بقلم / خالد صادق
يتسلل الاحتلال بآلته العدوانية الدموية في غفلة من الزمن, ليحصد أرواح الفلسطينيين, فيسرق الموت من أبنائنا خلسة, ظانا ان جرائمه ستمر دون عقاب, فأمس الثلاثاء قتل الاحتلال الصهيوني عاملا فلسطينيا من بلدة قباطيا جنوب جنين أثناء مطاردة الشرطة الصهيونية له في بلدة عرابة البطوف داخل لأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48, وقبلها استشهدت معلمة فلسطينية الخميس الماضي دهسًا بشاحنة مستوطن إسرائيلي في بلدة تقوع شرق بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة, كما استشهد سابقا الشهيد فارس أبو هجرس متأثرا بجراحه التي أصيب بها في مسيرة العودة بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة, وكذلك الطفل إسحق عبد المعطي سويلم إشتيوي (16عاماً) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ولا زالت قافلة الشهداء تمضي, والاحتلال يمارس سياسة الموت المسروق والذي يتحول فيه الشهيد إلى مجرد رقم يضاف لسجلات الشهداء الميامين .
كثيرة هي الأحداث التي تعصف بالوضع الفلسطيني, وتحاول تشتيت الجهد وحرف الأنظار عما يمارسه الاحتلال الصهيوني من جرائم ضد شعبنا الفلسطيني, وهذا الأمر لا يحدث اعتباطا, إنما هو نهج يجيد الاحتلال الصهيوني استثماره والتعامل معه بلؤم شديد, ويجب علينا ألا ننكر بأن الاحتلال يستغل الانقسام الفلسطيني والجهود المبذولة داخليا لتحقيق المصالحة, والتي تستنزف الكثير من الجهد والوقت, وتشتت طاقاتنا في صراعات هامشية لا طائل من ورائها, كما يجب ان نعترف بأن الاحتلال يستغل حالة الانفضاض العربي على المستوى الرسمي عن القضية الفلسطينية, ووقف كل أشكال الدعم السياسي والمالي والمعنوي عنها, وانشغال الشعوب العربية والإسلامية بأوضاعها الداخلية, فهذا أدى إلى تراجع واضح عن نصرة القضية الفلسطينية, كما ان الدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال لقمع وتصفية الفلسطينيين, ساهم في تمرير سياسة القتل المنهج.
الشهداء يتساقطون تباعا, والأمة منشغلة عن واجبها تجاه فلسطين وشعبها, بل ان الأمر أصبح يتعدى ذلك بكثير, فهناك دعم رسمي عربي وإسلامي لسياسة الاحتلال القمعية تجاه الفلسطينيين ولهاث وراء التطبيع, وهناك تواطؤ دولي مع الاحتلال وغض طرف عما يرتكبه من جرائم بشعة بحقهم, وهذا ما جعل الاحتلال يتمادى في القتل وإزهاق الأرواح, فالقتل يمارسه الجيش الصهيوني لمجرد الشبهة, وهذا يمنحهم المخرج لقتل أي عدد من الفلسطينيين بحجة الشبهة, والمستوطنون كلهم مسلحون بأوامر حكومة الاحتلال بحجة حماية أنفسهم, لكنهم يستخدمون سلاحهم في قتل الفلسطينيين وتهجيرهم من بيوتهم وأراضيهم الزراعية, ويمارسون كل أشكال العربدة ضدهم, ولا احد يستطيع ان يحاسبهم على ذلك, حتى أنهم يشرعون بعمليات دهس بسياراتهم ضد المدنيين الفلسطينيين, وتسجل أنها حوادث طرق بعد طمس كل الأدلة ومعالم الجريمة .
وحدها المقاومة هي القادرة على وقف سياسة القتل المسروق, فعندما اشتعلت الضفة ونفذت المقاومة عمليات فدائية فيها ضد الصهاينة, توارى المستوطنون عن الأنظار خوفا, وتركوا أعمالهم في المستوطنات, وفروا إلى المدن الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 48, واعتقد انه لن يطول الصمت على جرائم الاحتلال, ولن تبقى المقاومة الفلسطينية تشاهد ما يحدث دون ان ترد على هذه الجرائم, فسياسة القصف بالقصف والدم بالدم لا زالت قائمة, ولن تسقط من أجندة الفلسطينيين, وغرفة العمليات المشتركة تراقب ما يحدث في كل ربوع الوطن, والمقاومة الفلسطينية يدها على الزناد, وتنتظر القرار الفلسطيني للرد على جرائم الاحتلال الصهيوني, فبمجرد تلويح رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار بعودة التظاهرات في حال عدم التزام "إسرائيل" بالتهدئة, خرجت مصادر إعلامية عبرية لتقول أنه وبناء على هذه التخوفات فإن الجيش الإسرائيلي ما زال يحافظ على حالة التأهب، استعداداً لأي تدهور أمني جديد في المنطقة الجنوبية, وتحذر من أن حدود قطاع غزة هي الأكثر تقلباً، رغم الهدوء النسبي الذي ساد المنطقة في الفترة الماضية.
واهم هذا العدو الصهيوني ان اعتقد ان دماء شعبنا الفلسطيني مستباحة, فالاحتلال الصهيوني سيدفع ثمن جرائمه ان عاجلا أو آجلا, وقدرة المقاومة على الرد على جرائم الاحتلال ستبقى حاضرة, وهى في حالة تأهب واستعداد للرد في أية لحظة بالشكل والطريقة التي تفهما "إسرائيل", ولن يستطيع الاحتلال تمرير سياسة القتل المسروق والذي يتم من خلاله تصفية الفلسطينيين واحدا تلو الآخر دون رد, فهذا الأمر عفا عليه الزمن, وولى إلى غير رجعه.