غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر محمد بن زايد ودحلان.. وصفقات السلاح المشبوهة في صربيا

على مدار العامين الماضيين، استثمرت الإمارات مليارات الدولارات في صربيا، إذ وافقت أبوظبي على صفقة مربحة لتطوير صناعة الأسلحة الصربية، كما اشترت حصة كبيرة في شركة الطيران الوطنية، وقدمت مليارات الدولارات كقروض للحكومة.

وبينما تغرق الاستثمارات الإماراتية في السرية، ورغم أن أهداف تلك الاستثمارات غير معلنة، إلا أن مصادر في صربيا قالت إن الأمر لا يتعلق أبدا بالأرباح المادية.

يُتهم محمد بن زايد عادة بأنه وكيل للولايات المتحدة وإسرائيل في أوروبا الشرقية، واستغلال سوق السلاح الصربية لتوزيع الأسلحة على حلفائه في الشرق الأوسط.

ووراء الاستثمارات الضخمة تكمن شخصية غامضة، الفلسطيني المنفي محمد دحلان، الذي يُقال إنه يعمل في مركز شبكة العلاقات بين الإمارات والمخابرات الإسرائيلية والأمريكية، كما أنه يساعد في إدارة الاستثمارات الإماراتية في صربيا، والتي تصطف في جيوب القادة السياسيين الفاسدين.

تم التوقيع على اتفاق تتجاوز قيمته 200 مليار دولار بين شركة الأسلحة الصربية Yugoimport SDPR وبين الشركة الإماراتية القابضة للبحوث المتقدمة والتكنولوجيا في معرض الدفاع الدولي في أبو ظبي العام الماضي.

وقال مصدر صربي إن الأمر يتعلق بالاستثمار في نظام صاروخي صربي، وهو نظام هجومي متعدد الأغراض يعمل كسلاح مضاد للدروع وله مدى يصل إلى 60 كم.

وأكد المصدر أن الإماراتيين مهتمين بهذا السلاح الذي "سيمكننا من تدمير كل أنواع الدبابات الموجودة في العالم".

والإمارات هي رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وأنفقت أكثر من 19 مليار دولار على معدات عسكرية في 2012، فيما يبلغ عدد سكان هذا البلد أقل من مليون نسمة، ما يعني أن الإمارات هي الدولة الأكثر تسليحا من حيث عدد سكان العالم.

العلاقات بين الإمارات وصربيا تزايدت قوتها على نحو كبير، فقد تم تأسيس أشكال مختلفة من التعاون على المستوى الأمني والعسكري وفي مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

الإماراتيون لا يهتمون فقط بصناعات الدفاع في صربيا، لكن أيضا بالعديد من الصناعات الأخرى؛ قامت شركة طيران الاتحاد الإماراتية بشراء 49٪ من شركة الطيران الصربية JAT، وبهذا الاستثمار نشأت شركة طيران جديدة Air Serbia بهدف معلن هو إنشاء ميناء جوي قوي في شرق أوروبا، لكن الهدف الحقيقي من ذلك الاستثمار يثير العديد من الشكوك بحسب مستشار سابق للحكومة الصربية.

يقول دوسان بافلوفيتش الذي عمل كمستشار لوزير الاقتصاد الصربي بين سبتمبر 2013 ويناير 2014 إن صفقة الاتحاد شابها فساد كبير لصالح رئيس الوزراء الصربي.

ووفقا لاتفاق إماراتي صربي تم في مارس 2013، يتم الإبقاء على الصفقات بين الدولتين سرية.

ويشمل الاتفاق بحسب بافلوفيتش "نقاطا تخالف قوانين صربية"، فمثلا تُعطى الشركات الإماراتية الأولوية للاستثمار في صربيا في المناقصات أو الصفقات المحلية.

بافلوفيتش عبر عن استيائه من الإماراتيين، قائلا إن الاستثمارات الإماراتية سخيفة للغاية، إذ ما معنى أن تنفق الشركات الإماراتية مليارات الدولارات في استثمارات العقارات بينما لا يوجد سوق للشقق الفاخرة في بلد فقير مثل صربيا؟!

وانتقد الرجل بيع الأراضي الزراعية الصربية بمئات الملايين من الدولارات لصالح الإماراتيين ومنع المواطنين الصرب من الوصول إلى أراضيهم.

