قائمة الموقع

فنزويلا.. كيف نفهم جوهر الصراع مع الولايات المتحدة الامريكية

2019-03-03T09:36:00+02:00
انتخابات فنزويلا

بقلم: بهيج سكاكيني

ما يدور في فنزويلا وحالة الصرع الأمريكي والإصرار على محاولة إسقاط النظام فيها لا يمكن فهمه إلا من خلال اعتباره مفصل رئيسي آخر للصراع الدائر على الساحة الدولية لإحداث تغيير جوهري في النظام العالمي من احادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب وذلك للتخلص من الهيمنة والتسلط الامريكي وطوي صفحة أحادية القطب الذي فرضته أمريكا على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك جمهورياته في مطلع تسعينات القرن الماضي والتي اعطت الفرصة الذهبية لأمريكا لتصول وتجول في الكون وتغزو دولا سيادية دون ان تجد من يقف ليردعها عن العربدة السياسية والعسكرية التي اتخذتها كوسيلة لبناء الامبراطورية الكونية الامريكية وتحقيق حلم المحافظين الجدد.

وبدأ التحول الفعلي مع ظهور دول وتكتلات اقتصادية وسياسية على الساحة الدولية تتراسها روسيا والصين والتي بدأت تجد لها موطئ قدم على الساحة الدولية تلجم فيها الرعونة الامريكية وتضع حدًا لها الى درجة لا يستهان بها. وربما ما جرى ويجري في سوريا كان من أكبر وأوضح الأمثلة على يجري على الساحة الدولية من صراع.

وبعد الخيبة التي منيت بها الولايات المتحدة والفشل الذريع لمشروعها في تقسيم سوريا والدور الروسي المميز الذي لعبه بوتين ووزير خارجيته لافروف الى جانب القيادة العسكرية في دعم الدولة السورية والجيش السوري والشعب السوري الى جانب إيران والمقاومة اللبنانية نرى الادارة الامريكية تصعد من عدوانيتها على فنزويلا التي لم تنقطع للحظة واحدة منذ نجاح الرئيس شافيز في الانتخابات الرئاسية في نهاية تسعينات القرن الماضي.

أمريكا تريد قطع الطريق على روسيا والصين في امريكا اللاتينية ولم يكن مصادفة ارسال الطائرات الروسية الاستراتيجية الى فنزويلا والاتفاق على إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الفنزويلي. ولم يكن مصادفة الاتفاقية المبرمة مع روسيا على إقامة قاعدة بحرية روسية في احدى الجزر الفنزويلية. ولم يكن مصادفة ايضا توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية بين فنزويلا والصين بمليارات الدولارات خلال زيارة الرئيس مادورو إلى بكين العام الماضي.

نعم فنزويلا لديها أكبر احتياطي بترول في العالم لغاية الآن وقد يعزو البعض هذا العداء الأمريكي لفنزويلا إلى رغبة أمريكا في السيطرة على هذه السلعة الاستراتيجية. لا ننكر أهمية ذلك ولكن جوهر الصراع يبقى محاولة الحفاظ على أحادية القطب الأمريكي سواء في الشرق الاوسط أو أمريكا اللاتينية أو افريقيا أو جنوب شرقي آسيا وخاصة بعد بروز قوى اخرى وتكتلات اقتصادية عالمية اصبحت تهدد الهيمنة والتسلط على الدول التي تمتعت بها امريكا لأكثر من ربع قرن تقريبا.

ويكفي أن نشير إلى ما قاله بولتون مستشار الامن القومي للرئيس ترامب في الكونغرس مؤخرا من أن روسيا والصين تشكلان أعداء امريكا في القارة الافريقية مدينا المساعدات المالية التي تقدمها روسيا والصين للدول القارة وكذلك تمدد تأثيرهما السياسي هناك. ونستحضر هنا أيضا ما قاله وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001 والذي حدد من خلالها حاجة البنتاغون للسيطرة على حقل المعركة على نطاق كوني بأكمله ( هيمنة الطيف الكامل) من أجل الحفاظ على احادية القطب في العالم. هذا هو بالضبط ما تحاول الولايات المتحدة فعله اليوم. وإحباط المشروع الامريكي مؤخرا في مجلس الامن بشأن فنزويلا ورئيسها الشرعي المنتخب مادورو بفيتو روسي صيني مزدوج ما هو الا دليل إضافي على هذا الصراع على الساحة الدولية لكسر النظام العالمي القائم أحادية القطب.

فنزويلا تشكل شوكة في حلق الاستراتيجية الامريكية في امريكا اللاتينية وتقف في وجه عربدة أمريكا ومحافظيها الجدد ومشروعهم الامريكي الكوني ومن هنا نقول انها مفصل رئيسي آخر للصراع الذي تخوضه امريكا للإبقاء على احادية القطب بعد دخوله في مرحلة التآكل.

عن صحيفة الرأي اليوم

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة