز إلى أن هناك لجانا تشكلت من طرفهم ومن هيئة البترول، لمتابعة ومراقبة محلات توزيع الغاز ومعاقبة كل من يخالف القوانين، ويبيع سعر الأنبوبة بأغلى من ثمنها، كما هو الحال في أغلب المحلات، حسب تعبيره.
المراقبة والمتابعة
في هذا السياق، أكد مدير الإدارة العامة لهيئة البترول في قطاع غزة، أحمد الشنطي، أن الغاز الذي يأتي إلى القطاع هو غاز الطهي الخاص بالبيوت، ولكن نظراً لارتفاع سعر الوقود قام كثير من أصحاب السيارات بتغيير مسار عمل السيارة من نظام السولار أو البنزين لنظام الغاز، منوهاً إلى أن هذا العمل ارتجالي وغير قانوني وغير مرخص من قبل وزارة النقل والمواصلات.
وأشار الشنطي في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن أصحاب المحطات وعددا كبيرا من الموزعين، أصبحوا يؤثرون الربحية العالية من خلال زيادة سعر أنبوبة الغاز، لأن صاحب السيارة لديه استعداد أن يدفع زيادة على السعر الأصلي.
ولفت إلى أن الإدارة العامة لهيئة البترول قامت بعدة خطوات بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والوزارات المعنية في هذا الموضوع، من خلال متابعة ومراقبة المحلات الموزعة للغاز حول ثمن الاسطوانة الذي يبلغ 63 شيقلاً، وحول كمية الغاز في الأنبوبة وهي 12 كيلوجرام، مبيّناً أن هناك لجانا خاصة تشرف على توصيل الغاز للبيوت.
وأوضح مدير الإدارة العامة لهيئة البترول أنه "من بداية شهر نوفمبر شرعنا باستخدام نظام الكابونة، حيث يكون لها تاريخ محدد، ولو تأخر الموزع عن توصيل الاسطوانة لأكثر من 15 يوما، يحق للمواطن الرجوع إلينا، وبالتالي يتم استدعاؤه ومعاقبته حسب المخالفة لديه" بحسب الشنطي.
وكانت قوات الاحتلال وفي أعقاب فوز كتلة حماس البرلمانية وسيطرة الحركة على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، عمدت إلى التشديد في سياسة إغلاق المعابر، وتحول الأمر إلى حصار يقيد إدخال المواد الغذائية والوقود والسلع الأساسية الأخرى.