الأسباب الكامنة وراء تدخل الإمارات في صربيا

أعلن مسئولون صربيون بفخر أن اهتمام الإمارات بصربيا هو دليل على صعود البلاد بصفتها لاعبا إقليميا رئيسيا.

وصرحت سينيسا مالي المستشارة الاقتصادية لرئيس الوزراء الصربي في صحيفة بلومبرج في مارس من العام الجاري قائلة إن "الإمارات تؤمن بالاستقرار السياسي وبرأسمالنا البشري وهذا نتيجة للتفاهم وللصداقة بين رئيس الوزراء آلكسندر فوسيتش، والشيخ محمد بن زايد"، هذه الصداقة مفهومة تماما في إطار المصالح الجيواستراتيجية التي يراها الإماراتيون في صربيا.

وقال مصدر صربي لميدل إيست أونلاين "إن الإمارات تستخدم علاقاتها واستراتيجيات الاستثمار في صربيا لإحباط المنافس التركي، ومنعه من تثبيت موطئ قدم راسخ ونشر نفوذه في منطقة البلقان"، وتابع "الخوف من الصعود الإقليمي التركي في البلقان هو الدافع الرئيسي للإماراتيين للتواجد في صربيا، وهذا ربما تم بنصائح أمريكية وإسرائيلية".

الصرب من جانبهم حريصون على مواجهة النفوذ التركي، إذ يخشون من أن تستخدم تركيا نفوذها في المنطقة لإعادة بسط سيطرتها على صربيا، أو حتى إعادة احتلالها من جديد.

صربيا الأرثوذكسية تعادي تركيا صراحة، وقبل أشهر ألغت اجتماعا ثلاثيا يجمعها بتركيا والبوسنة، البوسنة ذات الأغلبية المسلمة من ناحية أخرى ترحب بالتواجد التركي في المنطقة.

من ناحية أخرى، يبدو أن الإماراتيين يريدون - عبر الاستثمار لصالح الولايات المتحدة - جذب صربيا بعيدا عن القطب الروسي، فصربيا التي ترفض الانضمام لحلف الناتو حرصا على علاقاتها بموسكو، تعمل دوما على موازنة وضعها بين الشرق والغرب، لكن مع تلك الاستثمارات، فإنه من المنطقي تماما أن تقترب أكثر من الإمارات، ومن أمريكا بالتبعية.

وبالإضافة إلى ذلك، الاستثمار في قطاع السلاح سيضخم من قوة الإمارات في المنطقة، خاصة مع توسع سوق السلاح في الشرق الأوسط، ولاسيما مع تطور قطاع صناعة السلاح الصربي والفائض الكبير من المعدات العسكرية عالية الجودة.

صناعة الأسلحة الإماراتية تورط بها أيضا ولي عهد أبوظبي نفسه، فقد كشفت نيويورك تايمز مؤخرا أن محمد بن زايد كان كلف إريك برينس، مؤسس شركة بلاكووتر، بإنشاء جيش من المرتزقة يعمل لصالحه.

ربما يفيده ذلك الجيش من المرتزقة في إخماد أي حراك داخلي في الإمارات، وأكدت تقارير أن محمد بن زايد طلب تجنيد الآلاف من المقاتلين الكولومبيين، وتجنب توظيف المسلمين، إذ أنه لا يمكن الاعتماد عليهم لقتل ابناء ديانتهم.

محمد دحلان: السمسار

تم انتخاب آلكسندر فوسيتش رئيسًا لوزراء صربيا في أبريل العام الجاري، واشتهر بعداوته وكراهيته للمسلمين، ونُقل عنه أنه قال في 1995 "سنقتل 100 مسلم مقابل كل صربي لقي حتفه".

ويتمتع فوسيتش الآن بما يوصف بصداقة شخصية وثيقة مع بن زايد.

لم تكن تلك الصداقة ممكنة، وربما ما كانت لتتم كل تلك الصفقات في غياب رجل واحد: محمد دحلان.

طرد الفلسطينيون محمد دحلان بعد أن اتُهم بالعمالة لإسرائيل، وبعد أن اتهمه محمد عباس بالاختلاس المالي وحتى التورط في اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

ويعمل دحلان الآن كمستشار أمني لمحمد بن زايد، ويقيم بالإمارات.

