بقلم: هاني حبيب
تتدخل الولايات المتحدة، في عهد ترامب، كما في العهود السابقة في ظل حكم الجمهوريين او الديمقراطيين، وتتلاعب في الشؤون السياسية لدى الدول الأخرى، الصديقة والحليفة والعدوة على حد سواء، وذلك من خلال سفاراتها وأجهزتها الاستخبارية، وفقاً لما ترتئيه من مصالح وتأثير على الأحداث، ورهاناً على مستقبل تظل به قائدة للعالم، هذا التدخل كما التلاعب، لا يستثني إسرائيل، الدولة الحليفة والتي تحظى بعلاقات اقتصادية. تدخلت واشنطن من خلال ما يسمى المفاوضات على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ومن خلال «خارطة الطريق» حيناً، ومن خلال دورها في عقد «اتفاقات سلام» بين إسرائيل وكل من الأردن ومصر وفلسطين.
الا ان هذا التدخل، كما التلاعب في الأوضاع السياسية والحزبية، في إسرائيل من قبل إدارة ترامب مختلف هذه المرة، لسبب جوهري، ذلك أن هذا التدخل وهذا التلاعب يأتي في سياق مصالح شخصية وفردية، أكثر من أن يكون له علاقة مباشرة برؤية الولايات المتحدة لمصالحها. جملة «الهدايا الانتخابية» التي وفرتها إدارة ترامب لنتنياهو بدأت منذ الإعلان عن خطة أو صفقة ترامب، مع الاعلان عن القدس عاصمة للدولة العبرية، ونقل السفارة الإميركية اليها، مروراً بوقف الدعم الأميركي لوكالة الغوث، وليس نهاية بالإعلان عن الجولان، تحت السيادة الإسرائيلية. توقيتات هذه الهدايا الانتخابية، كلها توازت مع الحملات الانتخابية في المرتين السابقتين، لضمان فوز نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، الا ان هذه الهدايا لم تكن كافية لتمكينه من ذلك، الأمر الذي أدى الى توجه الناخبين الإسرائيليين إلى انتخابات ثالثة في الثاني من آذار القادم، مع شكوك متزايدة حول إمكان نتنياهو من تحقيق هدفه بقيادة اليمين الى حكومة جديدة.
وأجلت واشنطن الإعلان عن صفقة ترامب، أكثر من مرة، ارتباطاً مع الانتظار حتى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، برئاسة نتنياهو، وحيث ان هذا لم يتم، فقد أعلنت إدارة ترامب أنها بصدد الإعلان عن الخطة قبل الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية الثالثة، وليس بعدها كما كان التأجيل المتكرر سابقاً، في رسالة هي الأوضح من أن واشنطن تتدخل علناً لنصرة نتنياهو ودون انتظار للنتائج، بل تتدخل في هذه النتائج قبل أن تحدث فعلاً، وهذه المرة أيضاً بتنسيق واضح ومعلن بين كل من ترامب ونتنياهو، بعدما تبين ان دعوة الأول لكل من الثاني وغانتس الى واشنطن للاطلاع على ما تبقى من خطة ترامب، جاء بطلب من نتنياهو الذي رأى في دعوة غانتس، إزاحة لأي تمييز حول موقفهما من ضم الضفة الغربية المحتلة، وباعتبار أن غانتس التحق بنتنياهو، وأن «أزرق ـ أبيض»، ما هو الا تابع يميني لقيادة نتنياهو لليمين، ما يدفع الناخب الاسرائيلي للتصويت للأصل اليميني، وقد أثار تأييد غانتس لضم الضفة، بعد اعلان نتنياهو عن ذلك، العديد من الاتهامات لغانتس من انه قليل الحنكة السياسية وضعيف في قراءة المشهد السياسي، ذلك أن اعلانه حول الضم، استفاد منه نتنياهو وجاء لصالح حملته الانتخابية، الأمر الذي ربما يدفع غانتس إلى عدم تلبية دعوة ترامب للقاء به يوم الثلاثاء القادم بصحبة غريمه نتنياهو!
وفي حال تم اجتماع نتنياهو، مع غانتس أو بدونه يوم الثلاثاء القادم مع ترامب، فإن المصالح الشخصية وراء هذه الدعوة تبدو أكثر وضوحاً للطرفين نتنياهو وترامب، فيوم الثلاثاء هو اليوم الذي ستبدأ لجنة الحصانة لدراسة رفعها عن نتنياهو، لكن الحديث عن خطة ترامب والاجتماع، ستحظى بكل التغطية الإعلامية بعيداً عن اتهامات نتنياهو ولوائح الاتهام هذه، في حين ان هذه الفوضى التي تتعلق بالإعلان عن خطة ترامب، من شأنها أيضاً توجيه وسائل الإعلام لتغطيتها وإزاحة المسائل المتعلقة بالتحقيقات حول اتهامات ترامب بهدف تنحيته، الأمر الذي يشكل مصلحة شخصية للطرفين أكثر من كونها مصلحة تتعلق بمصالح ذات طبيعة استراتيجية لكل من اسرائيل والولايات المتحدة!
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"