بقلم: هاني حبيب
.. حتى قبل القرار الفلسطيني بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً اثر القرار الإسرائيلي بقرصنة أموال المقاصة، عمدت الحكومة الفلسطينية إلى اتخاذ خطوات جدية نحو الانفكاك عن دولة الاحتلال، خاصة في المجال الاقتصادي، فقد استندت ميزانية السلطة لعام 2019 إلى المداخيل من الضرائب المحلية وزيادة الاعتماد على القروض من البنوك، مع دعوة الدول العربية إلى الوفاء بالتزاماتها المالية «شبكة أمان» والبالغة مائة مليون دولار شهرياً، إضافة إلى جملة من الاتفاقات التي عقدها رئيسا الحكومتين العراقية والأردنية بشأن التبادل التجاري معهما، بجانب قرار الحكومة وقف تحويل المرضى إلى المستشفيات الإسرائيلية، مع إيجاد بدائل أردنية ومصرية.
إلاّ أن الخطوة الأكثر أهمية على هذا الصعيد تكمن في الانفكاك عن بروتوكول باريس في سياق وقف العمل بالاتفاقيات، واستبداله بتعزيز البنية التحتية للمنتج الوطني الفلسطيني والاعتماد على الذات، خاصة في المجال الزراعي
إن سياسة الانفكاك هذه، يجب أن تأخذ بالحسبان، أن الأمر يستوجب سياسة تدريجية مدروسة بعناية باعتبار أن هناك صعوبات حقيقية ينبغي تجاوزها للوصول إلى الهدف المنشود، وقد تكون أولى الخطوات في هذا السياق، دراسة إمكانية الانفكاك من العملة الإسرائيلية (الشيكل)، وسياسة تعتمد على الاستيراد وفقاً لاتفاقيات اقتصادية مع الدول الأخرى، كما هو الحال مع الأردن والعراق ومحاربة سياسة الإغراق التي تنتهجها دولة الاحتلال من خلال برامج حماية المنتج الوطني الفلسطيني، وتفعيل نظام جمركي بمنع التهرب والتسرب الضريبي غير المباشر من إسرائيل، والسيطرة الكاملة على مواردنا الطبيعية، خاصة في مجال المياه، ونجاح أية خطة للانفكاك عن دولة الاحتلال، خاصة في المجال الاقتصادي، فإن مسؤولية الحكومة تعتبر ذات أولوية، إلاّ أن ذلك لا يعفي القطاع الخاص من هذه المسؤولية، خاصة وأن الأمر ليس مجرد سياسة اقتصادية، بقدر ما يرتبط ذلك بأبعاد سياسية وطنية بالدرجة الأولى.
إن تفعيل القرار الوطني، بوقف العمل بالاتفاقيات الموثقة، لا يمكن له أن يتحقق من دون اتخاذ خطوات جدية فاعلة، وتدريجية، في سياق الانفكاك الاقتصادي وحتى لا يظل هذا القرار مجرد شعار، بل أحد أهم خطوات ممهدة للانفكاك الحقيقي عن دولة الاحتلال الإسرائيلي!
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"