غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

محاولة إسرائيلية "لسلام أحدب" مع بعض دول الخليج العربي

د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

شيئ مثير للعجب ومثير للتساؤل حول صمت الطرف العربي ومقلق في ذات للجميع والعالم الذي عادة ما ينادي بالسلام الشامل والعادل وليس الفلسطينيين فقد يعتبر تهديد للدور الدولي والتخلي عن استراتيجية تحقيق السلام العادل في المنطقة وترك اسرائيل تعبث بمصير السلام الشامل كما يحلوا لها وبما يحقق غرورها وكبريائها ومشاريعها العنصرية. وكل هذا يتضح الان هو محاولة اسرائيل ازاحة الصراع عن مركزة الحقيقي وتفتيت ملفاته وتصفية الحساب وتحييد بعض الدول العربية من خلال الولوج في عملية "سلام احدب" في منطقة الخليج العربي لتحقيق سلام وهمي وانهاء صراع تدعي إسرائيل انه قائم بينها وبين تلك الدول، إسرائيل من جديد تريد ان تتملص من المسؤولية الحقيقية عن التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة وتحاول ان تقول ان سلاما ما سوف يحقق الامن والاستقرار مع دول الخليج العربي دون ان يتحقق السلام مع الفلسطينيين او تلجأ إسرائيل لطاولة المفاوضات تضطر فيها للاعتراف بحقوق سياسية تقود لتقرير مصير الشعب الفلسطيني و بالتالي تقبل بقيام دولة فلسطينية علي اساس قرارات الشرعية الدولية وعلي اساس مرجعيات عملية السلام واهمها مبدأ حل الدولتين والارض مقابل السلام . فلسفة خرقاء وازاحة عمياء ورائها اهداف كبيرة تريد اسرائيل تحقيقها واولها الالتفاف على الصراع مع الفلسطينيين واعتباره الا صراع وتقديم الحلول التي ترتئيها مناسبة لها بعد ضم اراضي الضفة الغربية على الحدود الشرقية اي غور الاردن وشمال البحر الميت.

صاحب هذه الفلسفة اليوم وزير الخارجية الاسرائيلي "يسرائيل كاتس" الذي بدأ منهمكا في اعداد مبادرة ومناقشتها مع من استطاع الالتقاء به من وزراء الخارجية العرب علي هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 74 في نيويورك , هذه المبادرة ترمي الي عقد اتفاق دفاع مشترك بين اسرائيل وبعض الدول العربية علي اعتبار ان الطرفان وجهة واحدة لتهديد واحد وهو التهديد الايراني وهذه المبادرة تنهي بالمقابل حالة الصراع بين إسرائيل ودول الخليج التي بقيت وعاشت لعقود بسبب الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية والعبث بعملية السلام زمنا طويلا والتهرب من استحقاقاتها . يعتقد كاتس انه بهذه الخطة سينهي حالة النزاع بين اسرائيل والدول العربية في الخليج العربي وقال انها خطوة تاريخية تنهي النزاع وتمكن التعاون المدني حتي توقيع الاتفاقية واعترف كاتس بانه قد قدم هذه الخطة الي العديد من وزراء الخارجية العرب علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية وايضا ناقش هذه الخطة مع مبعوث ترامب المستقيل لعملية السلام جيسون غرينبلات ، وحسب التقارير الاعلامية الاسرائيلية فان "يسرائيل كاتس" اتفق مع بعض من وزراء الخارجية العرب تشكيل فرق عمل لدفع توقيع معاهدة بهذا الاتجاه بين اسرائيل ودول الخليج العربي .

يسرائيل كاتس كغيره من دهاقنة الحقد الصهيوني واصحاب نظريات المكر العنصري المنزرع في اعماق النفس الصهيونية يريد ان يطبع مع العرب علي حساب القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية تحت زريعة حالة وهم صنعتها إسرائيل واطراف اخري بالإقليم علي اعتقاد ان العرب سيهرولون الي إسرائيل طالبين الحماية من التهديد الايراني ومن خلال هذا المدخل تحقق اسرائيل حالة من التطبيع الكبير مع دول الخليج ينعكس عليها اقتصاديا وسياسيا وامنيا وفي نفس الوقت يضعف الموقف الفلسطيني المطالب بحق تقرير المصير في دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس , لعلي ادرك ان الكثير من العرب بدأوا يدركوا ان التهديد الايراني الذي تتحدث عنه إسرائيل والولايات المتحدة التي كانت تريد المال لوقف هذا التهديد والدفاع عن العرب مبرمج بدقة وعلي اعلي المستويات بين امريكا وإسرائيل وايران نفسها . ولعل أدرك ان كل الدول العربية بالخليج لا تستطيع ان تقدم على مثل هذه الخطوة الخطيرة ليس لأنها تعرف فقط انها قد تساهم في تصفية القضية الفلسطينية بل لأنها ايضا لا تتجرأ ان تقدم على هذه الخطوة طالما العربية السعودية تمانع في ذلك ولا تقبل باي شكل من الاشكال السماح لإسرائيل بالتسلل الي العمق العربي بما تريد إسرائيل.

محاولة اسرائيلية للدخول للعرب من خلال خطوط التفافية كالتي اعتادت ان ترسمها في التعامل مع قضايا الصراع العربي الاسرائيلي ومن خلال هذا الطريق الالتفافي الذي تعتقد إسرائيل انها ستنجح فيه ان اجلا او عاجلا بسبب التوتر بين العرب انفسهم اي قطر والسعودية والامارات والحروب الدائرة الان بين السعودية واليمن والتي هي في جوهرها ساحة للعب الكبار كساحة سوريا والتي تحتاج فيها السعودية والامارات الي المزيد من السلاح ومزيد من التحالفات في وجه التمدد الايراني والحروب بالوكالة التي نجحت فيها ايران وحلفائها السريين حتي الان وهددت العمق العربي ومواقعه الاستراتيجية وكل محطات تكرير البترول وخطوط التصدير . محاولة اسرائيل بائسة لن تفضي الي اي عملية سلام حقيقي وان حدث ذلك سيكون "سلام احدب" بمعني سلام بين إسرائيل ودولة واحدة بالخليج العربي ليس اكثر، وهنا تكون إسرائيل قد وجدت طريق التفافي علي الاقل لعمق الخليج العربي ما يفتح لإبرام تفاهمات مع بعض الدول في قضايا اقتصادية وامنية لكن لن تصل بالمطلق الي حالة سلام حقيقي تكون فيه العربية السعودية علي رأس اي اتفاق قبل ان ينتهي الاحتلال الاسرائيلي ويطبق مبدا حل الدولتين حسب المرجعيات الدولية وقرارات الامم المتحدة، وبالتالي لن تدخل إسرائيل الي ثوابت الفلسطينيين من خلال العمق العربي ولن يتحقق اهم ما تتضمنه مبادرة السلام الامريكي المسماة " صفقة القرن" .

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".