عمل دحلان كمحور رئيسي لتحسين العلاقات أو بنائها بين صربيا والإمارات في 2012، بعد أن توترت تلك العلاقات عقب اعتراف أبو ظبي بدولة كوسوفو دولة مستقلة.

مارس الرجل دوره في أوروبا الشرقية، وحصل على الجنسية من دولة مونتنيغرو (الجبل الأسود) رغم ما توصف به من أنها شديدة الانغلاق ولا تسمح بازدواج الجنسية.

لم يعلق المسئولون من مونتنيغرو على أسباب إعطاء دحلان جواز السفر المونتنيغري، لكن يقول محللون إن الاخير يستخدم مونتنيغرو في غسيل أموال كان قد اختلسها من السلطة الفلسطينية.

أسس دحلان العديد من الشركات في مونتنيغرو، ولا توجد تفاصيل علنية متاحة لهذه الشركات، لكن هناك تقييمات بأن ثروته تتجاوز 120 مليون دولار.

ظهر اسم محمد رشيد كشريك رئيسي لدحلان في مونتنيغرو، وظهر اسمه في السجل التجاري لأربع من شركات الاخير على الأقل.

رشيد كردي من العراق عمل سابقا كمستشار اقتصادي لياسر عرفات.

واحدة من شركات رشيد، هي شركة مونت مينا للاستثمارات، وهي مسجلة أيضا في بنما، ولديه شريك فيها هو الملياردير المصري سميح ساويرس.

في 2011 حصل ساويرس على الجنسية من مونتنيغرو، ويُقال إنه يخطط لاستثمار أكثر من مليار يورو في شبه جزيرة لوستيكا في مونتنيجرو.

ويُقال ايضا إن دحلان استخدم علاقاته في مونتنيجرو لتسهيل زيارة قام بها رئيس وزرائها للإمارات العام الماضي، وهو ما أسعد الصرب كثيرا، إذ قال فوسيتش لاحقا إن تلك الزيارة كانت بداية التعاون الإماراتي الصربي.

وفي أبريل 2013 قام الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش، وهو حليف فوسيتش، بمنح دحلان وسام العلم الصربي لمساهمته في بناء العلاقات الصربية الإماراتية.

دحلان لديه خبرة في تجارة الأسلحة بشكل خاص، تتهمه حركة فتح بأنه شحن أسلحة إسرائيلية الصنع للديكتاتور الليبي معمر القذافي، وهو ما كشفته برقية ويكيليكس في 2010 بشأن اجتماع تم عقده في إسبانيا مع نجل القذافي.

وبينما يساعد دحلان الإماراتيين والصرب، يساعد الرجل في التقريب بين الإماراتيين والأمريكيين والإسرائيليين، بفضل علاقاته الوثيقة بمدير وكالة المخابرات المركزية السابق جورج تينيت وبآمنون شاحاك من الجيش الإسرائيلي وبيعقوب بيري من الموساد.

تقول المصادر أيضا إن دحلان لديه علاقات مع عملاء إسرائيليين تم كشفهم في أوروبا الشرقية من خلال عدنان ياسين، الفلسطيني الذي يعيش حاليا في سراييفو، والذي كان يعمل سابقا في منظمة التحرير الفلسطينية واعتُقل في تونس عام 1993.

وياسين كان اعترف بالعمل لصالح الموساد عام 1991.

الإمارات ذاتها لديها تعاملات مباشرة مع الإسرائيليين، فقد أورد موقع "الاستخبارات أونلاين" Intelligence Online أن حجم التجارة الإسرائيلية الإماراتية بلغ أكثر من 300 مليون دولار في مجال الأمن خلال العام لماضي.

الخليجيون لديهم حساسية خاصة من ربطهم علنا بإسرائيل، فقد أصدر سفير السعودية لدى المملكة المتحدة بيانا يحاول فيه الرد على المعلومات بأن بلاده جنبا إلى جنب مع مصر قامت بالتنسيق مع إسرائيل للهجوم على قطاع غزة وهو ما أدى لاحقا لاستشهاد قرابة 2000 فلسطيني.

لا يمكن القول إن كل المعلومات شديدة الوضوح، خاصة بسبب الطبيعة السرية للاتفاق الثنائي بين الإمارات وصربيا؛ وهو ما يجعل من المستحيل التأكد من أهداف العلاقة الثنائية، لكن من الواضح أن الأمر أعمق كثيرا مما يبدو على السطح.

 

المصدر: موقع الجمهور