بقلم: عبد الناصر النجار
نظرياً، يمثل فلسطينيو الداخل 24 مقعداً في الكنيست؛ على اعتبار أنهم يمثلون 20% من سكان إسرائيل، وعدد مقاعد الكنيست 120 مقعداً.
في أفضل الانتخابات، وهي قبل الأخيرة، تمكّن الفلسطينيون في الداخل من حصد 12 مقعداً؛ بعد نجاحهم بتشكيل «القائمة المشتركة». وفي انتخابات أيار الماضي، والتي ستعاد في أيلول المقبل، حصلت الكتلتان العربيتان على 9 مقاعد، فيما صوّتت نسبة لا بأس بها لحركة ميرتس.
حجم التصويت لدى فلسطينيي الداخل هو الأقل، بينما التصويت الأعلى ينحصر بين المستوطنين والأحزاب اليهودية المتدينة الذين يطلق عليهم «الحريديم». ففي الوقت الذي وصلت فيه نسبة التصويت لفلسطينيي الداخل في انتخابات أيار الماضي حوالى 49%، ارتفعت نسبة تصويت المستوطنين و»الحريديم» إلى 85%.
وهنا نلاحظ أن نسبة تصويت الفلسطينيين للكنيست أقل بكثير من نسبة تصويتهم للمجالس المحلية التي تصل نسبة التصويت فيها إلى ما يزيد على 80%، وذلك يرجع بالأساس إلى أن الانتخابات المحلية تؤثّر على حياتهم اليومية بشكل مباشر، على عكس انتخابات الكنيست التي لم تغيّر واقعهم حسب اعتقاد الكثيرين. وأيضاً بسبب البعد العائلي والعشائري للانتخابات المحلية، ما يدفع الكثيرين إلى التصويت.
ولا شك أن الممارسات العنصرية لليمين الإسرائيلي، خلال العقود الثلاثة الماضية، وسياسة الإقصاء والتشكيك بفلسطينيي الداخل جعلتهم يحجمون عن المشاركة بفعالية في انتخابات الكنيست. ما منعهم من استغلال قوتهم العددية في التغيير والتأثير على السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ولعل انتخابات الكنيست في العام 1996 خير شاهد على ذلك، حيث فاز نتنياهو على شمعون بيرس بفارق 1% من الأصوات. ولو كان هناك تحرك أكبر لفلسطينيي الداخل لتغيرت النتيجة وما ظل نتنياهو في الحكم.
ومن هنا، يمكن القول: إنه كلما ارتفعت نسبة التصويت بين فلسطينيي الداخل للكنيست، قلت حظوظ اليمين الإسرائيلي العنصري في تشكيل حكومة أو على الأقل حكومة مستقرة.
ومن هنا جاء تصريح عضو الكنيست أيمن عودة أنه إذا تمكن فلسطينيو الداخل من التصويت بنسبة 65%، فإن نتنياهو سيخسر الحكم، وبالتالي لن يكون وزير الأمن الداخلي أردان ووزيرة الثقافة ريغيف في الحكومة، وهما من كبار دعاة الاستيطان في كل الأراضي الفلسطينية ومع ضم الضفة الغربية والتهجير.
صحيح أن فلسطينيي الداخل يمثلون 20% من عدد السكان، إلا أنهم وحدهم لن يكونوا قادرين على تغيير الخارطة السياسية في إسرائيل، ولكن أيضاً من دونهم لن يتمكن اليسار والوسط الإسرائيليان من العودة إلى الحكم.
ولكن لا يمكن جلب الفلسطينيين إلى صناديق الاقتراع، الشهر المقبل، دون عمل جاد ومركّز خلال الأسابيع القادمة. والتأكيد على أن مشاركتهم ليست من أجل التأثير السياسي فقط، ولكن أيضاً من أجل حل مشاكلهم في قضايا رئيسية، منها الميزانيات المخصصة لهم والتخطيط والبناء؛ حيث أزمة السكن الخانقة والحصول على حقوقهم كاملة، والحد من الجريمة وحالة الفوضى والانفلات التي تشجعها أوساط عنصرية لا تريد مجتمعاً عربياً متماسكاً، بل قبائل متفككة متصارعة.
يضاف إلى ذلك إقناعهم بضرورة التأثير على المسيرة السلمية، أو على الأقل الحفاظ على فكرة حل الدوليين حسب الشرعية الدولية، خاصة أن مشروع الدولتين على شفا الموت، وقد يتم تشييعه عقب «صفقة القرن» الأميركية، التي سيعلن عنها بعد الانتخابات في حال فوز اليمين وتشكيل نتنياهو للحكومة المقبلة.
تأكيداً على ما سبق، فإن أمام الفلسطينيين في الداخل فرصة ذهبية يجب استغلالها من خلال حثّ الشباب، بشكل خاص، على التحرك، وجلب المصوّتين، والعمل بروح الجماعة والمصلحة العامة، بعيداً عن النعرات وتأثيرات الأحزاب والكتل المتصارعة والمصالح الشخصية الضيقة للبعض.
ليكن شعار فلسطينيي الداخل لانتخابات الكنيست القادمة «قادرون على التأثير والتغيير»، وعكس ذلك سيكون في صالح العنصرية لليمين الإسرائيلي.
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"