بقلم/ د. هاني العقاد
الانتخابات الفلسطينية استحقاق ديموقراطي تعطل لأكثر دورتين انتخابيتين وبسبب هذا التعطيل تعطلت الارادة الجماهيرية لتحديث ممثلي الشعب وفشلت كل المحاولات الاقليمية والدولية لاستعادة الوحدة الوطنية وحماية الصف الوطني ما كان له إثر كبير على واقع قبول المجتمع الدولي للانقسام على انه امر واقع، لذلك رأت امريكا وإسرائيل ان الفلسطينيين قدموا اهم مشروع للتسوية في تاريخهم وهو فصل غزة عن الضفة جغرافيا وسياسيا ولعل هذا فتح الباب على مصراعيه لتدخلات خبيثة في الشأن الفلسطيني.
القيادة الفلسطينية والفصائل للأسف تدرك مخاطر هذا لما له من اثار مدمرة للمشروع الوطني وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية بمجملها , لذا كان موضوع الانتخابات ملف هام من ملفات كل الاتفاقات الي وقعت في القاهرة والدوحة وحتي مكة والشاطئ لان الجميع يدرك ان كل الشرعيات انتهت ولم يبقي منها الا المسميات وخاصة البرلمان الفلسطيني الذي لم ينجز مشروع قانون واحد منذ ان حدث الانقسام ومن هنا كانت دعوة القيادة الفلسطينية للانتخابات دعوة مسؤولة بالتالي ارسال رئيس لجنة الانتخابات السيد حنا ناصر الي غزة والذي نجح في تحليل مواقف الفصائل ايجابيا والحصول على موقف ايجابي مكتوب من حركة حماس بالقبول بالانتخابات وتذليل كل الصعوبات .
قلنا منذ البداية المشكلة ليست هنا في غزة بل المشكلة عند إسرائيل وهي التي ستعطل الانتخابات برفضها اجراء اي انتخابات في القدس ولسكان القدس وخاصة بعد اعلان ترامب القدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الامريكية للقدس والظهور في حالة الشريك للاحتلال عنه من الوسيط لعملية السلام التي اعلنت وفاتها بتلك المراسيم.
اليوم وصلنا للمرسوم الرئاسي لتحديد تاريخ الانتخابات التشريعية والرئاسية وبات الجميع امام انتظار هذا المرسوم الذي سيعطي اللجنة المركزية للانتخابات العامة في فلسطين صافرة البدء بالجدول الزمني للانتخابات وبالتالي سنقف عن اول محطة في هذا الجدول الزمي علي بوابة القدس فقد لا تسمح اسرائيل لطواقم لجنة الانتخابات بالعمل داخل المدينة لتحديث السجل الانتخابي ومن ثم النشر والاعتراض والسير اجرائيا في التجهيز ليوم الاقتراع، السؤال الذي يأتي عند هذا الموقف هل سنجري الانتخابات في الضفة والقطاع واسرائيل تمنعها في القدس ..؟ واقول اذا وافق احد علي هذا فانه اعطي اسرائيل ما تريد واعلن موافقته للخطة الامريكية، تقول التقارير الان ان الوسطاء واطراف دولية متعددة تضغط علي اسرائيل للامتناع عن تعطيل الانتخابات الفلسطينية في القدس وفي هذا الاطار فان القيادة الفلسطينية رفضت رفضا قاطعا حلول وسط تبني علي اساس فكرة أن تعقد الانتخابات في الضفة والقطاع ويشارك سكان مدينة القدس بالانتخاب في مراكز اقتراع تقام في مناطق فلسطينية قريبة من حدود المدينة المحتلة وتم ابلاغ تلك الاطراف برفض القيادة رفضا قاطعا لتلك الافكار التي تروج لها إسرائيل لان مشاركة سكان القدس بدون أن تكون المدينة مركزا ومكانا للاقتراع يحقق لإسرائيل سيادة علي المدينة المقدسة.
بعد هذه المعطيات يأتي سؤال كبير، ما الخيار الفلسطيني إذا ما كان لدينا مرسوم رئاسي ورفضت اسرائيل السماح للفلسطينيين في القدس بالانتخاب والترشح ..؟ وما السيناريو الفلسطيني إذا ما عطلت اسرائيل بالممارسات الاحتلالية اقامة مركز انتخابي في القدس وقامت باعتقال الطواقم والمرشحين ضمن مختلف القوائم ورؤساء الحملات الانتخابية.
لعل وقف الانتخابات نهائيا امر غير مقبول والانتظار الي ما لا نهاية حتي تسمح الظروف وتضغط الكتل المركزية بالعالم علي اسرائيل ايضا غير معقول، اختيار اساليب الكترونية وبريدية للتصويت والانتخاب امر في غاية الخطورة وخاصة اننا امام معركة سيادة فلسطينية علي ارض وسكان ومقدسات القدس وبالتالي فان السيادة علي القدس بنظري اهم من اجراء الانتخابات في غزة والضفة، في خضم تلك المعضلات علينا ان نناضل من اجل اسقاط المخطط الاسرائيلي في القدس وهو التخلص من اكثر من 350 الف فلسطينيين يقيموا في المدينة كفلسطينيين وعلينا ان نناضل من اجل اجراء انتخاباتنا في القدس.
من هذا المنطلق فان المسؤولية هي مسؤولية كل الفلسطينيين وليس مؤسسة الرئاسة وحدها لإيجاد الطريقة التي نستطيع بها ان نحقق ما نريد دون خسائر اي من ثوابتنا الوطنية ودون ضياع لاهم قضية في تاريخ صراعنا مع إسرائيل وهي قضية القدس.
الان لدينا مقاومة ولديها صواريخ متوسطة وبعيدة المدي ولدينا سواعد حديدة تستطيع ان ترمي حجارة كالصواريخ ولدينا جماهير يمكن ان تغلق بوابات الشمس ولدينا اساليب ابداعية للانتفاض في وجه اسرائيل في القدس وخارجها بالضفة وعلي حدود القطاع، هل نستطيع ان نفعل ذلك بالإسناد الدولي والاقليمي وننتزع سيادة علي القدس تبدأ بإجراء انتخاباتنا رغم عن انفهم، وهل يمكن ان تؤثر موجة انتفاضة فلسطينية كبيرة و واسعة في ذلك ..؟ لكن اشك في حدوثها ما دمنا منقسمين نناكف بعضنا سياسيا علي اتفه الامور واقول اشكل في ان توحدنا القدس او توحدنا الانتخابات الا اذا تخلينا عن التشكيك في نوايا بعضنا البعض وتخلينا عن برامجنا الحزبية لصلح الوطن. اليوم لابد من تحديد استراتيجية التعامل مع موضوع رفض اسرائيل لنا كفلسطينيين اجراء انتخاباتنا في القدس، هل ننتفض؟، هل نجريها دون القدس ...؟ هل نقبل بحلول وسط ..؟ هل نقبل بإشراف دولي ..؟ او نلغيها ونعتمد التعين ...؟ كل هذا يحتاج لإجماع وطني حقيقي يشمل الكل الفلسطيني يأتي من خلال ارادة وطنية تتجلي في حوار وطني عاجل ومسؤول يحدد استراتيجية وطنية لحل هذه المعضلة التي قد تجعلنا نخسر قدسنا ونربح شهادة دولية واقليمية بنزاهة الديموقراطية الفلسطينية.