بقلم/ د. هاني العقاد
منذ فترة طويلة والاعلام الفلسطيني يتناول موضوع في غاية الخطورة ويعرفه وكانه شيئاً مختلفاً في المكون والاسم والمرجعية الا وهو "فصائل غزة وفصائل الضفة الغربية" وكأننا اصبحنا بالفعل منطقتين جغرافيتين لا ارتباطات سياسية بينهما ولا ارتباط اجتماعي وطني ولا فكري ولا تنظيمي بين المكونات السياسية في غزة والضفة , لم تكن صورة هذا المشهد واضحة في البداية حتي للمراقبين السياسيين الا في الفترة الاخيرة التي بتنا نشعر ان هناك هياكل تنظيمه مختلفة للهياكل التنظيمية لمعظم الفصائل الفلسطينية , وقد تكون بعض الفصائل لها وجود بغزة ولكن ليس لها وجود ظاهري بالضفة الغربية وتستطيع ان تعمل بالتوافق مع بعض الفصائل هنا في غزة دون ان يكون لها اي توجهات سياسة هناك , وهذا قد يفسر بان بعض قيادات الفصائل لا تستطيع الكشف عن نفسها هناك وقد نقبل هذا الي حد ما , لكن ان تكون نفس الفصائل ونفس المرجعيات ونفس التنظيم هنا في غزة بتوجه وهناك بالضفة الغربية بتوجه مختلف فان هذا الخطير والذي قد يطرح العديد من الاسئلة ويضع مائة علامة استفهام في نهاية السطر .
الامر بات مقلق بكل تفاصيله الانقسام وصل العينين واعمي عيون الفصائل الاخري حتي بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فقد بات كثير منها له رأي مختلف في بعض القضايا الخلافية بين حماس وفتح وبات الرأي مختلفا لنفس الفصيل في الضفة عنه في غزة والمشهد بات جملة من التصريحات المتناقضة والتي تحمل في طياتها اخطر ما وصلنا اليه بعد ثلاث عشر عاما من الانقسام , كل طرف من اطراف الانقسام اخذ يجمع حوله القبائل التي تعيش بالقرب منه مقدما الكثير من المغريات المادية والمعنوية , تكتل فصائلي هنا في غزة وتكتل فصائلي اخر بالضفة بوجهات نظر مختلفة واراء مختلفة في كافة القضايا , هنا تكتل يؤيد وجهة نظر حماس تجاه قضايا عديدة تعني بالشأن الفلسطيني وتؤثر في الراي العام الوطني الحالة وصلت لان يصبح راي كل تكتل نسخة كربونية من راي الهرم السياسي في كل من غزة والضفة , فصائل الضفة تتبني وجهة نظر السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في العديد من القضايا واهمها المصالحة الفلسطينية فقد كشفت الايام الماضية عن اعمق خلاف في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية عندما بادرت الفصائل الثمانية بتني مبادرة للمصالحة الفلسطينية واستعادة الوحدة الفلسطينية , هذه الفصائل تتبني ما تؤمن بخارطة حركة حماس للمصالحة دون اجماع لنفس الفصائل بالضفة الغربية , وبالمقابل بعض فصائل الضفة اجتمعت واصدرت بيان مهم يتبني ضرورة تطبيق اتفاقات المصالحة الفلسطينية واهمها اتفاق 2017 للاستكمال تولي حكومة الوفاق الوطني ادارة قطاع غزة .
اضطرت اللجنة المركزية للانتخابات العامة للتعامل مع هذا الواقع بمجرد ان أصدر الرئيس توجيهات لها بالتحرك والتجهيز لتنفيذ الانتخابات بدأت بعقد اجتماعات مع فصائل الضفة الغربية وطرحت عليهم ما لدي اللجنة من رؤي تتيح تنفيذ الانتخابات بكل شفافية وبالمقابل ستتوجه ذات اللجنة الي غزة وتعقد اجتماعات مع فصائل غزة لذات الموضوع وبات الامر وكأنه اقليمين منفصلين. لا اعترف كيف لفصيل سياسي يتبع منظمة التحرير الفلسطينية يتمتع بازدواجية في الراي حسب السلطة الحاكمة، فهل هذا يعني ان الانقسام بات ابلغ من ان تتوحد الفصائل زاتها هنا في غزة وهناك بالضفة وتجمع على امر واحد ورؤى واحدة وتصدر بيان واحد للجنتها المركزية او مكتبها السياسي يلزم الجميع. اليوم اختلفت الفصائل ايضا على استضافة فلسطين لمنتخب السعودة لكرة القدم في غزة اعتبروها تطبيع ولا يجوز ان تعقد هذه المباراة على ارض فلسطين وفي الضفة اي فصائل الضفة اعتبرت هذا الامر نصرا لفلسطين وتجسيدا حقيقيا لعلاقة دولة لدولة بين السعودية وفلسطين وفي إطار تعزيز العلاقات الوطنية التي تتبناها السعودية باتجاه الدولة الفلسطينية.
الامر ليس مسألة عادية ظهرت في ظروف عادية فرضت على الشعب الفلسطيني، المسألة أخطر ما نتوقع وتنذر فعليا بخطر توجهات سياسية مختلفة وبرامج سياسية مختلفة وهذا بالفعل يقود الي الانفصال السياسي الكامل بل والجغرافي والذي بدوره سيؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية برمتها. سلطتان وفريقان سياسيان يتباريان لحشد ما يستطيع حشده كل منهم من اجل مساله أكبر من تنسيق المواقف كل له عصبته وكل يستخدم عصبته ضد الاخر والخاسر الاول والاخير الكل الفلسطيني والخاسر من أثرى هذه النزعة القبلية البعيدة عن منطق المصلحة العامة فما يجري مصالح خاصة وما يتم تجنيده ما هو الا اداة تنتهي بزوال المسبب اي الانقسام لان اوراق كثيرة تحرق ومواقف كثيرة تكشف وتذهب الغيوم وتظهر السماء وتكشف الشمس زيف كل ما هو على الارض. المسؤولية اليوم مسؤولية الفصائل الذين زجوا بأنفسهم في اتون الانقسام ولم يبقوا على الحياد او يقولوا كلمة سواء منهم انزاح كليا بفكرة وعقيدته وحتى برنامجه السياسي، كل يناصر طرف وكل يؤيد طرف والكل خاسر. لعل المطلوب الان مراجعات حقيقية من قبل قيادة الفصائل لمواقفها من قضية الانقسام ومعالجات حقيقية تعمل على اعادة صياغة المواقف بما تتطلب المرحلة من ادوار وطنية لا ادوار تعمق الشق وتؤلب النفوس وتقوي المنقسمين وتحقق لقادتهم غرورهم وكبريائهم السياسي