شمس نيوز/ القدس المحتلة
تمكنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من ابتكار أول مقبرة ذكية داخل نفق كبير أنشأ في أعماق جبال مدينة القدس المُحتلة.
وبحسب صحيفة "القدس" المحلية، فإن الابتكارات الإسرائيلية المتطورة والتي يُطلق عليها اسم "الأمة الناشئة"، تطرقت إلى المدافن والأموات في مدينة القدس، حيث تجري حالياً تطوير وابتكار يتعلق بالأموات عن طريق إنشاء أنفاق تحت الأرض في أعماق جبال القدس على عمق 50 مترًا، عند مدخل المدينة لتتسع لأكثر من 20 ألف قبر.
وتقع أنفاق الدفن الجديدة تحت أكبر مقبرة في المدينة والتي تضم حوالي ربع مليون قبر، فيما تشهد المقبرة ازدحاما متزايدا وحاجة مستمرة للتوسع، مما يعني احتلال المزيد من الأراضي ذات المكانة والأهمية الكبيرة في المدينة.
ومن الملحوظ أن عدد السكان "الإسرائيليين" في تزايد طردي، فيما حاجتهم إلى مساحات للدفن ثابتة ومحدودة، حيث تشير إحصاءات إلى وفاة ما بين 3000 إلى 4000 شخص سنويًا، فيما تنفد خيارات الدفن التقليدية فيها تباعا، مما أدى إلى تبني مدن إسرائيلية حلول الدفن العمودية.
ويهدف ابتكار "أنفاق الدفن" التي من المقرر أن يتم افتتاحها نهاية شهر أكتوبر من هذا العام، إلى تحقيق ترابط قوي ومثير للاهتمام ما بين الابتكار الحديث والتاريخ القديم في إسرائيل.
وبالعودة إلى القرن الثاني الميلادي، أكد مؤرخون تاريخيون أن اليهود كانوا قد قاموا بدفن موتاهم في أنفاق مماثلة، فيما كانوا يواصلون حياتهم بشكل طبيعي فوق تلك الأنفاق.
وتحرم الديانة اليهودية حرق الجثث حتى وإن كان هناك ازدحام كبير في العقارات أو ارتفاع كبير في أسعار المقابر.
وقال عدي الفنداري مدير تطوير الأعمال في شركة (رولزور للأنفاق المطورة) القائمة على تنفيذ مشروع "أنفاق المقابر"، ان ابتكار مثل هذا الحل يعتبر بداية لحقبة جديدة في كل ما يتعلق بالدفن، لافتا الى أن الحاجة إلى المزيد من المدافن خاصة في المدن الكبرى، في ازدياد كبير وواضح.
وأضاف الفنداري، أن "الفكرة لاقت ترحيبا وتقبلا كبيرا في أوساط المسؤولين اليهود المتدينين، خاصة أن الموت لا يتوقف والموتى بحاجة إلى مدافن جديدة وأماكن أوسع".
ويعتبر مدير عام شركة رولزور للأنفاق أريك جلازير، هو صاحب فكرة فتح أنفاق المقابر، بعد زياراته المتكررة للقدس والتفكير بابتكار أنفاق المقابر للحد من التوسع نحو المزيد من الأراضي في القدس، واستثمار تلك الأراضي في مشاريع أخرى تفيد الأحياء فيما يمكن للأموات أن يستريحوا في مقابرهم.
وتعتبر غربي القدس من أقدس المواقع اليهودية، حيث أنها تشكل الوجهة لليهود من خارج المدينة الذين يريدون أن يدفنوا موتاهم فيها.
وبدأت أعمال الحفر في نفق القبور في عام 2014، في حين سيتم افتتاح جزء منه للدفن بواقع ثمانية آلاف قبر، تم إنشاؤها بما يتماشى مع قوانين الديانة اليهودية.
