بقلم/ د. هاني العقاد
ماذا يعني عدم حضور القيادة الفلسطينية مؤتمر البحرين مؤتمر المهانة..؟ المؤتمر الذي تعقده ادارة ترامب لتمويل الصفقة المزعومة وجمع الاموال من العرب لصالح بيع فلسطين وتصفية اهم قضاياها وهي القدس واللاجئين والحدود والسيادة على الارض والجغرافيا والتاريخ، ماذا يعني فرض عقوبات امريكية وإسرائيلية على القيادة الفلسطينية لعدم قبولها الخطة الامريكية او حتى عدم قبولها ارسال اي تمثيل فلسطيني رسمي في هذه القمة.
هذا يعني الكثير الذي لا تقبله ادارة ترامب يعني ان الفلسطينيون افشلوا كل مخططاتهم ويعني انهم فشلوا في تسويق اسرائيل كحليف استراتيجي للعرب دون حل الصراع على اساس المرجعيات والقرارات الدولية ذات العلاقة وفشلوا في ترويض الفلسطينيين بالمال والمغريات وقبول تشغيل مفتاح التحكم الامريكي في مصائرهم ومستقبلهم السياسي وانكار كافة القرارات الدولية التي صدرت بخصوص الصراع والقفز عنها واهمها قرارات 194 و 338 و 242 وعشرات القرارات التي تقر بأهمية تحقيق امن واستقرار دائمين بالمنطقة عبر اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على حدود العام 1967 مستقلة وقابلة للحيادة .
فشلت كل اساليب الاغراء الامريكية لاستقطاب الفلسطينيين واستمالة موافقتهم للجلوس على (طاولة المهانة ) في البحرين حتي لو رمزيا وفشلت كل اساليب الضغط والحصار والتهديد والوعيد في اجبار الفلسطينيين على التعاطي مع اي من الافكار الامريكية حتي ولو بالتحفظ وعند هذا الفشل يفشل كل شيء تخطط له ادارة ترامب وفريقه المغرور الذي يعتقد انه اوجد حلا ابداعيا للقضية الفلسطينية بتحويل الصراع الى حالة انسانية وتنمية اقتصادية مستدامة وبالتالي تقديم الحلول الاقتصادية لتسبق اي حل سياسي بعشرات السنوات حتي يعتاد الفلسطينيين على حالة الرخاء الصورية وتنسي اجيالهم كل اشكال المعناة والفقر والمرض والثوابت والتاريخ .
لذا فان ادارة ترامب تراهن على عامل الزمن في موضوع الصفقة التي حققت منها ما تريد لإسرائيل قبل ان تعلن عن بنودها عندما اعلنت القدس عاصمة لإسرائيل واعتبرت قضية اللاجئين قضية عربية حلها يأتي بالتوطين واوقفت دعم الاونروا كمرحلة اولي لتفكيكها ونقل مسؤولية دعمها للعرب، أكثر من نصف الحل السياسي اعلنته الولايات المتحدة الأمريكية من طرف واحد متجاوزة بذلك الشرعية الدولية وقراراتها التي لن تموت ولا يمكن ان يقبل الفلسطينيين اي حل دونها.
قد يسمح لإسرائيل بالمشاركة بالرغم من ان الولايات المتحدة لم توجه دعوة رسمية لإسرائيل خوفا من تعطيل مشاركة كثير من الدول العربية والغربية الا ان بعض الشخصيات الاعتبارية الاسرائيلية والتي ليس لها موقع رسيمي ستكون حاضرة في المؤتمر وكان اسرائيل لم تدعي في حالة من الالتفاف والضحك على الذقون وتصوير ان هذا المؤتمر هو مؤتمر اقتصادي عربي دولي لإيجاد مداخل اقتصادية للحل السياسي لكافة قضايا الصراع كما اعلنت جيسون غرينبلات مؤخرا.
هنا بات واضحا ان أطراف الصراع لن تحضر المؤتمر والعرس القائم هو عرس صوري ووهمي لإرضاء ذات غير مقتنعة بالفشل ومازالت تؤمن بالقوة التي من خلالها تستطيع بها التأثير على الحكومات والشعوب لتقبل بما يطرح من فريق ترامب اليهودي لحل الصراع.
ومادام أطراف الصراع غير متواجدون بالمنامة اعتقد ان الفشل الذريع هو ما ينتظر الجميع هناك ولن يتمكنوا من تحقيق اهداف المؤتمر التي مجملها اهداف يصعب تحقيقها مع بقاء الاحتلال وتنامي الاستيطان وتهويد القدس وتهجير الفلسطينيين منها.
حدث المنامة سيمكن الامريكيان من معرفة كم هم فاشلون بفشل المؤتمر الذي دعوا اليه وتصورا انه مفتاح الحل بالشرق الاوسط علي اعتبار ان المال هو الحل والزمن كفيل بفرض كل ما تخططه الادارة الامريكية لحل الصراع من وقائع , في المنامة سيصاب فريق ترامب بالصدمة عندما يقف امام دمي لا حول لها ولا قوة في معادلة الصراع، عندما يتحدث كوشنر سيعرف كم هو فاشل وكم هي خططه هزيلة وغير واقعية لأنها لا تستند الى الواقع والحقائق وبنيت فقط لصالح طرف واحد لا غير و وضعت مصالح هذا الطرف فوق كل اعتبار واعتقدت انها بالمال الذي قد تجمعه يمكن ان تحول المنطقة لواحة اقتصادية بقنوات متعددة تغطي فوهات المدافع وتؤاخي بين المستوطنين واصحاب العارض التي سرقوها.
شيئا مهما سيحدث عندما يعرف الامريكان ان مراهناتهم على ايجاد مفاتيح خارج الشرعية الفلسطينية لتفتح لهم ابواب تمرير مخططاتهم بالضفة والقطاع فاشلة ولن يجدوا احدا مهما طرحوا من إغراءات على المستوي الشخصي او المؤسساتي الفلسطيني وعند فشل مراهناتهم هذه سيدركون كم هم فاشلون في التعاطي مع مفردات الصراع وحقائقه وستستمر هزيمتهم وفشلهم إذا لم يأخذوا بعين الاعتبار كافة الحقوق الفلسطينية والها انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس علي حدود 1967. الخطة الامريكية يحاصرها الفشل والاخفاق ولن يأتي المؤتمر بالسحر الذي يقلب عقل الفلسطينيين ويفشل معارضهم للصفقة ويعيق وقوفهم سدا منيعا في طريق مساراتها ويقبلوا بما يطرح ولن يستطيع أحد مهما كانت صفته الاعتبارية او الرسمية ان يكون بديلا عنهم امام اي مسار حتى لو مسار حل الدولتين الذي تعتقد الولايات المتحدة انها ستكتب شهادة وفاته بالمنامة.
في المنامة سيعرف الامريكان شيئا في غاية الاهمية ان منظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الولائية والمخول الوحيد لقبول او رفض مقترحاتهم البائسة وسيعرف الامريكان ان الحل عند قيادة (م ت ف) وسيعرف الامريكان ان الفلسطينيون هم القوة الوحيدة التي يصعب اختراقها وكسر صلابتها بالرغم من انقسامهم الا انهم اقوياء بال (لا) الفلسطينية المجتمعة.