بقلم: هاني حبيب
ليبرمان يماطل في المشاركة في ائتلاف حكومي برئاسة نتنياهو، ويعمد إلى تأخير التشكيل بهدف إفشاله وهو ليس في وارد المشاركة فعلاً، ولا يبدو أن ما قيل عن ضغوط أميركية عليه للانضمام إلى الائتلاف لم تنجح، وأمام نتنياهو أحد خيارين: الدعوة لانتخابات جديدة، أو تشكيل حكومة مقلصة بستين مقعداً فقط، مع رهان على أن الأيام الأخيرة من فترة التمديد لمفاوضات التشكيل من شأنها أن تعيد ليبرمان إلى بيته اليميني في الائتلاف الحكومي، مع أن هذا الرهان آخذ بالنفاد مثله مثل الأيام القليلة المتبقية، مع أن المباحثات مع ليبرمان، غطت على مصاعب مهمة تواجه التشكيل، مثل المقاعد الوزارية وتمويل الحصص الوزارية والحزبية، ومع أن نتنياهو نجح في تمرير قرار بتوسيع الحكومة من 18 وزيراً إلى عدد غير محدود إلاّ أن معظم الأحزاب الصغيرة، تطالب بوزارات كبيرة أساسية، على حساب الحزب القائد للائتلاف، حزب «الليكود»!
«الليكود» والأحزاب الدينية، تتهم ليبرمان أنه معني بإفشال التشكيل الحكومي، ذلك أنه يوافق خلال الاجتماعات على تقديم تنازلات، ثم لا يلبث أن يعود عنها علناً، لأن ليبرمان، حسب هذه الآراء، يعتقد أن نجاح نتنياهو بتشكيل حكومة ائتلافية، من شأنه أن يؤدي إلى حصوله على حصانة من الملاحقة القضائية، ما يتيح لنتنياهو الحكم عشر سنوات إضافية، وهو ما يدفع ليبرمان للمغامرة بخوض انتخابات جديدة، رغم فرصه المحدودة بإحراز تقدم واضح، فقط كي لا يتيح المجال لسنوات إضافية من رئاسة نتنياهو للحكومة!
ولعل في هذا الادعاء بعض الاقتراب من الحقيقة، ذلك أن الأيام الأخيرة شهدت تقدماً في وصول ليبرمان إلى منصب وزير الدفاع، والتقى بهذا الشأن، وبإيعاز من نتنياهو، برئيس الأركان ورئيس الاستخبارات، لدراسة الصلاحيات التي يطالب بها ليبرمان لقبول المنصب والمتعلق بأداء وزارة الدفاع فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة وكيفية التعامل مع حركة حماس، بعد ذلك، تبين أن الأمر يتعلق، ومن جديد، بقانون التجنيد، وهو القانون الذي كان من شأنه عدم تنفيذه، مع أسباب أخرى، إلى استقالته من الحكومة الرابعة لنتنياهو، ما أدى إلى خوض انتخابات تشريعية مبكرة، هنا يمكن الإشارة فعلاً إلى أن ليبرمان يناور ويماطل وعلى الأغلب أنه يقوم بذلك بشكل مفتعل ومتعمد، على الأقل بنظر عدد من المراقبين الموالين لليمين!
خيار تشكيل ائتلاف من ستين مقعداً، غير قائم من الناحية العملية، ذلك أن هذا التشكيل كي يمنح ثقة «الكنيست» بحاجة إلى مقعد إضافي، من أحزاب المعارضة، وهذا الأمر غير متحقق، نظرياً على الأقل، وحتى لو تمكن الائتلاف من المرور بالثقة، فإن هذه الحكومة ستبقى عاجزة عن تمرير أي قانون، خاصة وأن نتنياهو بصدد طرح العديد من القوانين المثيرة للجدل، والتي في الغالب تخصه شخصياً للنجاة من الملاحقات القضائية وسط اعتراضات حتى داخل حزب «الليكود» الذي يتزعمه، إضافة إلى أن تشكيلاً ائتلافياً من دون «إسرائيل بتينو»، سيؤدي إلى حكومة دينية الطابع بشكل أساسي.
إلاّ أن خيار التوجه إلى انتخابات جديدة، هو مغامرة حقيقية، إذ ستتم إعادة توزيع للمقاعد، على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، وهناك إمكانية للقول إن الأحزاب العربية ربما ستستفيد من تجربتها في تلك الانتخابات التي أدت أولاً إلى تقليص مقاعدها، وفوز أحزاب يمينية على حساب الصوت العربي ثانياً، ناهيك عن أن قائد أحزاب المعارضة، «أزرق ـ أبيض»، الذي نال نفس مقاعد «الليكود»، ربما سيتغير وضعه في الانتخابات القادمة، في كل الأحوال، هناك حسابات دقيقة ورهانات متعددة، تجعل من الانتخابات الجديدة، مغامرة لن يخوضها نتنياهو إلاّ بعد انسداد كل الأفق، مجبراً بعد أن فقد الكثير من دهائه ومكره أمام ليبرمان!
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"