غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

اطردوهم من لغة العرب

إلياس خوري

بقلم: إلياس خوري 

إلى أين يقودنا ما تبقى من أشلاء النظام الإقليمي العربي؟
في المنامة، سوف يجتمع الأغنياء كي يبيعوا وطن الفقراء، في مؤتمر أو ورشة عمل أطلقوا عليها اسم «السلام من أجل الازدهار».
أي الأرض العربية في فلسطين مقابل المال النفطي العربي.
هذه هي الإشارة الأولى في مُسلسل صفقة دونالد ترامب مع إسرائيل.
ترامب أعطى إسرائيل القدس والجولان، وغداً سيعطيها ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية.
هذا واضح، فالإنجيليون والمسيحيون الصهاينة القياميون يمسكون من خلال تاجر العقارات بقرني الثور الأمريكي الهائج، ويدفعون به إلى سياسة عمياء أشدّ تصهيناً من الصهاينة.
فحين يتحالف حمقى الرؤى الدينية الدموية مع رأسمالية متوحشة تواجه أزمة تراجعها في العولمة، نصل إلى الفاشية أو ما يشبهها.
نتنياهو وحلفاؤه الذين يؤسسون لإسرائيل ثانية عنصرية دينية وفاشية، يسعون إلى إبادة القضية الفلسطينية. وهذا متوقع، وشهد العالم نماذج متعددة منه زمن الكولونياليات الاستيطانية التي وصلت إلى ذروتها في نظام الأبارتايد الأبيض في جنوب أفريقيا.
ولكن ما علاقة النظام العربي المتهالك بالموضوع؟
«أنتم» ليست «نحن»، فلقد رسمت ثورات الربيع العربي الخط الفاصل بين مواطني العالم العربي البائسين وحكامهم الفاشست أو العسكر أو ملوك النفط والتأسلم الرجعي المتزمت والدموي الذي نشأ بأموال النفط. وهو خط مرسوم بالدم والدموع والمنافي والدمار.
من طلب منكم أن تفاوضوا عن فلسطين؟
أنتم تستغلون فَلَسْطَنة شعوب المشرق العربي من أجل أن تبيعوا فلسطين.
أنتم تتحملون بالشراكة مع العسكريتاريا والمافيا والتدعوش مسؤولية هذه الفَلَسْطنة الشاملة، وبدل أن تُحاسبوا على جرائمكم وتوحشكم، تأتون اليوم لتبيعوا ما لا علاقة لكم به.
ما هذه اللعبة التي تشتري الانقسام في غزة وتضغط على رام الله من أجل توقيع صك الخنوع؟ وكل ذلك له هدف واحد هو حماية العروش عبر تبدبد المال.
هل تعتقدون أن الأمريكيين والإسرائيليين سيشتغلون مرتزقة لحسابكم، في معركتكم الحمقاء ضد تمدد النفوذ الإيراني؟
هل تعتقدون أن ترامب، الذي أهانكم مرات عديدة في أعزّ ما تملكون، أي في ثرواتكم التي لم تكن يوماً إلا بدداً، هل فعلاً تؤمنون أنه مجرد أجير يعمل لحسابكم؟
وهل تعتقدون أن الجيش الإسرائيلي لن يكون عنده سوى همّ واحد، هو الدفاع عن ممالككم وإماراتكم ونفطكم وعزكم؟ شرط أن تساعدوه على شطب همه الفلسطيني أولاً؟
هل صدقتم كذبتكم بأنكم قوى عظمى، تستطيع احتلال اليمن والتدخل في الشأنين السوداني والجزائري، والتلاعب بمصير العرب؟
هل تعرفون بأي عين ينظر إليكم الرئيس الأمريكي والمحتل الإسرائيلي؟

كونوا كما تريدون، ولكن لا تقتربوا من أرض فلسطين.
أرض فلسطين قدستها دماء الشهداء والضحايا، وهي ليست للبيع في مزادات العار.
افعلوا ما تشاؤون، بددوا ثروات الطبيعة، وارقصوا مع الأمريكي، وأقيموا مناورات عسكرية مع الإسرائيلي. خذوا وزراء إسرائيل لزيارة المساجد مثلما فعلتم مع الوزيرة العنصرية ميري ريغيف، فليرفرف علم نجمة داود في صحرائكم، اغروا أسيادكم بالدخول في حرب مدمرة وحمقاء ضد إيران. افعلوا ما تشاؤون، لكن إياكم أن تشاؤوا لنا.
نحن لسنا أنتم.
حاربتم العروبة بالمؤتمر الإسلامي وبالجيش الإسرائيلي، عروبتكم الجديدة المتأمركة والمتأسرلة جاءت بعد فوات الآوان.
فات فيكم الأوان، فأنتم لستم سوى دمى إسرائيلية وأمريكية.
ارقصوا للأمريكي، ادفعوا أكثر، انبطحوا كما تريدون، لكن لن نسمح لكم بأن تشاؤوا لنا.
الخدعة واضحة، هؤلاء المخدوعون يعتقدون أنهم يخدعون الأمريكان والإسرائيليين.
يا لبؤسهم وذلهم!
الأمريكان والإسرائيليون سيحلبونهم حتى آخر قطرة نفط وآخر قطرة دم عربية، ثم يرمونهم إلى المصير الذي يستحقون.
يجب طردهم من لغتنا.
اطردوهم من «لسان العرب»، ومن الصرف والنحو.
لا مكان لهم في إعرابنا.
اطردوهم من بحور الشعر وإيقاعات النثر.
اطردوهم من مُثنّى امرئ القيس.
اطردوهم من ظلالنا.
انتهت اللعبة، وماتت لغتهم.
هل لمن لا يمتلك سوى لغة ميتة الحق في أن يبيعنا ويشترينا؟
ما سيجري في البحرين ليس صفقة بل خدعة، وليس سلاماً بل نهاية لزمن عربي كامل تجرجر فوقنا سبعين عاماً وآن لنا أن نطرده من زمننا.

 

عن صحيفة القدس العربي 

جميع المقالات المنشورة تعبرعن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".