شمس نيوز / عبدالله عبيد

أصبحت العمليات الفدائية في مدينة القدس والضفة الغربية تشكل مصدر قلق لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، خصوصاً وأنها تنفذ بصورة فردية ارتجالية بدون تنسيق وإعداد موسع، وبلا خلفية عسكرية ممنهجة، مما جعل نتنياهو وحكومته في حيرة من أمرهم، ليعلن جيش الاحتلال عقب عملية الكنيس قبل يومين عن رفع مستوى التأهب في القدس، وعن إجراءات قمعية متعددة.

وأعلن جيش وشرطة الاحتلال عن رفع مستوى التأهب في القدس المحتلة والضفة الغربية إلى الدرجة (3)، في أعقاب عملية الكنيس التي قتل فيها خمسة إسرائيليين وأصيب 12 آخرون، صباح يوم الثلاثاء الماضي، ليسارع قادة الاحتلال ابتداء من رئيسهم بنيامين نتنياهو إلى معظم الوزراء، لإصدار تهديدات بالرد على تلك العملية وغيرها من العمليات التي وقعت مؤخرا في الضفة والقدس.

وكانت آخر هذه التصريحات، التصريح الذي دعا من خلاله زعيم حزب البيت اليهودي ووزير الاقتصاد الإسرائيلي "نفتالي بنيت" الحكومة الإسرائيلية لشن عملية عسكرية كبرى في الجزء الشرقي من القدس المحتلة تشبه عملية السور الواقي في العام 2000 بهدف استئصال "الإرهاب" ومنع حدوث انتفاضة جديدة، بحسب تعبيره.

ودعا "بنيت" جيش الاحتلال إلى الانتقال من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، كما حدث في عملية السور الواقي بداية الانتفاضة الثانية بالضفة المحتلة.

خبيران في الشأن الإسرائيلي استبعدا أن تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية موسعة في القدس، لأن الحكومة الإسرائيلية ليست معنية بزيادة توتر الأوضاع واندلاع انتفاضة ثالثة.

وأكد الخبيران لـ"شمس نيوز" أن إسرائيل معنية بشكل كامل بضبط النفس الميداني في القدس والضفة، مشددين في الوقت ذاته على أن العمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيون ستزيد، إذا لم يكن هناك تسوية سياسية لقضية القدس.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب على عملية الكنيس اليهودي قائلاً: سنرد بكل قوة على هذه العملية" معتبراً أنها جاءت نتيجة عملية التحريض التي يقوم بها كل من حماس وأبو مازن، والتي تتجاهلها الأسرة الدولية" بحسب وصفه.

عملية عسكرية

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، انطوان شلحت استبعد أن يشن جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة في القدس، قائلاً: لا أعتقد أن الزمن هو نفس الزمن الذي شنت إسرائيل فيه عملية السور الواقي، بالإضافة إلى أن الأجواء الدولية الآن لا يمكن أن تشكل غطاءً لمثل هذه العملية العسكرية".

وأضاف شلحت في حديثه لـ"شمس نيوز": أيضاً التصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير جيشه، لا توحي بأي حال من الأحوال أن إسرائيل على وشك شن عملية عسكرية موسعة في القدس".

لكنه رجح أن تقوم إسرائيل بتعزيز وجود الشرطة وقوات الأمن بكل أنحاء القدس، وتسهيل إجراءات ترخيص السلاح للمستوطنين المتطرفين خصوصاً في القدس، معتبراً هذا الأمر خطيرا جداً، كون هذا السلاح يُستعمل ضد الفلسطينيين بمجرد أي حركة مثيرة للشبهات.

ولفت شلحت إلى أن وجود اقتراح لإجراء تقسيم مادي للقدس "الغربية والشرقية"، بين الأحياء العربية من خلال بناء كتل إسمنتية وجدران، مبيّناً أن هذا التقسيم يعني حصر الأحياء العربية.

وتوقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تزيد نسبة عمليات الفلسطينيين ضد المستوطنين، إذا لم يكن هناك تسوية سياسية لقضية القدس، مؤكداً أن أشكال المقاومة ستزيد، "وستكون هناك أشكال مختلفة للعمليات يصعب التكهن الآن بماهيتها أو جوهرها الحقيقي"، على حد قوله.

ليسوا معنيين

في هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. عدنان أبو عامر أن الإسرائيليين وصناع القرار، ليسوا معنيين بشن حملات عسكرية من شأنها أن تؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة، مشيراً إلى أنهم يحاولون ضبط الميدان في الضفة والقدس وأراضي الـ 48، دون الانجرار إلى مواجهات عسكرية.

وقال أبو عامر لـ"شمس نيوز": هذه الدعوات تأتي من قبل المتطرفين وبعض الوزراء لمحاولة تسجيل نقاط انتخابية على نتنياهو"، مستدركاً بالقول: لكن في النهاية إسرائيل معنية بشكل كامل بضبط النفس الميداني في القدس والضفة وعدم السماح بانزلاق الأمور إلى خط لا رجعة له".

وأضاف: الاحتلال سيعزز عمل المخابرات والشاباك في محاولة للبحث والتنقيب عن منفذين محتملين لهذه العمليات، إلى جانب تكثيف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية لإجهاض أي محاولة من شأنها تفجير الأوضاع في الضفة الغربية.

وزاد أبو عامر: الأهم من ذلك محاولة كبح جماح المستوطنين في القدس المحتلة واقتحام الحرم القدسي بصورة أو بأخرى لمنع استفزاز المقدسيين والفلسطينيين"، موضحاً أنه من الصعب التكهن بإمكانية تكرار أو توقف العمليات الفدائية في القدس والضفة.

وأرجع الخبير في الشؤون الإسرائيلية سر نجاح هذه العمليات، إلى أنها تتم بطريقة غير موجهة وغير منظمة، مبيّناً في الوقت ذاته إلى أن المخابرات الإسرائيلية لا تستطيع أن تسيطر على منفذي هذه العمليات، و"هذا من شأنه أن يجعل مسألة التكهن أو التخمين أقرب إلى التنجيم"، وفق تعبيره.

وكان الشابان غسان وعدي الجمل من مدينة القدس قد هاجما كنيسا يهوديا صباح أمس الأول بالآلات الحادة والمسدسات مما أدى لمقتل 4 حاخامات كبار وضابط شرطة، وإصابة 12 آخرين بجراح، من بينهم أربعة وصفت جراحهم بالخطيرة.