قائمة الموقع

حبل إنقاذ أم القشة التي ستقصم ظهر البعير

2019-10-31T09:05:00+02:00
طلال عوكل

بقلم: طلال عوكل

منذ أن أعلن الرئيس محمود عباس من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، عزمه على إجراء انتخابات شاملة، وهذا الملف يشغل الوضع الفلسطيني برمته بين متفائل ومتشائم. يجري الحديث بشأن الانتخابات عن ضغوط، أو طلبات او نصائح دولية، بالتأكيد في حال صحة ذلك، فإنها ستكون من أطراف داعمة لرؤية الدولتين، والحق الفلسطيني عموماً.

مرة أخرى، إذا كان ذلك صحيحاً، فإنه يعكس ما يعانيه المواطن الفلسطيني من خيبات أمل متتالية، إزاء إمكانية نجاح الفلسطينيين في إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة كهدف لا تفوقه أهداف أخرى. لعل السؤال الأهم الذي يطرح في ضوء ما يجري هو ما اذا كانت الانتخابات في حال إجرائها، مدخلاً مناسباً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، أم ان تحقيق المصالحة هو المدخل الصحيح والسليم، لإجراء انتخابات شاملة تعيد صياغة الوضع الفلسطيني برمته. جذر المشكلة هنا، يكمن في ان الأوضاع الفلسطينية الداخلية تعاني منذ ثلاثة عشر عاماً، من أوضاع وظروف استثنائية غير طبيعية، فهل يمكن للمداولات الجارية ان توفر عوامل مناسبة لتطبيع هذا الوضع، ولو بشكل نسبي، يسمح بإجراء انتخابات طبيعية؟

في الواقع فإن المشهد العام الفلسطيني على مستوى دون السياسي الفوقي الذي يتداول هذا الملف، لا يؤشر إطلاقاً على أن ثمة استعدادات حقيقية أو ترتيبات، لضمان فوز هذا الفصيل أو ذاك، ممن يتنازعون قيادة الشعب الفلسطيني.

مع الأسف ثمة من المثقفين والكتّاب من دخل في دائرة التبشير لصالح هذا الطرف، وضخ مناخات إيجابية، وكأن الانتخابات إن جرت ستؤدي إلى تحريك المياه الراكدة.

يستند هؤلاء إلى أن الجواب الإيجابي الذي حصل عليه الدكتور حنا ناصر ورفاقه في دائرة الانتخابات المركزية من حماس، والفصائل في قطاع غزة، قد أزاح الكثير من العقبات الأساسية أمام إمكانية ان يصدر الرئيس عباس، مرسوما بذلك خلال فترة قصيرة.

يبدو أن ثمة من كان ينتظر ان تبدي حماس موقفا سلبيا، إن هي تمسكت بما كانت تواظب على إعلانه، بما يعكس مطالبتها بإجراء انتخابات متزامنة تشريعية ورئاسية، مع بعض المرونة إزاء الانتخابات المتعلقة بالمجلس الوطني.

تدرك حماس بأن ثمة من يراهن على موقف سلبي، يجعلها تتحمل المسؤولية عن رفض إجراء الانتخابات، ولذلك فإنها بادرت الى الموافقة، ولكن مع ما يمكن اعتباره شروطا أخرى، تبدو منطقية. اذا استثنينا الموقف الإسرائيلي ليس إزاء موضوع الانتخابات في القدس فقط، وإنما إزاء إمكانية ان تؤدي هذه الانتخابات الى إنهاء الانقسام، فإن ثمة قضايا أخرى او عقبات تحتاج إلى توافقات وطنية، وإلا تحوّل المناخ الإيجابي الذي عاد به الدكتور حنا ناصر الى رام الله، الى ساحة صراع واتهامات متبادلة، كل يحاول ان يلقي بالمسؤولية على الآخر.

حماس ألقت بالكرة في ملعب الرئيس عباس وحركة فتح، حين طالبت بلقاء قيادي مقرر، يفصل في الرؤية السياسية التي ستجري عليها الانتخابات، وفي موضوع قانون الانتخابات وآليات إجرائها.

عودة مرة اخرى الى الحوار، ومن مدخل انعقاد اجتماع قيادي فلسطيني، لو كان بالامكان ان يجد طريقه الى النور، لكان قطار المصالحة، قد اتخذ سبيلاً آخر غير السبيل المعطل الذي توقفت عنده الأمور.

لا ندري ما الذي سيكون عليه قرار الرئيس بخصوص ما تقدمت به حماس والفصائل في قطاع غزة، وان كان ثمة مجال للتكهن فإنني اعتقد ان الرئيس لن يوافق على ما تقدمت به الفصائل.

ثمة سؤال يخطر على البال، وهو: هل الفلسطينيون بحاجة مرة أخرى لانتخابات مجلس تشريعي؟ أم أن الحديث عن إمكانية إعلان دولة مستقلة تحت الاحتلال يحتاج الى مجلس تأسيسي؟ المهم أن أحداً لا يتطوع من القيادات الفلسطينية النافذة، لكي يشرح للناس، مدى أهمية الانتخابات، وما الذي سيكون عليه الوضع الفلسطيني بعد إجرائها.

في هذا السياق، لا اجد مبررا لإجراء انتخابات دون توافق وطني على انهاء الانقسام واستعادة الوحدة. إذا كان الحديث يدور عن تجديد الشرعيات، ولا يستطيع احد ان يتجاهل مدى اهمية ذلك، فإن لا شيء يضغط لمثل هذه العملية، ما لم تكن في أجواء وحدوية. في الواقع فإن الرئيس يمارس دوره وصلاحياته كرئيس شرعي، ويتخذ ما شاء من قرارات، وهو يتحرك في كل أنحاء الأرض، دون أن يواجه سؤالاً حول الشرعية.

أما عن المجلس التشريعي، فقد كان لدينا واحد، كان انتخابه في الأصل، الخطوة الأولى في طريق وقوع الانقسام، وما كان له، ولا سيكون لمجلس جديد، أي قدرة على إنهاء الانقسام، ذلك ان الوقائع على الأرض، أصعب من أن يتم تجاوزها، عبر قرارات أو قوانين تصدر عن مجلس تشريعي.

إذا كان بالإمكان أن تجري الانتخابات فليكن، ولكن إذا لم يكن بالمستطاع التوافق حول إجرائها، فعلى الأقل ان لا يتسبب ذلك في اندلاع موجة جديدة من الاشتباك، والتطاول على الحريات، بما يعمق أزمة الثقة، ويعمق الانقسام، ومعانيات الناس.

صحيفة الأيام 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

اخبار ذات صلة