شمس نيوز/ وكالات
تم اكتشاف مخطوط نادر للعالم والفيلسوف الفارسي ابن سينا مترجم للغة الإيرلندية، مرفق داخل مجلد قديم آخر. والمخطوط المصنوع من الجلد يعود إلى القرن الـ15 ميلاديّ، ووجد في رزمة لكتاب أجدد منه، وتم استخدام مخطوط ابن سينا لتغليف الكتاب الأجدد، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يعرف بها أن كتاب الفيلسوف والعالم ابن سينا "القانون في الطب" تمت ترجمته للإيرلندية.
ووجدت المخطوطة التي تم قصها وطيّها داخل دليل لاتيني صغير الحجم يتناول موضوع الإدارة المحلية، وطبع في ثلاثينيات القرن ال16 في لندن، والذي هو أيضا مملوك للعائلة ذاتها التي تمتلك المخطوطة في كورونال منذ القرن الـ16.
واكتشفت المخطوطة عن طريق الصدفة حينما قررت العائلة العام الفائت فتح المجلد، وتعرضه على أستاذ اللغة الإيرلندية بادريغ أو ماشين في جامعة كوليدج كورك، والذي صرّح أنه "عرف منذ اللحظة الأولى أن هذا اكتشاف مهم".
واستطاع زميله البروفيسور في معهد دبلن للدراسات المتقدمة والخبير في الطب الإيرلندي في فترة العصور الوسطى، أويبين نك دونتشادا، أن يحدد أن هذه المخطوطة هي جزء من كتاب القانون في الطب للفيلسوف ابن سينا، ومن ترجمة إيرلندية نادرة الاكتشاف، وفق ما ذكرته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية.
وأضاف أوماشين أنه "يوجد هناك إشارات إلى ابن سينا متناثرة في نصوص طبية أخرى بالإيرلندية، لكنها المرة الأولى التي نعرف بها أن كتاب القانون ترجم إلى اللغة الإيرلندية. ولا بد أن يكون هذا الجزء قد جاء من مخطوطة ضخمة الحجم".
وأوضح أيضًا "لم يكن استخدام الرقوق المقطوعة من مخطوطات قديمة لتكون تغليفا للكتب المتأخرة أمرًا غريبا في التقليد الأوروبي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها مثال واضح لهذه الممارسة".
ويذكر أن كتاب ابن سينا كان يعتبر النص الطبي المعياري الذي اعتمد عليه الأطباء في العالم الإسلامي وأوروبا لأكثر من 6 قرون. وتتضمن المخطوطة الإيرلندية على أجزاء من الفصول الافتتاحية، والجزء الذي كان يشرّح الأنف طبيًا كان الأكثر وضوحًا.
ويأتي في المخطوطة الاستخدامات الثلاثة لعظام الأنف ألا وهي كما جاء في النص "الاحتفاظ بالهواء في تجويفها لتقوية الدماغ باستمرار" و"للمساعدة على نطق كل حرف" والاستخدام الثالث هو أن الدماغ يخرج فضلات جزء منها يغذي الأنف أما الباقي فتخرج منه. لهذا السبب فإننا أطلقنا على العظام الموجودة في الأنف أداة مساعدة، لأنه عبرها يتم طرد الفضلات، مثل النفخ في المنفاخ".
وأضاف أوماشين إلى أن المعرفة الطبية في إيرلندا في زمن القرون الوسطى كانت ذاتها في أوروبا، إذ كان يسافر العلماء الإيرلنديون إلى المدارس الطبية الأوروبية للتعلم والعودة بكل جديد إلى بلادهم.
وتابع قائلا "إن سبب ترجمة هذه المخطوطة هو أن اللغة الإيرلندية كانت لغة التعليم في إيرلندا في العصور الوسطى، بينما كانت اللاتينية هي لغة التعلم في باقي أوروبا".
ومعروف أن إيرلندا عانت من الاستعمار البريطاني، أو كما كان يسمى في حينه، الإليزابيثي، وهو الذي قضى تقريبا على المجتمع الغيلي القديم وهو أصل الحضارة في إيرلندا.
وأضاف أو ماشين أنه "مع تقدم الغزو الإليزابيثي تقطعت أوصال كل الجامعات المبكرة في إيرلندا، التي كانت مدعومة من الأمراء الغيليين. ودمر الغزو كتبا مثل هذا الكتاب، بينما أتلفت كتبا أخرى. وفي هذا السياق ينبغي أن نرى أن من كان يمتلك هذا الكتاب فإنه قد حاز على بعض من المخطوطات ولم يجد حرجا في تشذيبها وجعلها غلافا".
ويذكر أن المالكون قد وافقوا على إزالة التغليف وفتحه ورقمنته، ويمكن الآن رؤية المخطوطة على موقع "آيريش سكريب أون سكرين" (Irish Script on Screen).
وأضاف أو ماشين أن "اكتشاف ورقمنة هذا النص هي مغامرة علمية. كانت واحدة من هذه المناسبات التي يعمل بها عدد كبير من الناس، بما فيها مالكي الكتاب، نحو هدف مشترك ألا وهو التعلّم. كان من دواع سروري أن أتمكن من تحقيق ذلك وأن أكون جزءًا منه".
وقد عاش ابن سينا بين العام 980 ميلادي و1037، ويعتبر واحد من أكبر فلاسفة وأطباء العصر الإسلامي الذهبي وأكثرهم تأثيرًا.