بقلم: هاني حبيب
بدوره، دخل تكتل "أزرق ـ أبيض" الانتخابي في دائرة استغلال الأوضاع المتوترة على تخوم قطاع غزة مع غلافها الاستيطاني في سياق الحملة الانتخابية، من جهة يُحمّل سياسة نتنياهو هذا التصعيد بدون رد إسرائيلي كاف، ومن جهة يعطي وعودا بتحسين حياة المواطنين في قطاع غزة.
وزير الحرب الإسرائيلي السابق موشيه يعالون، يتهم حركة حماس باستغلال الانتخابات الإسرائيلية وبأنها تصعّد في "الجنوب" لأنها تفهم أن إسرائيل غير معنية بتصعيد أو حرب في ظل الانتخابات، مع أن يعالون يشير الى أن حركة حماس لا تريد التصعيد، مع ذلك تطلق البالونات الحارقة والمفخخة، دون رد إسرائيلي حقيقي، وفي ذات الوقت، وفي قناة "كان"، أيضاً، اتهم عوفر شيلح عضو الكنيست من حزب "أزرق ـ أبيض" نتنياهو بعدم تبني سياسة واضحة إزاء حماس وتصعيدها في "الجنوب"، لكنه مع ذلك أشار لافتاً إلى أن هناك خطوات من شأنها إحداث تقدم لسكان قطاع غزة وحياة مختلفة، إلاّ أن ما يمنع ذلك ما أسماه "عدوان حماس". شيلح هذا كان قد شن حملة شعواء ضد نتنياهو عندما كان الأول نائباً في حزب "هناك مستقبل" قبل أن يصبح عضواً في تكتل "أزرق ـ أبيض"، ومع أنه استمر في تحميل نتنياهو مسؤولية عدم وجود سياسة إسرائيلية ضد حماس، إلاّ أن هذه هي المرة التي يشير فيها إلى ضرورة اتخاذ خطوات جدية لتحسين شروط الحياة الإنسانية في قطاع غزة بالتوازي مع الهجوم على نتنياهو.
قد لا يكون لهذه التصريحات أهمية مؤثرة في سياق الحملة الانتخابية الإسرائيلية، كونها لا تأتي بجديد، مع ذلك فإنها تعكس طبيعة العلاقات بين ما يجري على تخوم قطاع غزة والحملة الانتخابية في إسرائيل، والتي يمكن اختصارها بالقول إنه لا حرب واسعة على القطاع، ولا تهدئة حقيقية، يمكن التوصل إليها أثناء الحملة الانتخابية، معنى ذلك، أن الطرفين، حماس كما إسرائيل، بانتظار نهاية الحملة الانتخابية، وإلى ذلك الحين، كل طرف يعرف مدى قدرة الطرف الآخر على الإبقاء على هذه المعادلة المؤقتة إلى حين أن تصبح هناك إمكانية أكثر واقعية لمعادلة ثابتة والانتقال من تهدئة محدودة صغيرة، إلى المرحلة الثانية، تهدئة أكثر استقراراً وأكثر اقتراباً من التعاطي مع ميزان القوى المتفاعل على حدود غزة وغلافها الاستيطاني، هذا الغلاف الذي يتجاوز حدوده الجغرافية، إلى الحدود الداخلية للساحات الحزبية والسياسية في إسرائيل.
ومع الجولات المكوكية السريعة للوفد الأمني المصري، إلى قطاع غزة، وإلى إسرائيل كما تشير بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، دون التقدم الفعال لإنجاز تهدئة مستقرة، إلى أن الجديد في سياق ما سرّبته وسائل إعلام عبرية، أن الجانب المصري الذي كان أكثر حساسية للدور "القطري" نتيجة العلاقات المتوترة بينهما، بات الآن أكثر قبولاً بدور "مالي" لقطر، مع أن القاهرة تدرك أن لهذا الدور المالي امتداداته السياسية بطبيعة الحال، هذا هو الجديد الذي من الممكن أن يهيئ للانتقال من تهدئة محدودة صغيرة إلى حين الانتخابات بتوافقات مصرية ـ قطرية وبرعاية من الأمم المتحدة، إلى تهدئة أكثر استقراراً وديمومة بعد الانتخابات، بغرض نجاح نتنياهو بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.
في سياق المعادلة الحالية، تهدئة محدودة، لا يمكن لنتنياهو أن يخاطر بخطوات جذرية، فإن عناصر هذه التهدئة من الممكن أن تتمثل بتوسيع مساحة الصيد، وإدخال مواد طبية وتموينية تشترى من الأموال القطرية، وزيادة نسبة الكهرباء الإسرائيلية إلى القطاع بتشغيل خط الكهرباء 161، وبحيث لا يمكن أن تعتبر هذه "التسهيلات" تراجعاً من قبل نتنياهو، بل معالجة إنسانية للأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة.
الملاحظ في هذا السياق، أن كافة هذه الترتيبات تبدو وكأنها تجري بدون أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية التي باتت تعاني أكثر من أي وقت مضى من الحصار المالي المدروس عليها في سياق "صفقة القرن"!
صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضورة عن رأي "شمس نيوز"