بقلم/ د. هاني العقاد
يتوالى الكشف عن خطط خطيرة تحت مزاعم انسانية لحل ازمات غزة المعقدة من قبل كل من الادارة الامريكية واسرائيل وبعض دول الاقليم وكلها خطط يقولوا عنها انها انسانية اي للحاجة الانسانية حتي لا ينفجر القطاع بوجه اسرائيل , وبهذا تتكشف خطة صناعة الدولة في غزة شيئا فشيئا كمركز للحل السياسي حسب متطلبات الصفقة الامريكية ولا شيء يتعارض مع ما يتم الكشف عنه بل ان كل ما يتم الكشف عنه من خطط ليست بلالين اختبار ولا اقتراحات للدراسة وانما عندما يتحدث الكابينت الاسرائيلي المصغر عن مثل هذه الخطط ويحاول منذ فترة طويلة البحث عن شركاء فان هذا يعني ان الخطة وضعت والان يبحثوا اجرائيا في التنفيذ وهذا الخطير . الكابينت الاسرائيلي بحث قبل ذلك توسيع قطاع غزة مع مبادلة للأراضي في سيناء وبحث الكابينت الاسرائيلي قبل ذلك ادخال الالاف العامل الي اسرائيل لكن الشاباك الاسرائيلي رفض الخطة خوفا من تسلل عناصر مقاومة بين العمال , خطة فتح باب الهجرة لسكان غزة باتجاه اوروبا او بعض دول الاقليم التي ستوافق اذا ما طلبت منها اسرائيل ذلك باتت الخطة البديلة لذلك او بالأحرى خطة تخفيف حدة اي انفجار ديموغرافي قادم للقطاع وفي نفس الوقت الاسهام بحل الازمة الانسانية لكثير من العائلات الغزية التي اصبحت لا تملك شيء .
الخطة جدية وبحثت جيدا في المجلس الوزاري المصغر ( الكابينت) وعلي مستويات اقليمية ودولية بل وان هناك شروع في ايجاد دول تستوعب هذا الكم الكبير من المهاجرين كما تتوقع الاوساط الاسرائيلية ولا اعتقد ان هذه الخطة جاءت بفعل الصدفة للعقل الاسرائيلي بل انها احد بنود صفقة القرن وما بدأت اسرائيل بدراستها وتقديم الاقتراحات لتنفيذها الا لانها سربت لهم من فريق البيت الابيض الخاص بعملية التسوية في الشرق الاوسط باعتبار ان حل القضية الفلسطينية ليس معلقا على الفلسطينين والاسرائيلين فقط بل ان هذه الصفقة تطرح في بنودها تحمل دول اوربا و العرب جزءا كبيرا من الحل ومنها فتح بلادهم للالاف من الفلسطينين هذا بخلاف الدعم المالي لتطبيق الشق الاقتصادي من الصفقة , ولا اعتقد ان التهجير سيكون محصورا على اهل قطاع غزة فقط بل ان التهجير يحمل في طياته شكلين الاول من غزة والضفة الي العالم والاقليم والثاني من دول اللجوء الي اوروبا والامريكيتين , ويهدف الشكل الاول الحد من الديموغرافيا التي هي بالاساس عنصر هام من عناصر التفوق على دولة الاحتلال الاسرائيلي والشكل الثاني التوطين فبتهجير الفلسطينين من دول اللجوء الى اوروبا او الامريكيتين تكون بذلك قد انهت الصفقة موضوع حق العودة للاجئين الفلسطينين .
الاعلام الاسرائيلي كشف ان اكثر من 35 الف فلسطيني هاجروا من غزة طواعية الي اوروبا و بالتالي انتثروا بين اليونان وتركيا وبلجيكا والسويد بحثا عن مستقبل افضل هناك في ظل هيمنة حركة حماس على المشهد بتفاصيله كما يقولون وهذا يفيدنا في شيء ان الاحتلال الاسرائيلي وشعبة التخطيط الاستراتيجي تدرس الحالة والمشهد في غزة بكل ابعادة الاجتماعية والسياسية والامنية والانسانية والاقتصادية بل وتدون كل دقائق المشهد وكل صغيرة وكبير وكل تصريح وكل منشور على صفحات التواصل الاجتماعي وكل شيئ ويبنوا على ذلك خططا ماكرة تحت مسميات انسانية مزعومة , فما كانت اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية حليفتها يطرحون مثل هذه الخطة لولا الانقسام وما احدثه من تفكك اجتماعي وسياسي وانهيار اقتصادي ذهب بمستقبل الشباب الفلسطيني في غزة الى ما وراء العقل ومسيرة التحرر . الاعلام قال ان الكابينت الغي الخطة بسبب صعوبة تنفيذها في الوقت الحالي وعدم قبول الكثير من الدول هذا الاقتراح الاسرائيلي لكن ما يهمنا هنا ان هناك تفكير اسرائيلي امريكي عربي بهذا الشان الان الغيت لكن قد تكون وضعت لها اجراءات تنفيذ ناعمة وبعيدا عن التدخل الاسرائيلي المباشر حتي لا يرفضها الفلسطينين ويقاوموها ويجهضوها في مهدها باعتبار انها تستهدف تفريغ الارض الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني الكبير بدولتهم القومية .
خطة ترانسفير جديدة تبتكرها امريكا واسرائيل تحت مدعاة تحفيف الوضع الانساني في غزة ونزع فتيل الانفجار المتوقع بين الفينة والاخري وحل ازمة من الازمات التي تراكمت وكان الاحتلال الاسرائيلي المسبب الاول فيها وصنعها بدهاء ماكر وتخطيط طويل الامد كما صنع باقي ازمات الشعب الفلسطيني وبدأ الان يضع حلول بمزاعم انسانية تحسب لصالح مشروعه الصهيوني في النهاية ,هذه الخطة تعتبر من اخطر الخطط التي تتعرض لها القضية الفلسطينية ومحاولات التصفية المستمرة , ترانسفير انساني يبرئ اسرائيل ويظهرها بمظهر المنقذ لهذا الشعب المسحوق ويظهرها بمظهر متحضر امام باقي دول العالم فهذا اخطر من كل الحرب وخاصة حروب الابادة الانسانية لان جوهرها اقتلاع الفلسطينين من ارضهم بارادتهم ليس بالحرب ولا بالنار ولكن بالحصار و الهدم والاعتقال وقتل الامل في الغد لهذا الشعب . الاخطر ان هذا الترانسفير الانساني قد يتعاطي معه الشباب الفلسطيني هنا في غزة دون غيرها بكثرة لان كل خطط الحد من فقرهم وبطالتهم وعوزهم باءت بالفشل وكل محاولات استعادة الوحدة الوطنية باءت بالفشل , وبات الشباب يدركوا انهم يدفعوا الثمن من حياتهم بالفقر والجوع وتدمير عقليتهم الثائرة ,ان حالة الامل في مستقبل افضل في غزة تلاشت بل اصبحت مستحيلة بسبب الانقسام التي عززته اسرائيل في اكثر من موطن ووظف كل ما لديها من مخططات وعلاقات واموال ليدوم هذا الانقسام ويصبح حالة جغرافية وسياسية طبيعية يقبلها الفلسطينين وتصبح جزأ من الحل المستقبلي للصراع.