شمس نيوز/ تمام محسن
تفاؤل حذر يشوب قطاع غزة بشأن تنفيذ اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية بغزة و"إسرائيل" والتي تتوسط فيها مصر وأطراف دولية منذ عدة أشهر.
وفي بادرة للاتفاق، أعادت سلطات الاحتلال، الأحد الماضي، فتح معبر كرم أبو سالم التجاري جنوبي قطاع غزة، ووسعت مساحة الصيد المسموحة إلى 15 ميلًا بحريًا، في المقابل خففت الفصائل الاحتجاجات قرب السياج الحدودي.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الثلاثاء، إن الوفد الأمني المصري الذي يتوسط في الاتفاق سلّم قيادة الحركة الاثنين "جدول زمني" لتنفيذ العديد من القضايا المتعلقة بتفاهمات التهدئة.
وأضاف "نراقب مدى الالتزام بتنفيذ التفاهمات ورؤيتنا أن يرى شعبنا إنجاز عملي أكثر مما يسمع".
ورغم هذا التفاؤل في أوساط حركة حماس باقتراب التواصل إلى اتفاق اعتبرته "انتصار" حققته عبر مسيرات العودة وكسر الحصار المستمرة منذ نحو عام، إلا أن هناك أيضًا مخاوف من تنصل الاحتلال من الاتفاق بُعيد الانتخابات الإسرائيلية المقررة الأسبوع المقبل.
وكان تعهد أقطاب اليمين الإسرائيلي، وأركان في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" بمعارضة الاتفاق والذي وصفته بـ"الاستسلام للإرهاب" على حد زعمها.
ووفق الجداول الزمنية للاتفاق والتي يراها مراقبين مؤشر على جدية التزام "إسرائيل"، سيجري تنفيذ جزء من الاتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية، فيما سيجري تأجيل بنود أخرى إلى بعد الانتخابات، وهي المشاريع التي تحتاج فترات زمنية طويلة لتنفيذها، وفق تصريحات نائب رئيس الدائرة السياسية في الحركة عصام الدعاليس.
وأوضح الدعاليس، أن التفاهمات التي تم التوافق عليها بين الفصائل والاحتلال تشمل المعابر والكهرباء، والصيد والتشغيل المؤقت، والصحة ومشاريع إعمار ومشاريع كبرى في قطاع غزة، نفذ الاحتلال جزءًا منها كفتح المعابر وتوسيع مسافة الصيد إلى 15 ميلا بحريا لأول مرة.
جنون سياسي**
في هذا السياق يرى المحلل السياسي طلال عوكل، إن "الثقة في إسرائيل جنون سياسي، خاصة بعد تجربة الفلسطينيين الطويلة في اختبار جدية إسرائيل في الالتزام بأي اتفاق".
وقال عوكل لـ"شمس نيوز" :"إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاق ما لم يضمن مصلحتها ويتساوق مع رؤيتها"، مشيرًا إلى أن توقيت التفاهمات مهم –قبل الانتخابات الإسرائيلية- حيث يعتبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن التهدئة الخيار الأقل تكلفة حتى لا يؤثر على فرصه في الانتخابات التي يواجه فيه حزب منافسة شرسة من أحزاب الوسط واليسار.
وأشار إلى، أن هناك عوامل كثيرة تتفاعل في تحديد مدى الالتزام الإسرائيلي بالاتفاق، قائلًا "شكل المشهد السياسي في إسرائيل بعد الانتخابات واستمرار نتنياهو لفترة انتخابية أخرى، أو تشكيل بني غانتس الحكومة، كل هذه العوامل تنعكس على مستقبل الالتزام باتفاق التهدئة".
وعلى خلاف عوكل، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، حسام الدجني، أن إسرائيل تبدو أكثر ميلًا نحو الالتزام بالاتفاق على خلاف المرات السابقة.
وقال الدجني، إن تحديد جدول زمني محدد لتنفيذ هذه التفاهمات سلمها الوسيط المصري إلى قيادة حماس، يعكس جدية في فحص مدى الالتزام الاسرائيلي بالاتفاق.
وأضاف، أن البيئة الاقليمية والدولية والإسرائيلية "داعمة للاتفاق"، بالإضافة إلى أن حكومة نتنياهو معنية بتجنب الحرب مع قطاع غزة حتى تشكيل الحكومة المقبلة.
وتابع بالقول: "قضية الحصار صارت تؤرق الاحتلال لاسيما بعد نجاح مسيرات العودة في دفع هذا الملف في المحافل الدولية والحقوقية، فربما تصب هذه التفاهمات في التخفيف من الضغوط على اسرائيل".
أما بالنسبة لحماس، والحديث للدجني، فهي ايضا غير معنية بالتصعيد المسلح مع "إسرائيل" وذلك في مقابل رفع الحصار وتحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
هدوء طويل أو المواجهة؟
في حال تنصل "إسرائيل" من الاتفاق، فمن المتوقع أن تعود حركة حماس لتفعيل "الوسائل الخشنة" في مسيرات العودة كالبالونات الحارقة وفضلًا عن الذهاب إلى خيار التصعيد العسكري، وفق عوكل.
في حين توقع الدجني أن تمضي التفاهمات إلى منتصف يونيو/حزيران أي إلى ما بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية، وفي أعقاب ذلك يجري تقدير الموقف وتحديد خيارات أخرى في ضوئها.
وكانت قررت الفصائل الفلسطينية، أمس الاربعاء، تعليق استخدام الأدوات الخشنة بما فيها الإرباك الليلي ووقف إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة على حدود قطاع غزة؛ لمنح الفرصة للجهود المصرية لاستكمال مباحثات التهدئة.
وقد رجحت تقارير إسرائيلية إمكانية التوصل الى تهدئة طويلة الأمد بين حركة حماس وحكومة نتنياهو، في ظل تواصل إشهار سياسة "العصا والجزرة" بين الطرفين.
وذكرت أن العصا تتمثل في تعزيز القوات العسكرية قبالة حدود قطاع غزة، التي تهدد بالاقتراب من حدوده، أما الجزرات، فهي التسهيلات الاقتصادية المرتقبة لسكان القطاع، ما أدى لنشوء تفاهمات أولية واتفاقات في طور التطبيق.
من جهته، حذر عزمي بشارة مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" من حرب شاملة في قطاع غزة بعد الانتخابات الإسرائيلية
وقال بشارة، وفي مقابلة تلفزيونية، مساء الثلاثاء، إن فصائل غزة تُتقن "لعبة الشد والرخي"، وتعرف أن نتنياهو عشية الانتخابات "لا يستطيع أن يصمت تجاه المقاومة، ولا أن يندفع حربيًا خشية تكبّد خسائر كبيرة قد تغير المعادلة الانتخابية".
وتابع: "لاحقاً، أي بعد انتخابات إسرائيل، قد ينشأ وضع عدم استعداد إسرائيلي بأن تبقى غزة مسلحة بهذا الشكل الرادع، وقد تحصل حرب حقيقية شاملة".