عائشة يوسف – شمس نيوز
في كل عام يأتي السابع عشر من نيسان مثقلا بالجراح النازفة والألأم والآهات والأنات التي تخرج شوقا لتبقي ملازمة لأهالي الأسرى وكأنها تقول لهم أبنائكم ليس إلا أرقاماً تتكاثر كل يوم مع كل اعتقال جديد وأخبارهم ما هي إلا معلومات قابلة للنشر وللسبق الصحفي في مواسم وأوقات محددة ليس إلا، لتكون ذكرى تتجدد فيها الجراح الممزوجة بأمل اللقاء وتحترق فيها القلوب بنار الشوق واللهفة .
كثيرة هي العائلات الفلسطينية التي تعاني الأمرين جراء اعتقال أبنائهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي, والتي تكابدها مرارة الفراق والحرمان، فهي لحظات مريرة تمر بها كل أم أسير فلسطيني بحكايتها المختلفة التي لا يمكن نسيانها بفقدان الأعزاء. والدة
والدة الأسير جهاد أمير رماحة من نابلس هي نموذج فلسطيني يحكي قصة أم تحاول أن تزرع الأمل بداخلها رغم حرمانها من زيارة ابنها "جهاد" الذي يقضي حكما بالسجن لثلاثة عشر عاما أمضى منها عشرة أعوام كونها ممنوعة من زيارته بحجة أنها والدة شهيدين.
مأساة تعيد الذكريات
أوضحت رماحة خلال حديثها لـ" شمس نيوز" وهي تحاول أن تخفي مشاعر الحزن في صدرها ليجدد حنينها لابنها الأسير وأبنائها الشهداء قائلة :" إن هذا اليوم وكل فعالياته هو بمثابة مأساة تعيد الذكريات الحزينة التي تتزاحم بها الذاكرة لتفتح الجراح الممزوجة بالألم لكل فرد من أفراد العائلة ".
وأضافت " رغم كل ذلك إلا أن هذه الفعاليات تبعث روح الأمل في نفوس الأسرى وذويهم فالأسرى والشهداء هم شعلة القضية الفلسطينية التي تبث فيها العزيمة والإصرار, فنحن هنا لا نملك إلا أن ندعو لهم بان يفرج الله عنهم ويشفي المرضي منهم ويفك أسرهم عما قريب".
وبالرغم من تلك المشاعر الموجعة لقلب هذه الأم إلا أنها تشعر بالفخر والاعتزاز كونها أم فلسطينية تختلف عن أي أم بالعالم, فهي من ودعت أبنائها الشهداء بالزغاريد, وهي التي تحبس الدمعات في عينيها وهي تشاهد ابنها الأخر مقيد بالأصفاد.
تتجرع نفس المرارة
ولم تكن مشاعر والدة الأسير سليمان شلوف من مدينة رفح جنوب قطاع غزة تختلف عن سابقتها, فهي تتجرع نفس المرارة والألم حيث تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ابنها المحكوم عليه ثلاثة عشر عاما قضى منها تسعة أعوام ولم تره إلا في الزيارات التي دائما ما تلغى.
وقالت شلوف لـ"شمس نيوز" :"إن هذه الفعاليات لا ترتقي لمستوى تضحيات الأسرى ولكنها أفضل من لا شئ"، مضيفة" الأسرى بحاجة إلى مساندة شعبية وجماهيرية وفصائلية للإفراج عنهم جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية".
وأعربت الأم الصابرة عن أسفها من الدور التي تقوم به المؤسسات الحزبية والتي تعمل على التفرقة بين الأسرى، متمنية أن يأتي هذا اليوم في العام القادم وهي تحتضن ابنها بين ذراعيها وتروي ظمأها وشوقها وحنينها إليه.
قاسية ومؤلمة
أما والدة الأسير معتصم رداد من مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية المحكوم عليه عشرون عاما وقضي منها تسعة أعوام تقول وهي تفضفض بكل ما بقلبها "لقد تضاعفت جراحي في هذا اليوم الذي يمر علي وعلي كل أهالي الأسري كذكري قاسية ومؤلمة تحرمنا فرحة الحياة وطعم السعادة بسبب غياب أبنائنا عنا لسنوات خصوصا في أهم المناسبات التي تأتي في كل عام .
وأكملت قائلة والدموع قد سبقتها "أشكر كل القائمين على هذه الفعاليات والمشاركين فيها، ولكن إن الأمر الموجع أن ابني معتصم مريض ويعاني من انتشار السرطان في جميع أنحاء جسده ولا أحد يكترث لأمره فهذه الفعاليات لا تقدم ولا تأخر لابني شئ فهو بحاجة للعلاج وليس لشفقة أحدهما في فعالية عابرة لا تغني ولا تسمن من جوع والأجدر من الجميع التوحد خلف قضية الأسرى".
ولفت والدة الأسير رداد إلى أن صوره ابنها لم تفارق عينيها في هذا اليوم، الذي تشتد فيه الذكرى، وتزيد الأماني، وتسرح بالخيال بعيداً ؛ لتشعر أن نجلها بجانبها يشاركها فرحتها المنقوصة بغيابه منذ سنوات.
وفي هذه الذكرى تقوم معظم المؤسسات في قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي 48 بإحياء يوم الأسير الفلسطيني بفعالية هناك وأخرى هناك، ولكنها تتناساه في باقي الأوقات فأصبح إحيائه فقط يقتصر على السابع عشر من نيسان.