بقلم: هاني حبيب
رغم كل ما يعصف بالمنطقة العربية والإقليمية والعالم من أحداث، إلاّ أن حكومة نتنياهو نجحت في إعادة إسرائيل جدول أعمال العالم. التوتر السائد في الخليج العربي، قمة السبعة الكبار في فرنسا، التهاب رئة العالم في الأمازون، الحرب الوشيكة بين باكستان والهند، قضايا أخرى عديدة كانت تحتل أخبار وسائل الإعلام في العالم، إلى أن فتح نتنياهو أبواب التغول والتنمر على المنطقة عندما، وفي سابقة، أشار ضمناً الى أنه سيطارد إيران في العراق كما في سورية وفي لبنان، وحتى في اليمن، والإعلان وللمرة الأولى عن قصف قواته لمواقع قيل إنها لإيران، ثم تبين أنها لـ «حزب الله» في سورية، بعدما كانت إسرائيل تلتزم الصمت إزاء مثل هذه العمليات، في وقت تهاجم فيه طائرتان من دون طيار مواقع قيادية لـ «حزب الله» في العاصمة اللبنانية، وما تبع ذلك من خطاب لزعيم «حزب الله» السيد نصر الله هدّد وتوعّد بالانتقام، وأن على شمال الدولة العبرية أن لا ينام، إذ ان الردّ قادم لا محالة، والسيد إذا هدّد فعل، هكذا هو الانطباع السائد في إسرائيل وفي عموم المنطقة، إذ ان «حزب الله» لم يتنكّر لوعد أو وعيد أو إنذار.
وما جعل المنطقة على «كفّ عفريت» قيام نتنياهو بدعوة زعيم المعارضة بيني غانتس للاجتماع مع مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وعادة في ظل الأعراف وربما القوانين الإسرائيلية، ما يستدعي رئيس الحكومة زعيم المعارضة لإطلاعه على «الملفات الأمنية» أن ذلك يعني في تلك الأعراف، اتخاذ قرارات بالحرب، أو على الأقل الاستعداد لحرب قادمة وأن القرار قيد الدراسة الجدية، وذلك بالتوازي مع إعلان حالة الاستنفار القصوى في شمال الدولة العبرية وإعادة توزيع شبكة الصواريخ المضادة للصواريخ في أنحائها.
يرى معظم كتّاب الرأي في إسرائيل، أن الأمر لا يبدو جزءاً من حملة انتخابية يقودها نتنياهو الذي تتعرض أسهمه وأسهم حزبه إلى التراجع، وبينما يرى البعض أن نتنياهو لن يقوم بمغامرة حربية قبيل الانتخابات، إلاّ أن البعض الآخر، يشير إلى أن إسرائيل أقدمت أكثر من مرة على عدة حروب في فترة الانتخابات، وسرّبت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن حكومة نتنياهو كانت على وشك الإقدام على عدوان برّي واسع على قطاع غزة في نيسان الماضي أثناء الحملة الانتخابية للكنيست السابق، ما يعني أن الانتخابات ليست سبباً لمنع أي عدوان إسرائيلي، بالعكس، وكما يرى عدد من المحللين السياسيين في إسرائيل وفلسطين، فإن احتمالات فشل نتنياهو من جديد، بتشكيل حكومة إسرائيلية بنتائج انتخابات الكنيست القادم بعد حوالى ثلاثة أسابيع، من الممكن أن تدفع به إلى الحرب للهروب من استحقاقات هذا الفشل، الأمر الذي يؤدي من ناحيته إلى تأجيل الانتخابات، واستمراره على رأس السلطة والحكومة من ناحية ثانية.
ولأن هناك «حروباً صغيرة» تجري حول غلاف قطاع غزة، من خلال إطلاق صواريخ متبادلة، وإجراءات إسرائيلية متواصلة، فإن أحداً لا يلحظ أن مستوى التهديد على تخوم هذا الغلاف قد تزايد في الآونة الأخيرة، ومع استنفار الجيش الإسرائيلي في الشمال، إلاّ أن إمكانيات تفجّر حرب واسعة في الجنوب، قد تشكل حلاً لنتنياهو، الحرب في الشمال قد تجر إلى حرب إقليمية، أما في الجنوب، فإن الحرب، هي حرب عادية «محلية» جرت قبل ذلك ثلاث مرات دون أن يفزع للفلسطينيين أي أحد، ورغم كلفة هذه الحرب، فإن تكاليفها السياسية والبشرية ربما تظل أقل من تكلفة أي حرب إسرائيلية أخرى؟!
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"