بقلم: صابر عارف
منذ أشهر وسنوات وقيادة حركة فتح ورئيسها محمود عباس (ابو مازن) وهم يتاجرون في الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية، ومن وقت لآخر يصدرون بيانا هنا وتصريحا هناك يعدون فيه باجراء الانتخابات، وكان آخر ما صرح به عباس في كلمتة أمام الأمم المتحدة بانه سيعلن عن الانتخابات فور عودته للوطن، مكررا ما قاله في شباط الماضي عندما طلب من الدكتور حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات بان يطلعه على استعدادات لجنة الانتخابات لاتمام الانتخابات خلال ستة أشهر.
يومها كتبت مقالا قلت فيه بوضوح، ما زلت أعتقد بأن لا أحد من الرسميين، لا في الساحة الفلسطينية وخاصة قيادات حركتي فتح وحماس رائدتي الانقسام الفلسطيني ولا في غيرها من الساحات العربية بما فيها مصر السيسي والاسرائيلية والدولية يرغب باجراء انتخابات فلسطينية حقيقية لاختيار ممثلي الشعب الفلسطيني وقادته، ولإستخدام آخر وسيلة بقيت أمام الشعب لإنهاء الانقسام الفلسطيني المدمر الذي صنعته الحركتان الحمساوية والفتحاوية كي يبقى الوضع الفلسطيني مهلهلا ضعيفا منقسَما يسهل التلاعب فيه ويبقى هشا غير قادر على مواجهة المخططات والمؤآمرات التي تحاك ضده .
ومضت الشهور الستة وامامنا اشهر اقلها ثلاثة حتى لو صدر مرسوم اجرائها غدًا، ولم تتم الانتخابات، واليوم أكاد ان أقول القول ذاته لولا ترحيب مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف بها، الذي اعرف جيدا عمق صلاته وتواصله بالسلطات الإسرائيلية، والذي لا ينطق بلسانه البلغاري، والذي قد يكون رفع الفيتو الاسرائيلي على اجراء الانتخابات في القدس، ومع ذلك فالحذر خاصة من الجانب الاسرائيلي المستقوي بالصلف الترامبي الامريكي واجب بالرغم مما يشيعونه من اجواء الأمل والتفاؤل بعد تاكيد عباس يوم الأحد الماضي لرئيس لجنة الانتخابات على أهمية استمرار جهوده للوصول إلى تذليل كافة العقبات، مشددا على أهمية مواصلة جهوده واتصالاته بهذا الشأن بعد اجتماعاته في قطاع غزة، والتي أشار فيها إلى وجود تقدم من قبل حركة حماس التي أكد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بعد استقباله نيكولاي ميلادينوف حرصه على إنجاح الانتخابات العامة والشاملة وصولًا إلى إنهاء كامل للانقسام الفلسطيني. مؤكدًا موقف حركة حماس الإيجابي وجاهزيتها لإنجاح الانتخابات. وبعد ما قاله يحيى السنوار زعيم حماس في غزة خلال لقاء جمعه مع شباب الكتلة الاسلامية لحركة حماس،، إننا جاهزون للانتخابات، وسنذلل كل العقبات، لأنها فرصة للخروج من المأزق الفلسطيني”.
الحذر واجب، لانني وللأسف لا أثق بما تقوله قيادتي الحركتين صانعتي الانقسام، ولكن علينا الاستعداد لأحسن الاحوال وليس لأسوئها فقط. وعلينا الاستعداد وكأن الانتخابات ستعقد وفق تواريخها المفترضة التي يجب ان نناضل من هذه اللحظة للعمل من اجل :
اولا: أن تتزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية معا وهذا ما ترفضه قيادة الامر الواقع التي يجب أن تواجه بموقف شعبي متماسك حول هذا المطلب والموقف الوطني، ولكنه مفقود وللأسف الشديد.
ثانيا : العمل على تشكيل قائمة وطنية مستقلة عابرة للفصائل والأحزاب التي انتهى دورها بعد فشلها الذريع في انجاز مهمة التحرر الوطني طيلة نصف قرن من الزمن، وهي من تراجع إلى تراجع وبعد فشلها في تحقيق أي هدف وطني حقيقي سوى الحفاظ فيما مضى على الهوية الوطنية الفلسطينية، ولما استحدثته من فساد وتمزيق في المجتمع الفلسطيني الذي كان يفاخر عبر التاريخ بقيمه واخلاقه التعاونية التضامنية، وبوحدتة وتماسكه المجتمعي اللاطائفي واللامذهبي .
إن الشعب الفلسطيني بامس الحاجة اليوم لتجاوز الطائفية الفصائلية التي عاثت في الوطن والشعب فسادا وتخريبا وتدميرا للقيم والمبادئ السامية التي عاشها عبر تاريخه المجيد.
لقد بات واضحا ان الشعوب العربية كما في لبنان والعراق وتونس وغيرهم من الاقطار العربية قد فقدت الثقة بالحزبية وبالنظام الحزبي الذي شكلته الطوائف والقبائل العربية على شكلها ونمطها الفئوي الخاص بها، الذي لم يرتقي لمستوى الوطن كما هو حال الاحزاب في بقية انحاء العالم الذي ازدهر وتطور بانظمته الحزبية المعاصرة، واذا كان حال العرب كذلك، فان الحال الفلسطيني أكثر حزنا ومأساوية بعد ان قسم نفسه لطوائف سياسية تحت عناوين ومسميات فصائلية.
سأدعم بكل قوة تشكيل قائمة وطنية كهذه وان لم أكن فيها كمرشح لانني اعتقد بان هذا الزمان ليس لامثالي، فحلمي اكبر مني ويكفيني التبشير به، وبما قدمت في الزمن الجميل الذي مضى من أمجاد اعتز وافتخر بها.
عن صحيفة الرأي اليوم
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"