ويراعي المشروع السمات الجيولوجية المختلفة التي واجهها العمال الذي أشرفوا على عمليات البناء، خاصة وأن الجبل الذي يتم الحفر فيه كان له سماته ومفاجآته الخاصة.
وعن ذلك، قال الفنداري "تمكنا من الحفر في بعض الأماكن في الجبل لأن الصخور كانت قوية كفاية للحفر بها وبالإمكان ثقبها دون التقليل من قوتها، في حين لم نستطع الحفر في أماكن أخرى".
وبعض أجزاء المدافن عبارة عن منافذ مبنية بينما بعضها الآخر عبارة عن لحود محفورة، أما القسم الثالث من الموقع يضم مدافن تقليدية.
واشار الفنداري الى أنه "مع إحياء طريقة الدفن القديمة، جاءت الرغبة في إنشاء مشروع يستخدم تقنية العصر الحديث لزيادة الراحة وسهولة الوصول إليها، وستكون مدينة ذكية للأموات".
وبحسب، فإن جعل المنطقة تحت الأرض مكانًا هادئًا للزيارة يأخذ الكثير من التفكير والتقنيات، بدءًا من نقل الهواء والتهوية والضوء.
وأشار إلى انه سيتم تعيين الموقع باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وستوفر شركة الدفن تطبيقًا يوجه الزائر إلى موقع القبر بالضبط، حيث انه سيكون هناك إمكانية لاستقبال الاتصالات الخلوية في جميع أنحاء المقبرة.
بالإضافة الى ذلك، حسب ما يقول، ستكون الإضاءة قابلة للتعديل أيضًا طوال الوقت، فيما من المقرر أن يتم تنشيط الإضاءة الأقوى للاحتفالات أو دعوات الصلاة من خلال أجهزة الاستشعار.
وحسب التخطيط البنائي لمقبرة النفق، فإن كل قبر يحتوي على عدة طبقات من المواد المانعة للتسرب، حيث تم تثبيت أنابيب التهوية الضخمة للمساعدة في الحفاظ على درجة حرارة ثابتة ومريحة يوفرها النفق بشكل طبيعي، بما يضمن عدم تسلل صيف القدس الحار أو برودة الشتاء القارسة إلى النفق.
ولم تغطِ التكلفة التقديرية للمشروع التي بلغت 50 مليون دولار أمريكي، سوى حوالي 5 في المائة من مساحة الجبل، مع إمكانية الزيادة في البناء في حال بقيت هذه الطريقة مفضلة لدى اليهود في عمليات الدفن.
وتتوقع شركة رولزور للأنفاق أن يمتلأ 23 ألف قبر خلال عشرة أعوام فقط.
وقال الفنداري إن "هذه المقبر هي الوحيدة الموجودة تحت الأرض في عالمنا الحالي، مما يعني أنه يجب علينا اختراع كل شيء".
وأضح أنهم استخدموا "تقنيات شائعة ومعروفة وأخرى جديدة تم ابتكارها بما يخدم تلك المقبرة بتقنيات حديثة جدا، قادرة على تحمل المخاطر، والرغبة في الحفاظ على إمكانية العيش فوق الكوكب".
وشدد على أن هذا المشروع يحافظ على البيئة العامة، حيث لم تعد هناك حاجة إلى قطع المزيد من الغابات والأشجار واستخدامها من أجل اقامة المدافن أو غيرها.
ولاقى المشروع اهتماما دوليا كبيرا، خاصة مع اقتراب افتتاحه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مع ازدياد قناعة أصحاب المشروع على أن اعتماد الأنفاق كمدافن بات منطقيا في ظل ازدحام المقابر بالموتى.
وتم تمويل المشروع الحالي في القدس بشكل خاص من أكبر جمعية للدفن في القدس الا ان نجاحه سيدفع الحكومة الاسرائيلية لتمويل مشاريع مماثلة من أجل توفير خدمة أساسية يحتاجها المواطنون بشدة، على حد قول القائمين عل المشروع.